بين عامي 1998 و2000 تهرَّبت غازبروم
من الضرائب وتلاعبت في الأرباح بحيث لم تحصل الدولة سوى على أرباحٍ زهيدة.. وعندما
وصل فلاديمير بوتين إلى سدة الرئاسة في روسيا عام 2000 سارع إلى عزل رئيسَي شركة
غازبروم (تشرنومردين وريم رياخيريف) وعيَّن بوتين مكانهما إثنين من أقرب
المقرَّبين منه هما: ديمتري مدفيديف (رئيس الوزراء الحالي ورئيس روسيا السابق
ومدير الحملة الإنتخابية الرئاسية لفلاديمير بوتين) وألكسي ميلر (نائب وزير الطاقة
السابق)، وهذان الإثنان (مدفيديف وميلر) كانا موظفين تحت إدارة بوتين سابقاً في
لينينغراد (بطرسبورج) عندما كان بوتين ضابطاً كبيراً في الإستخبارات السوفياتية
الكي جي بي ويعمل في لجنة العلاقات الخارجية في المدينة.
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)
الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن
عام 2006)
الطامع في ثروة سورية النفطية (3)
هل يملك فلاديمير بوتين
4,5 من شركة "غازبروم"؟!
حسين احمد صبرا
كان المحلل السياسي الروسي المستقل
ستانسلاف بلكوفسكي، الذي يُقال بأنه مدعوم من قبل مسؤولين كبار في جهاز
الإستخبارات الروسية "أف. سي. بي" (الـ"كي. جي. بي" سابقاً)،
قد صرَّح عام 2007 بأنَّ بوتين يملك أسهماً في الشركات النفطية التالية: 50% من
شركة جونفور، و37% من شركة سورجوت، و4,5% من شركة غازبروم، وأنَّ ثروته تقدَّر
بـ40 مليار دولار، ليعود بلكوفسكي عام 2012 ليصرِّح بأنَّ ثروة بوتين ارتفعت إلى
70 مليار دولار.. وقد بحثنا سابقاً في أمر شركتي "جونفور"
و"سورجوت"، والآن جاء دور "غازبروم"، فما هي هذه الشركة؟
غازبروم
تُعتبر شركة "غازبروم" أكبر
شركة تنقيب عن الغاز وإنتاجه في العالم، تديرها الدولة الروسية وتحتكر الغاز الطبيعي في روسيا، كما تحتكر
وحدها ما يقرب من ثلث إنتاج العالم من الغاز الطبيعي، وتقع حقول إنتاجها حول خليج
أوب في سيبيريا الغربية..
في عام 2011 أنتجت الشركة حوالى 513,2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بما يعادل أكثر من 17% من الإنتاج العالمي و83% من الإنتاج الروسي، كما أنتجت الشركة 32 مليون طن من النفط الخام ونحو 12,1 مليون طن من الغاز المكثَّف.. وحسبما قرأنا في مجلة" الأعمال الأميركية "فوربس" لعام 2015 فقد بلغت أصول "غازبروم" 356 مليار دولار، وبلغت مبيعاتها 158 مليار دولار، وبلغت أرباحها 24,1 مليار دولار.. كما أنَّ غازبروم احتلت عام 2014 المرتبة الرابعة عالمياً من بين 250 شركة للطاقة وذلك وفق بيانات "بلاتس" (المزوِّد الرئيس للبيانات في العالم عن قطاع الطاقة والصناعة وغيرها).
في عام 2011 أنتجت الشركة حوالى 513,2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بما يعادل أكثر من 17% من الإنتاج العالمي و83% من الإنتاج الروسي، كما أنتجت الشركة 32 مليون طن من النفط الخام ونحو 12,1 مليون طن من الغاز المكثَّف.. وحسبما قرأنا في مجلة" الأعمال الأميركية "فوربس" لعام 2015 فقد بلغت أصول "غازبروم" 356 مليار دولار، وبلغت مبيعاتها 158 مليار دولار، وبلغت أرباحها 24,1 مليار دولار.. كما أنَّ غازبروم احتلت عام 2014 المرتبة الرابعة عالمياً من بين 250 شركة للطاقة وذلك وفق بيانات "بلاتس" (المزوِّد الرئيس للبيانات في العالم عن قطاع الطاقة والصناعة وغيرها).
عام 2008 شكَّلت عائدات شركة غازبروم
10% من إجمالي الناتج الروسي المحلي.. وامتدَّ نشاط غازبروم إلى أوروبا، حيث باتت
الشركة تنقل الغاز إلى 25 دولة أوروبية باستثناء اسبانيا والبرتغال، وأرقام
صادراتها في تصاعدٍ مستمر، ففي عام 2012 ارتفعت صادرات غازبروم من الغاز الروسي
إلى أوروبا من 15% عام 2008 إلى 44% عام 2012، حتى أنَّ عائدات غازبروم من الغاز
المصدَّر إلى أوروبا في عام 2014 بلغت 40% من إجمالي عائدات الشركة.. وإليكم
الأرقام التالية: إنَّ 97% من الغاز المستهلك في بلغاريا يأتي من روسيا (عن طريق
شركة غازبروم)، وتبلغ النسبة 89% في المجر، و86% في بولندا، و75% في تشيكيا، و67% في
تركيا، و65% في النمسا، و40% في رومانيا، و36% في ألمانيا، و27% في إيطاليا، و25%
في فرنسا (الإتحاد الأوروبي تحديداً يتلقى نحو 25% من إمدادات الغاز من غازبروم).
بوتين مع الرئيس الصيني تشي جي بينغ |
نذكر أنَّ لشركة غازبروم فروع في
القطاعات الصناعية بما في ذلك التمويل والإعلام والطيران، وحصص أغلبية في شركاتٍ
أخرى.. وقد امتدت أنشطة غازبروم إلى رعاية الأنشطة الرياضية وأشهرها أنَّ غازبروم
كانت راعية لدوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي وذلك لثلاثة مواسم حتى العام
2015..
بوتين مع رئيس "الفيفا" جوزيف بلاتر |
غازبروم والخصخصة
تأسَّست "غازبروم" عام 1989
تحت قيادة فكتور تشرنومردين، حيث تمَّ تغيير اسم وزارة صناعة الغاز إلى "شركة
غازبروم المملوكة من الدولة"، لتصبح أول شركة تديرها الدولة السوفياتية..
وعقب انهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991 احتفظت "غازبروم" بأصولها التي
على الأراضي الروسية، في حين تمَّ التخلي عن أصول "غازبروم الأكرانية"
لأكرانيا، و"غازبروم" التركمانية" لتركمانستان..
في كانون الأول/
ديسمبر عام 1992 زاد النفوذ السياسي لشركة غازبروم عندما قام الرئيس بوريس يلتسن
بتعيين رئيس الشركة تشيرنومردين رئيساً للوزراء، ولم يلبث تشرنومردين أن بدأ
بخصخصة الجزء الأكبر من الشركة، إذ صدرت عدة قرارات من حكومة روسيا ما بين عامي
1992 و1993 أصبحت شركة غازبروم بموجبها شركة مساهمة وبدأت بتوزيع الأسهم وإتاحة
شرائها لكل المواطنين الروس، ورست النسبة في عام 1994 على النحو التالي: امتلك 750
ألفاً من المواطنين 33% من أسهم غازبروم، وامتلك موظفو الشركة 15%، وامتلكت الدولة
38%، ومُنع الأجانب من امتلاك أكثر من 9% من الأسهم..
يلتسين وتشيرنوميردين |
الصحافي الشهيد بافل خليبنيكوف |
إنَّ الصحافي الروسي بافل خلينيكوف (رئيس تحرير الطبعة الروسية من مجلة "فوربس" الأميركية) ألَّف عام 2004 كتاباً كشف فيه فضائح الفساد في عهد يلتسين وما لبث أن قُتِلَ في العام نفسه بسببه، نقرأ له في الفصل الخامس من هذا الكتاب الذي يحمل عنوان "عرَّاب الكرملين بوريس بيرزوفسكي وقصة نهب روسيا":
غلاف كتاب خليبنيكوف |
نفوذ بوتين في غازبروم
بوتين وميدفيديف |
بوتين وألكسي ميلر |
وبالإضافة إلى نفوذ بوتين السياسي في
شركة غازبروم، فإنه حوَّل هذه الشركة إلى أداة إعلامية تروِّج لسياسته وتشوِّه
صورة معارضيه.. ففي عام 2001 استحوذت شركة غازبروم على أشهر محطة تلفزيون روسية
مستقلة "أن تي في"، وهي المحطة التي كانت تنتقد فلاديمير بوتين بشدة في
وقتٍ مبكر من توليه الرئاسة، هذا بالإضافة إلى الإستحواذ على وسائل إعلام مختلفة
كانت تابعة للشركة المالكة (أن تي في)، وبذا أصبحت غازبروم تتحكَّم بالإعلام
الروسي المستقل.. وفي عام 2013 وقَّعت غازبروم صفقة مع شركة بروفميديا التي يملكها
الملياردير فلاديمير بوتانين، وبموجب هذه الصفقة ستضيف غازبروم محطات تلفزيونية
وإذاعية ودور سينما ومجلات وجرائد، وتنتج وتوزِّع أفلاماً سينمائية وتلفزيونية
ووثائقية، وتستثمر في الإعلانات وبوابات الإنترنت.. وبالفعل فإنَّ محطة "أن
تي في" أنتجت ما بين عامي 2011 و2012 مجموعة من الأفلام الوثائقية شوَّهت
فيها صورة المعارضين السياسيين لبوتين.. وقد عيَّن بوتين مديراً لوسائل إعلام
غازبروم هو ميخائيل ليزين (وزير الإعلام الروسي السابق).. وبالإضافة إلى ما تحققه
وسائل إعلام غازبروم من دعمٍ لا متناهٍ لبوتين، فإنَّ هذه الوسائل الإعلامية
حقَّقت عائداتٍ بلغت قيمتها 1,6 مليار دولار عام 2012، أي ما يقرب من 1% من إجمالي
مبيعات غازبروم من الغاز.
لقد أطلق بوتين على شركة غازبروم تسمية
"البطل القومي"، ليس فقط لأنها من الشركات الكبرى والإستراتيجية التي
تتوخى الربح، بل لأنها أيضاً تعزِّز المصالح القومية الروسية، حيث راح يستخدمها
كأداةٍ سياسية ولا سيما في سياسته الخارجية، وقد ظهر ذلك جلياً مطلع عام 2006
حينما أوقفت روسيا إمدادات غازبروم إلى أوكرانيا بسبب الإختلاف حول السعر ظاهرياً
بينما كان السبب الحقيقي هو النزاع المزمن مع أوكرانيا، وظل الأمر في حالة تأرجح بين
القطع والتهديد به إلى أن تمَّ حل الخلاف بين روسيا وأوكرانيا بشأن إمدادات
غازبروم بوساطة من الإتحاد الأوروبي.. وكذلك تم تهديد روسيا البيضاء (بيلاروسيا)
مطلع عام 2007 بقطع إمدادات الغاز من شركة غازبروم بسبب الخلاف ظاهرياً على السعر،
بينما رأى بعض المحللين أنَّ ذلك التهديد لم يكن سوى ضغط على الرئيس البيلاروسي
ألكسندر لوكاشنكو لحثِّه على إقامة علاقاتٍ أوثق مع روسيا.. ومؤخراً تمَّ تهديد
تركيا بقطع الغاز الروسي عنها بسبب معارضتها للتدخل العسكري الروسي في سورية، وقد
أشرنا أعلاه أنَّ غازبروم تزوِّد تركيا بـ67% من احتياجاتها الغازية.
واللافت هو الزيارة التي قام بها رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو في 21 أيلول/ سبتمبر 2015 حينما كان
بوتين يستعد للتدخل العسكري في سورية، وما رافق ذلك من مخاوف إسرائيلية.. فكانت صفقة بين الإثنين هدَّأ بها بوتين
من مخاوف إسرائيل، وكان من ضمن الصفقة أن وافق بوتين ونتنياهو على السماح لشركة
غازبروم بتطوير حقول الغاز في إسرائيل.
يقول الصحافي الروسي المغدور بافل
خلبنيكوف في كتابه "عرَّاب الكرملين" المشار إليه أعلاه: "يُقال
إنَّ روسيا لم تعد تملك من مقومات الدولة العظمى سوى ثلاثة أشياء فقط هي: الترسانة
النووية، والمقعد الدائم في مجلس الأمن، وشركة غازبروم".
أما المحلل الإقتصادي في مجلة
"فوربس" كريستوفر هيلمان فيذكر(بتاريخ 1/ 7/ 2012): "أما بوتين فقد
بدأ نفوذه مع شركة غازبروم وشركة "روس نفط"، ومن المحتمل أنَّ أكبر
شركتين لإنتاج الغاز الطبيعي والنفط تقومان بالتبادل التجاري العلني، ولكن يتم
الإحتفاظ بغالبية الأسهم من قِبَل الحكومة وتحت إشراف بوتين شخصياً".
ولا غرابة في أنَّ العقوبات الأميركية
على روسيا عام 2014، والتي أرادت أميركا من خلالها أن تعاقب فلاديمير بوتين
شخصياً، قد طالت شركات الطاقة الروسية وفي طليعتها غازبروم.
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2015، العدد رقم
1729).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق