التقرير
الثاني لبوريس نيمتسوف: "بوتين وغازبروم"/ الفصل الثاني: إمدادات الغاز
الروسي – من سيىء إلى أسوأ.
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير الثاني:
بوتين وغازبروم
(موسكو – أيلول/ سبتمبر 2008)
تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي
عامي 1997 – 1998)
فلاديمير ميلوف
(نائب وزير الطاقة في روسيا عام 2002)
نقله من الروسية إلى الإنكليزية: ديفيد إيسّيل (2008)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)
Путин и
Газпром
(The Nemtsov White Paper, Part II: Gazprom (the
full text
Vladmir
Putin: The Bottom Line
by
Boris Nemtsov and Vladimir Milov
(September
2008)
(Translated
from the Russian by Dave Essel (2008
(Translated
from English to Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016
الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف،
زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً
من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.
الفصل الثاني
إمدادات الغاز الروسي..
من سيىء إلى أسوأ
بوريس نيمتسوف
فلاديمير ميلوف
إنَّ الإدارة المعيَّنة من قِبَل بوتين
قد شغَّلت "غازبروم" لأكثر من 7 سنوات حتى الآن، لذا ليس من الإنصاف
بمكانٍ معرفة كيف تمَّت عمليات إصدار القرارات وتطبيقها، إلا أنَّ نتائجها كانت
بائسة: فأولاً وقبل كل شيء، فشلت إدارة "غازبروم" تماماً تقريباً في جعل
أداء الشركة مهمَّتَها الرئيسة من حيث توفير إمدادات الغاز الفاعلة للمستهلك
الروسي. وقد كانت الفكرة أن "غازبروم" ستحصل على كل امتيازاتها، بما في
ذلك وضعها الإحتكاري والدعم القوي من الحكومة، في مقابل الوفاء بهذا الوعد.
ولكنَّ خلال الفترة كلها لم تكن زيادة
استخراج الغاز من ضمن أيٍّ من أهداف وغايات "غازبروم"، بل إنَّ استخراج
الغاز انخفض بالفعل في عام 2007 إلى ما يقرب من مستوى عام 1999. ومع الأخذ في
الإعتبار أنَّ حقول الغاز القديمة شارفت على النضوب، فإنَّ استخراج الغاز قد
يُمْكِنُهُ عملياً أن يتحوَّل من حالة شبه الركود إلى الهبوط الحاد.
جدول رقم 1: إنتاج
"غازبروم" (بالخط الأسود) يسير بعكس نمو الناتج المحلي الإجمالي (بالخط
الأزرق) والناتج الصناعي (بالخط الزهري)
وبالتالي فإنَّ المستهلكين الروس لم
يحصلوا على المزيد من الغاز الواصل إليهم، وكان إجمالي المعروض عام 2007 في السوق
الداخلي في روسيا 307 مليار متر مكعَّب فقط، أي أنَّ الزيادة عن عام 2001 بلغت 2%
فقط، مع الإشارة إلى أنَّ الطلب الداخلي على الغاز ارتفع خلال الفترة نفسها بنسبة
18%، أو 67 مليار متر مكعَّب سنوياً!
وهكذا فإنَّ الفجوة بين الطلب الداخلي
وإمدادات الغاز قد زادت من 72 مليار متر مكعَّب في عام 2001 إلى ما يقرب من 132
مليار متر مكعَّب في عام 2007. واليوم، روسيا مضطرَّة إلى الحصول على ثلث
احتياجاتها من الغاز من مصادر أخرى غير "غازبروم".
(الجدول رقم 2): إمدادات
"غازبروم" إلى السوق الداخلية الروسية والطلب الداخلي
لقد جرت العادة أن تُسَدَّ هذه الفجوة
بواسطة شحنات الغاز من المنتجين الروس المستقلين ومن الواردات من دول آسيا الوسطى.
ومع ذلك، ليس لدى المنتجين المستقلين سوى قدرة محدودة على التوسع في الإنتاج، أما
الإعتماد على واردات الغاز من آسيا الوسطى بأسعارٍ ترتفع بشكلٍ سريع فإنه يؤدي إلى
ازديادٍ حاد في فشل الإمدادات من قبل "غازبروم" (إقرأ المزيد أدناه).
إنَّ النقص في الغاز المعروض في السوق الداخلية،
والذي تفاقم بفعل ارتفاع التزامات "غازبروم" في التصدير، يبدو تهديداً
دائماً. وكانت "غازبروم" حتى الآن محظوظة بشكلٍ لا يصدَّق بأحوال الطقس:
ففَصْلا الشتاء الماضيان كانا معتدلين نسبياً، مما أدى إلى انخفاض ذروة الإستهلاك.
ومع ذلك، فإنَّ الطلب في أشهر الذروة في فصل الشتاء أخذ في الإرتفاع على الرغم من
الظروف المناخية المواتية.
ويتَّضح ذلك بصورةٍ غير مباشرة من خلال
ما حدث في موسم شتاء 2007 – 2008 الماضي. فمع ركود إنتاج الغاز في كانون الثاني/
يناير عام 2008 حصل ارتفاعٌ مفاجىء في سحب الغاز من مستودعات التخزين تحت الأرض.
لقد استلزم الأمر سحب كمية قياسية بلغت 50,1 مليار مترٍ مكعَّب من المخزون، أي ما
نسبته أكثر من 20% مما كانت عليه الكمية المسحوبة في مواسم الشتاء الثلاثة
السابقة. وبحلول نهاية كانون الثاني/ يناير أضحت مرافق التخزين في شركة
"غازبروم" فارغة عملياً، هذا على الرغم من حقيقة أنه ورغم بدء الإنتاج
في حقل الغاز "يوجنو روسيسكي" [Yuzhno-Rossiisky]، إلا أنَّ المعدَّل اليومي لإنتاج الغاز
خلال فصلِ شتاء 2007 - 2008 لم يَنْمُ إلا بنسبة 2 – 3% مقارنة بالعام السابق.
لقد أَحْدَثَ شتاءُ 2007 – 2008 رقماً
قياسياً جديداً للغاز المأخوذ من المخزون، بلغ 583,6 مليون مترٍ مكعَّبٍ يومياً،
متفوقاً على الرقم القياسي السابق المسجَّل خلال فصل شتاء 2005 – 2006.
إنَّ هذا يدل على مدى ارتفاع حجم الطلب
في فصول الشتاء المعتدلة، لذا يمكن للمرء أن يتخيَّل العواقب المروِّعة التي تنتظر
روسيا في حال أتى علينا فصل شتاءٍ شديد البرودة، الأمر الذي يجعلنا نتوقَّع
إغلاقاً واسع النطاق للمواقع الحيوية بسبب نقص الغاز.
وقد سبق أن شَهِدْنا ما الذي يحدث بعد
ذلك، فبالعودة إلى فصلِ شتاء 2005 – 2006 واجَهَ المستهلكون فرضَ قيودٍ ثقيلة على
إمدادات الغاز. ووفقاً لـ "نظام الطاقة المتحدة لروسيا" (RAO UES) فإنَّ
العجز الكلي في إمدادات الغاز لمحطات توليد الكهرباء في الأسابيع الباردة من كانون
الثاني/ يناير إلى شباط/ فبراير 2006 كانت تحت المستويات المخطَّط لها من خلال
نظام الطاقة الروسي كله بنسبة 12,5%، ووصل الإنخفاض إلى نسبة 80 – 83% في محطات
الطاقة الواقعة في المنطقتين الوسطى والشمالية الغربية(*).
______________________________________
(*) المصدر: التقرير السنوي
لـ "نظام الطاقة المتحدة لروسيا/ RAO UES"
لعام 2006).
______________________________________
كما شهد شَهْرا كانون الثاني/ يناير
وشباط/ فبراير 2006 مخاوفَ خطيرة بشأن إمدادات الغاز المعدَّة للتصدير، ووفقاً
للصحافة فإنَّ "غازبروم" خفَّضت فجأةً في 18 كانون الثاني/ يناير 2006
من حجم الغاز المار بالترانزيت عبر أوكرانيا إلى أوروبا من 390 إلى 350 مليون متر
مكعَّب يومياً بسبب نقص الغاز. وفي اليوم نفسه أبلغت "غازبروم" شريكتها
الإيطالية "إيني" (ENI) بأنها غير قادرة على الضمان الكامل لتنفيذ
التعاقد، وذلك بسبب البرد غير الطبيعي. وبعد ذلك قدَّمَت "غازبروم"
بلاغاتٍ مماثلة لصربيا (بتخفيض 25% من العرض)، ولكرواتيا (6 – 10%)، ولهنغاريا
(20%)(*).
_______________________________________
(*) المصدر: "تقنين
الغاز"، مقالة في صحيفة "فريميا نوفوستي" الروسية، رقم 7، كانون
الثاني/ يناير 2006.
_______________________________________
وعلى الرغم من ارتفاع الطلب فإنَّ
الركود في إمدادات الغاز إلى السوق الداخلية هو نتيجةٌ لضُعْف نظام الإستثمار في
إنتاج الغاز. وقد تثبَّتت روسيا من أنَّ احتياطيات الغاز تكفي لـــــ80 عاماً في
ظل مستويات الإستخراج الحالية. ومع ذلك، فإنَّ العديد من هذه الإحتياطيات لم يتم
استغلالها. وتقع نسبةٌ ضخمة من هذه الإحتياطيات في مناطق جديدة لم يتم استكشافها
بالكامل، وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة، وتشكِّل صعوباتٍ بالغة.
وعلى سبيل المثال، وقبل بدء العمل
بتشغيل مخزونات الغاز في شبه جزيرة يامال، الواقعة على بعد 500 – 600 كلم من
المخزونات التي تُسْتَغَلُّ بالفعل (في جنوب منطقة يامال نينيتس ذات الحكم
الذاتي)، فإنه يجب بناء سككٍ حديدية بطول 540 كلم بين أوبسكايا وبوبانينكوفا على
التربة المتجمدة والمستنقعات، مع بناء عدد هائل من المعابر على الأنهر والجداول.
كما أنَّ الغاز المستخرَج من شبه جزيرة يامال سوف يتطلَّب أن يعود عبر خط أنابيب
بطول 1100 كلم من بوبانينكوفا إلى أوختا، بحيث أنَّ جُزْأَهُ المار تحت الماء لا
بد وأن يعبر خليج بايداراتسكايا وكذلك اجتياز التربة المتجمِّدة والمستنقعات.
وبموجب الرُخَص الممنوحة لها فإنه كان
على "غازبروم" أن تحصل على إنتاجٍها الحالي منذ أواخر تسعينيات القرن
الماضي، ولكن في واقع الأمر لم يحصل أي شيء مهم بشأن هذه المخزونات. وفي عام 2000
طالب الرئيس السابق لــ"غازبروم" ريم فياخيريف بتمديد التراخيص، إلا
أنَّ ذلك تمَّ رفضُهُ في البداية، ولكن بعد تعيين ألكسي ميلر على رأس
"غازبروم" فإنَّ هذه التراخيص أُعطيت بهدوء وبدون أي تفسير ولمدةٍ أطول،
من 8 إلى 10 سنوات. وحتى هذه المدة الزمنية يتم انتهاكها الآن.
وفي مقابل الوضع الناجم عن انخفاض
الإنتاج في حقول الغاز القديمة، بدءاً من حقلَي يورنجوي ويامبورج اللذين بدأ
إنتاجهما في ثمانينيات القرن الماضي، فإنَّ روسيا تواجه وضعاً مقلقاً من ناحية
احتمال نضوب الغاز فيها خلال فترةٍ قصيرة. إنَّ مخزون الغاز في يوجنو – روسكوي بدأ
استغلالُهُ في عام 2007، وهو آخر مخزونٍ كبير نسبياً مُتَبَقٍّ في المناطق
المستغلَّة حالياً حيث البنية التحتية متوافرة واستخراج الغاز هو أسهل. ومن الآن
فصاعداً فإنَّ استغلال "الغاز الجديد" سيكون في المناطق البكر، التي هي
من بين المناطق الأكثر صعوبةً في العالم من حيث العمل فيها، بحيث سيتطلَّب إعداد
وإنشاء بنيتها التحتية استثماراتٍ ضخمة. وتُقَدِّر "غازبروم" أنَّ خط
أنابيب بوبانينكوفو – أوختا وحدَهُ سيكلِّف 80 – 90 مليار دولار، وأنَّ مشروع شبه
جزيرة يامال بكامله سيكلِّف مبلغاً بحدود 200 مليار دولار، أي أكثر من المبلغ الإجمالي
المتراكم في صندوق الإستقرار الروسي! (Russian
Stabilisation Fund/ Стабилизационный фонд Российской Федерации).
فلماذا لم تحدث هذه الإستثمارات في
الوقت المناسب، وخاصةً أنَّ خطة غاز شبه جزيرة يامال كانت تقتضي أن يتم بدء ضخ
الغاز إلى "البر" في أواخر التسعينيات؟
والمشكلة هي في أنَّ
"غازبروم" كانت خلال كل هذا الوقت تُنْفِقُ عمداً مبالغَ صغيرة نسبياً
على الإستثمارات في أعمالها الرئيسة في استخراج الغاز. أما الأرباح الضخمة وغير
المتوقَّعة فقد حصلت عليها "غازبروم" من الإزدياد السريع لصادراتها، في حين
لم تقم بإنفاق الأسعار الداخلية المرتفعة على الإستثمارات بل على شراء الأصول
وتمويل التكاليف المتزايدة باستمرار(*).
_______________________________________
(*) المصدر:
"غازبروم": مذكرة تفسيرية للتقرير السنوي المُعَدّ وفقاً لمعايير
المحاسبة الدولية.
_______________________________________
إستثمارات
"غازبروم" في مجال استخراج الغاز (بالمليار دولار حسب أسعار ذلك الوقت):
وهكذا، فإنَّ "غازبروم" خلال
7 سنوات (بين 2001 و2007) استثمرت مجرد جزءٍ صغير بلغ ما يقرب من 27 مليار دولار
في أعمالها الأساسية لاستخراج الغاز.
وما عليك سوى أن تقارن هذا مع مبلغٍ
قدرُهُ 44,6 مليار دولار تمَّ إنفاقه على عمليات الإستحواذ. ومن بين هذا المبلغ
هناك أكثر من 30 مليار دولار أُنفِقَتْ لشراء أصولٍ لا علاقة لها بأعمال الغاز
التجارية، بل وقبل كلِّ شيء لشراء أصول صناعة النفط (شركتا "سيب نفط"/ Sibneft
و"تومسك نفط"/ Tomskneft) وشركات الطاقة الكهربائية ( "راو يو.
إي. أس"/ RAO UES، و"موس إينيرجو"/ Mosenergo، وشركات
توليد الطاقة واسعة النطاق والمحلية)، وأيضاً شركة الطاقة التجارية "روس أوكر
إينيرجو" (Rosukrenergo).
ولو أنَّ هذه الأموال أُنْفِقَتْ في
سبيل تهيئة مخزونات الغاز الجديدة لما كانت هناك أزمة في التزوُّد بالغاز في روسيا
اليوم.
وفي الوقت نفسه، وفي ظل عدم استغلال
مخزون الغاز في شبه جزيرة يامال، أصبحت "غازبروم" مُنْكَبَّةً على غاز
آسيا الوسطى. ففي عام 2002 بلغت نسبة غاز آسيا الوسطى ما يزيد عن 4% بقليل من غاز
"غازبروم"، أما اليوم فإنَّ النسبة تصل إلى 8%. وعلاوةً على ذلك فإنَّ
هذا الغاز أصبح باطرادٍ أكثرَ تكلفةً، ففي عام 2003 بلغت الكلفة التي دفعتها
"غازبروم" في الغاز التركماني 30 دولاراً لكل ألف مترٍ مكعَّب، في حين
أنها اليوم هي 150 دولاراً، وقد تصبح هذه الكلفة 250 دولاراً أو أكثر ابتداءً من
عام 2009.
ولن يكون مفاجئاً إذاً أنَّ تُظْهِرَ
حساباتُ شركة "غازبروم" لعام 2007، المُعَدَّة وفقاً للمعايير الحسابية
المالية الدولية، نتيجةً متناقضة: ألا وهي أنَّ زيادة دورة المبيعات بنسبة 8% هي
مصحوبة بهبوطٍ في الأرباح بنسبة 11%! وأضف إلى ذلك أنَّ هذا قد حَدَثَ في ظل
ارتفاعٍ مطَّرِد في أسعار الغاز في عام 2007 (22,5% بالنسبة إلى المستهلكين الروس،
وبمتوسِّطٍ قَدْرُهُ 25,2% بالنسبة إلى بلدان رابطة الدول المستقلة).
فكيف يمكن للمرء، في الوقت الذي ترتفع
فيه الأسعار بشكلٍ سريع، أن يحقِّقَ أرباحاً أقل؟ إنَّ إدارة "غازبروم"
لا تُخفي حقيقة أنَّ هذا سببُهُ ارتفاع التكاليف، ومن أبرز أسباب هذا الإرتفاع هو
تكلفة شراء النفط والغاز من أطرافٍ ثالثة. وقد ارتفع إنفاق "غازبروم"
على هذا بنسبة 36%. ففي عام 2003 بلغت التكلفة التي أنفقتها "غازبروم"
في شراء النفط والغاز معاً أقل من 1 مليار دولار، أما بحلول عام 2007 فإنها أنفقت
15 مليار دولار، وهو مبلغٌ يعادل أكثر من ربع جميع التكاليف التشغيلية للشركة
بأكملها.
الجزء الأكبر من هذا الإنفاق كان لشراء
الغاز من آسيا الوسطى: 11,7 مليار دولار في عام 2007، مقابل 7,5 مليار دولار في
عام 2006، وما يزيد قليلاً عن 1 مليار دولار في عام 2005.
في آذار/ مارس 2008 أَبْلَغَ رؤساءُ
شركات النفط والغاز في كازخستان وأُزبكستان وتركمانستان شركةَ "غازبروم"
بأنهم يعتزمون ابتداءً من كانون الثاني/ يناير فرضَ نظام تسعيرة جديدة على
المحتكِر الروسي مرتبط بأسعار الغاز في الدول الأوروبية. إنَّ هذا يعني أنَّ
"غازبروم" ربما عليها قريباً أن تشتري
الغاز بسعر 250 – 300 دولار لكل ألف مترٍ مكعَّب، وهذا ما سيرفع بالتالي
كلفة الإنفاق على الغاز المستورد من آسيا الوسطى إلى ما بين 17 و21 مليار دولار في
السنة.
وما زالت لــ"غازبروم"
مشكلةٌ أخرى تمنعها من زيادة استثماراتها في استخراج الغاز ألا وهي كفاءتها
المنخفضة بشكلٍ مذهل، إذ ارتفعت تكاليف التشغيل (باستثناء الضرائب) ثلاثة أضعاف من
العام 2003 من 4,9 دولار إلى 14,8 دولار من قيمة كل برميل.
وإلى جانب الإنفاق على إعادة شراء
الغاز (المذكورة أعلاه)، فإنَّ السبب الرئيس الآخر للزيادة في الإنفاق هو ارتفاع
تكاليف الأجور، وهي التكاليف التي ارتفعت من 3,7 مليار دولار في عام 2003 إلى 9,7
مليار دولار في عام 2007. ولهذا السبب ارتفعت قيمة استخراج البرميل الواحد من
النفط من أقل من دولارٍ واحدٍ للبرميل في عام 2003 إلى 2,5 دولار للبرميل في عام
2007.
فقد ارتفع عدد موظفي
"غازبروم" بشكلٍ مطَّرِدٍ من 391 ألفاً في عام 2003 إلى 445 ألفاً في
عام 2007(*).
________________________________________
(*) المصدر:
"غازبروم": مذكرة تفسيرية للتقرير السنوي المُعَدّ وفقاً لمعايير
المحاسبة الدولية.
_________________________________________
تكاليف "غازبروم" التشغيلية
وفق قيمة كلِّ برميلِ نفطٍ أو غازٍ مستخرَج: (اللون الأزرق: تكاليف التشغيل
(باستثناء الضرائب) وفق قيمة كل برميل نفطٍ بالدولار/ اللون الأحمر: تكاليف
"غازبروم" في الإنفاق على الأجور (باستثناء الضرائب) وفق قيمة كلِّ
برميلِ نفطٍ بالدولار)
لم يكن دَخْلُ "غازبروم"
يكفي لتمويل شهيَّتها المتنامية لشراء الأصول ولا لتغطية التكاليف المتزايدة،
ونتيجةً لذلك غَرِقَت الشركة في الديون. فمنذ عام 2000 توجَّب على
"غازبروم" دينٌ بقيمة 13,5 مليار دولار، أما في عام 2007 فقد بلغت
ديونها 61,6 مليار دولار، أي ما يعادل ثُلُثَي دخلها السنوي (شركاتُ النفط والغاز
الدَولية تعتقد عموماً أنَّ نسبة الدين إلى الدَخْل بما لا يزيد عن 10 – 15%
تُخِلُّ بالتوازن السليم).
إزدياد ديون
"غازبروم" (اللون الأحمر: ديون "غازبروم" (طويلة وقصيرة
الأجل) بمليارات الدولارات وفق سعر الصرف في حينه):
إنَّ متطلبات السَداد الهائلة حالت دون
الإستثمار، وعلينا أن نضيف إلى هذا المخاطرَ في حال أصبحت أسعار التصدير أقلَّ
مواءمةً فإنَّ الشركة قد تكون مضطرَّة إلى الحد من الإستثمار بشكلٍ أكبر أو حتى
إلى إعلان إفلاسها(*).
______________________________________
(*) المصدر:
"غازبروم": مذكرة تفسيرية للتقرير السنوي المُعَدّ وفقاً لمعايير
المحاسبة الدولية.
______________________________________
النتجة المحتمَلة هي أنَّ أسعار الغاز ستظل ترتفع بالنسبة إلى المستهلكين
الروس، وسيدخل استخراج الغاز في أزمةٍ عاصفةٍ أكثرَ فأكثر، وقد يَضْطَرُّ الأمر
الحكومةَ إلى التدخل بمواردها لإنقاذ شركة "غازبروم" من الإفلاس.
هذا هو ما يحدث بحيث أنَّ مواردنا من
الغاز تحت الأرض، والتي هي ثروتنا الوطنية، لا تساعد الأمَّةَ حقاً وقد أصبح لها
قراراتها الكارثية، بما في ذلك قرار إستخراجها من عدمه، وذلك من خلال دائرةٍ
ضيِّقةٍ من الأشخاص الذين هم على صلة بالسلطة القائمة.
الفصل التالي:
الفصل السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق