2017/04/27

إغتيالات الحشَّاشين (12)/ إغتيال حاكم الموصل وحلب آقْسُنْقُر البرسقي.



استخدم الحشاشون أسلوب الرصد والمراقبة لتحيُّن الفرصة للإيقاع بالخصم.. لقد استمرَّ الحشاشون على مدى عددٍ غير محدَّد من السنين يراقبون حاكم الموصل وحلب آقْسُنْقُر البرسقي ويتحيَّنون الفرصة لإغتياله، إلى أن تمكَّنوا منه عام 520ه/ 1126م.. لقد كان آقسُنْقُر البرسقي في الموصل يصلّي الجمعة في الجامع مع العامّة...





إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثاني – الجزء الأول

إغتيالات الحشَّاشين (12)

إغتيال حاكم الموصل وحلب آقْسُنْقُر البرسقي

حسين احمد صبرا
واستخدم الحشاشون أسلوب الرصد والمراقبة لتحيُّن الفرصة للإيقاع بالخصم.. لقد استمرَّ الحشاشون على مدى عددٍ غير محدَّد من السنين يراقبون حاكم الموصل وحلب آقْسُنْقُر البرسقي ويتحيَّنون الفرصة لإغتياله، إلى أن تمكَّنوا منه عام 520ه/ 1126م.. لقد كان آقسُنْقُر البرسقي في الموصل يصلّي الجمعة في الجامع مع العامّة، و"كان يصلي في الصف الأول فوثب عليه بضعة عشر نفساً (...) فجرحوه بالسكاكين، فجَرَحَ هو بيده منهم ثلاثةً وقُتل"(1). وينقل ابنُ العديم عن المؤرِّخ الحلبي أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم(2) أنه ذَكَرَ في تاريخه عن أحداث سنة 520ه في التاسع من شهر ذي القعدة أنَّ البرسقي "قَصَدَ الجامعَ بالموصل ليصلّي جماعةً، ويسمع الخاطبَ كما جرت عادته في أكثر الجُمَع،
_____________________________________
(1) ابن الأثير/ الكامل/ ج9، ص236.
(2) أبو الفوارس حمدان (460ه- 542ه/ 1067م- 1147م)، مؤرِّخ وشاعر، لكنَّ كل الكتب التي ألَّفها مفقودة، وقد أورد ابن العديم ترجمتَه في "بغية الطلب"، ج6، من ص2926 وحتى ص2932،
_____________________________________
فدخل الجامعَ وقَصَدَ المنبر، فلما قَرُبَ منه وَثَبَ عليه ثمانية نَفَرٍ (8 أشخاص) في زي الزُهَّاد فاخترطوا خناجرَهم (أي أخرجوها من أغمادها) وقصدوه، وسبقوا الحَفَظَةَ (أي حُرَّاسَهُ) الذين حولَه فضربوه حتى أثخنوه، وجرحوا قوماً من حَفَظَته، وقَتَلَ الحَفَظَةُ منهم قوماً، وقبضوا قوماً، وحُمل البرسقيُّ بآخر رمقه إلى بيته، وهرب كلُّ مَنْ في الجامع، وبَطُلَت صلاة الجمعة، ومات الرجلُ (أي البرسقي) من يومه وقَتَلَ أصحابُه مَنْ بقي في أيديهم من الباطنية (الحشّاشين)، ولم يفلت منهم سوى شابٌّ كان من كفر ناصح، ضيعةٍ من عمل عَزَاز من شماليّ حلب"(3).
وأورد ابنُ القلانسي في "الذيل" أنَّ آقسُنْقُر البرسقي كان يتَّخذ الإحتياطات اللازمة ويُحاطُ بحرّاسه المسلَّحين ويرتدي الدرع الواقي لإفشــال
_____________________________________
(3) إبن العديم/ بغية الطلب في تاريخ حلب/ ج4، ص1969 – 1970.
_____________________________________
أي عملية اغتيالٍ قد يتعرَّضُ لها من قبل الحشاشين، إذ يقول: "وقد كان على غايةٍ من التيقُّظ لهم (أي للحشاشين) والتحفُّظ منهم بالإستكثار من السلاحيّة والحاقداريّة والسلاح الشاكّ، لكنَّ القضاءَ النازل لا يُدافَع والقدرَ النافذَ لا يمانَع، وعليه مع هذا من لباس الحديد ما لا تعمل فيه مَواضي السيوف ومُرهفات الخناجر، وحولَه من الغلمان الأتراك والديلم والخراسانية بأنواع السِلَح (السلاح) عُدَدٌ".. ثم يصف عملية الإغتيال بدقّةٍ أكثر، فيقول: "وصادف هذه الجماعة الخبيثة في زيّ الصوفية يُصلُّون في جنب المشهد لم يُؤْبَه لهم ولا ارْتِيْبَ بهم. فلما بدأ بالصلاة وثبوا عليه بسكاكينهم فضربوه عدَّة ضربات لم تؤثِّر في لُبس الحديد الذي عليه وقد غفل أصحابه عنه، وانتضى سيفاً كان معه وضَرَبَ أحدهم فقتله وصاح واحدٌ منهم حين رأَوا السكاكين لا تعمل فيه شيئاً: ويلكم، أُطلبوا رأسَه وأعلاه. وقصدوا حَلْقَهُ بضرباتهم فأثخنوه إلى حين أدركه أصحابُهُ وحُماتُهُ فقُضِيَ عليه وقُتل شهيداً، وقَتَلوا جميعَ مَنْ كان وثبَ عليه"(4).
أما في ما يتعلَّق بعملية الرصد والمراقبة التي قام بها الحشاشون بغية الإيقاع بآقسُنْقُر البرسقي فقد جرى البحث والتحرّي عن الحشاشين الذين قَتلوا البرسقيَّ "والإستقصاء عن أخبارهم، فقيل: إنهم كانوا يجلسون إلى إسكافٍ (صانع أحذية) بدرب إيليا (في الموصل)، فأُحضر (الإسكافَ) ووُعِدَ بالإحسان إنْ أقرَّ، فلم يُقِرّ، فهُدِّد بالقتل، فقال: إنهم وردوا من سنين لقتله فلم يتمكَّنوا منه إلى الآن، فقُطعت يداه ورجلاه وذَكَرُهُ (أي عضوُهُ التناسلي) ورُجِمَ بالحجارة فمات"(5).
_____________________________________
(4) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص214.
(5) ابن الأثير/ ج9، ص237.
____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:





 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق