عام 2002 توجَّه نيكيتا تشيكولين إلى
بريطانيا طالباً اللجوء السياسي بغية حمايته من أي أذىً ممكن أن يتعرَّض له من بعد
ما سيكشفه من معلوماتٍ ووثائق حول تورُّط الإستخبارات الروسية في سرقة كمياتٍ
كبيرة من المتفجرات بين عامي 1999 و2000 من مركز البحوث الذي كان يترأس إدارته،
وأنَّ هذه المتفجرات التي تحتوي على مادة الهكسوجين استُعمل بعضٌ منها في تفجيرات
المباني السكنية في روسيا في أيلول/ سبتمبر عام 1999...
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)
الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن
عام 2006)
الطامع في ثروة سورية النفطية (33)
هكذا وصل بوتين إلى السلطة:
الإستخبارات الروسية
سرقت مواد متفجرة من المخازن العسكرية
لتستعملها في تفجير المباني السكنية
حسين احمد صبرا
بعد وقوع أربعة انفجارات في مبانٍ
سكنية في روسيا في شهر أيلول/ سبتمبر عام 1999 ذهب ضحيتها 294 قتيلاً و651 جريحاً
من المواطنين الروس الأبرياء، واكتشاف المتفجرة الخامسة وتفكيكها في أحد المباني
السكنية في مدينة ريازان جنوب غرب روسيا في الشهر نفسه وإعلان الإستخبارات الروسية
الـ"أف. سي. بي" (الـ"كي. جي. بي" سابقاً) بأنها ليست متفجرات
وإنما هي مادة السُكَّر لغرض إجراء "مناورة عسكرية" فحسب، وُجِّهَت
الإتهامات إلى الإستخبارات الروسية لتبرير حرب الشيشان الثانية وإيصال فلاديمير
بوتين إلى السلطة.
|
آثار الإنفجار في شارع جوريانوفا في موسكو |
في البداية قال جهاز الإستخبارات
الروسية الـ"أف. سي. بي" إنَّ المادة التي استخدمها
"الإرهابيون" في المتفجرات التي طالت مباني سكنية هي مادة الهكسوجين، ثم
سرعان ما تراجع في وقتٍ لاحق معلناً أنَّ المتفجرات التي استخدمها
"الإرهابيون" هي عبارة عن مزيجٍ من مسحوق الألمينيوم وملح البارود (النترات)،
والسُكَّر، ومادة الـ"تي. أن. تي".. وقد صير إلى هذا الإعلان نظراً إلى
المأزق الذي وقع فيه جهاز الـ"أف. سي. بي"، إذ كيف كان عليه أن يُفَسِّر
كيف استطاع "الإرهابيون" أن يسرقوا هذه الكميات الكبيرة من الهكسوجين من
المصنع الوحيد في البلاد الذي يُصَنِّع الهكسوجين والموجود في مدينة بِرْم الواقعة
على ضفة نهر كاما إلى شمال شرق موسكو، وهو المصنع الذي يخضع لحراسة مشدَّدة؟!
إليكم الجواب
|
سيرجي كوفاليوف |
عقب اكتشاف متفجرة ريازان تشكَّلت لجنة
برلمانية برئاسة النائب سيرجي كوفاليوف للتحقيق في التفجيرات التي طالت مباني
سكنية في روسيا، وقد عُرفت هذه اللجنة بإسم "لجنة كوفاليوف".. وبعدما
عَرَضنا سابقاً للعديد من الأدلة الدامغة التي تشير إلى تورُّط الإستخبارات الروسية
في هذه التفجيرات، نعرض الآن لشهادة واحدٍ من أعضاء "لجنة كوفاليوف" هو
نيكيتا تشيكولين، الذي كان نائب رئيس هذه اللجنة، مع الإشارة إلى أنَّ أُمَّ
تشيكولين قُتلت في التفجير الثاني الذي طال مبنىً سكنياً من 9 طوابق في شارع
جوريانوفا في العاصمة موسكو في 9
أيلول/ سبتمبر 1999 وحوَّل المبنى إلى ركامٍ وخلَّف 94 قتيلاً و249 جريحاً، وألحق
الضرر بـ19 مبنىً آخر، وبنتيجته تم تدمير ما مجموعه 108 شقق سكنية..
|
نيكيتا تشيكولين |
الهام في الأمر أنَّ نيكيتا تشيكولين
كان وقت وقوع الإنفجارات يحتل منصباً هاماً جداً وعلى صلة وثيقة بموضوع المواد المتفجِّرة،
إذ كان مديراً لمعهد البحوث
الروسي المتخصص في المتفجرات والتابع لوزارة التربية والتعليم.
عام 2002 توجَّه نيكيتا تشيكولين إلى
بريطانيا طالباً اللجوء السياسي بغية حمايته من أي أذىً ممكن أن يتعرَّض له من بعد
ما سيكشفه من معلوماتٍ ووثائق حول تورُّط الإستخبارات الروسية في سرقة كمياتٍ
كبيرة من المتفجرات بين عامي 1999 و2000 من مركز البحوث الذي كان يترأس إدارته،
وأنَّ هذه المتفجرات التي تحتوي على مادة الهكسوجين استُعمل بعضٌ منها في تفجيرات
المباني السكنية في روسيا في أيلول/ سبتمبر عام 1999.
|
نيكيتا تشيكولين مع بوريس بيريزوفسكي في لندن عام 2003 |
ففي عام 2004 كشف نيكيتا تشيكولين في
الفيلم الوثائقي الذي أنتجه في لندن المعارض الروسي الملياردير بوريس بيريزوفسكي
بعنوان "إغتيال روسيا" (وعُرض لأول مرة في 18 شباط/ فبراير 2004 في لندن
في مؤتمرٍ صحافي في معهد لندن الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن)، أنه
في عام 2000 تمَّ تجنيده من قبل
الـ"أف. سي. بي" لسرقة المتفجرات من المستودعات العسكرية، حيث يملك
"أدلة وثائقية عن خطة سرية لسرقة المتفجرات"، بما في ذلك الهكسوجين من
المستودعات العسكرية خلال عامي 1999 و2000، وأنَّ هذه الخطة متورطٌ فيها كبار
المسؤولين في الحكومة الروسية وجهاز الإستخبارات الروسية.. كما كشف أنَّ مدير
الـ"أف. سي. بي" نيقولاي باتروشيف قد حَظَرَ شخصياً التحقيق في هذه
القضية.. وتُبيِّن الأدلة الوثائقية التي كشفها تشيكولين أنَّ المعهد الذي كان
مديراً له (معهد البحوث الروسي المتخصص في المتفجرات) اشترى أطناناً من مادة
الهكسوجين الناسفة من المنشآت العسكرية خلال عامي 1999 و2000.. وأضاف قوله بأنَّ
الهكسوجين تمَّ تصنيفه على نحوٍ كاذب ونُقل إلى "مختلف أماكن الأجهزة الأمنية
المستترة في المناطق"، وأنَّ وزارة التعليم أجرت تحقيقاً دعت فيه وزير
التعليم فلاديمير فيليبوف إلى الطلب من الـ"أف. سي. بي" المشاركة في
التحقيق، وأنَّ من بين الذين علموا أنَّ هذا "نشاطٌ إرهابي محتمَل" هم
آنذاك: نائب رئيس الوزراء فالنتينا ماتفيينكو، ونائب رئيس الوزراء إيليا كليبانوف،
ومدير جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي" نيقولاي باتروشيف،
ووزير الداخلية فلاديمير روشايلو، ورئيس المجلس الأمني سيرجي إيفانوف.. وأضاف
تشيكولين: "إنَّ باتروشيف حَظَرَ التحقيق في هذه القضية، وقام نائبُهُ يوري
زاوستروفتسيف بإبلاغ وزارة التربية والتعليم بهذا القرار"..
|
الإنفجار الثاني في شارع جوريانوفا في موسكو حيث قُتلت والدة تشيكولين |
ونورد هنا شهادة نيكيتا تشيكولين
حرفياً، إذ قال: "بحوزتي
أدلة وثائقية عن مخطَّطٍ سري لإختلاس مواد متفجِّرة من المخازن العسكرية (...) وقد
قام معهد البحوث الروسي المتخصص في المتفجرات والتابع لوزارة التربية والتعليم
[كان تشيكولين مديره آنذاك] بشراء كميات كبيرة من الهكسوجين خلال عامي 1999 –
2000. وكان مصدر الهكسوجين بشكلٍ خاص الوحدتين العسكريتين (V/Ch No. 68586 – Ko.
92919). إنَّ أطناناً من هذه المادة حَمَلَت علامة مزيَّفة (البارود أو
الـ"تي. أن. تي") وأُرسلت عبر المعهد إلى إنشاءاتٍ وهمية في
المناطق...". وأضاف تشيكولين: "أُجريت تحقيقاتٌ داخلية عن هذه السلسلة
بواسطة وزير التعليم فلاديمير فيليبوف أدَّت إلى أن يوجِّه وزير التعليم نداءاً
إلى أعلى المسؤولين في روسيا مع طلبٍ بأن يتم إخضاع جهاز الـ"أف. سي.
بي" للتحقيق... وكان من بين الأشخاص الذين هم على علمٍ بنشاطٍ إرهابي محتمَل
مديرُ جهاز الـ"أف. سي. بي" نيقولاي باتروشيف، ووزير الداخلية فلاديمير
روشايلو، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرجي إيفانوف".
أما عن موقف الإستخبارات الروسية من
هذا الإتهام فاكتفت بالرد بأنَّ "هذه المزاعم غير محتمَلة وخالية من الحس
السليم"!
(نٌشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية بتاريخ 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، رقم العدد
1773).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
x
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق