2017/02/25

كتاب "بوتين زعيم مافيا" (26)/ وفق إفادة رئيس "لجنة متروخين" باولو غوزانتي عام 2013: جهاز الإستخبارات الروسية على علاقة بالمافيا الإيطالية والأوكرانية.



في أواخر عام 2013، أي قبل صدور تقرير المحكمة البريطانية العليا بسنتين وشهرين، طلب جهاز الشرطة الإيطالية من رئيس "لجنة متروخين" الصحافي والسياسي الإيطالي باولو غوزانتي الإدلاء بإفادته حول اغتيال ليتفيننكو وما يملكه من معلوماتٍ بهذا الشأن ليصار إلى الإستماع إليها من قبل المحكمة البريطانية العليا.. وقد عثرنا على نص هذه الإفادة في نسخةٍ مصوَّرة من عشر صفحاتٍ باللغة الإنكليزية، وسنحاول أن نعرض لأهم ما جاء فيها وخاصةً أنَّ هذه الإفادة تعطينا فكرةً عن كيفية ممارسة روسيا البوتينية للإرهاب في أوروبا عامةً وإيطاليا خاصةً، لا سيما وأنَّ الثورة السورية تشهد حالياً قمة هذا الإرهاب الروسي البوتيني وتجعلنا نتنبأ بالنصيب الذي قد تناله سورية من الجريمة الروسية المنظَّمة مستقبلاً، وما قد تشكِّله من معبرٍ لهذه الجريمة إلى كافة أنحاء الوطن العربي.  


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)



الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)




الطامع في ثروة سورية النفطية (26)

وفق إفادة رئيس "لجنة متروخين" باولو غوزانتي عام 2013:
جهاز الإستخبارات الروسية
على علاقة بالمافيا الإيطالية والأوكرانية





حسين احمد صبرا
بين عامي 2002 و2004 أُنشىء في إيطاليا ما عُرف بإسم "لجنة متروخين" للتحقيق بشأن علاقة بعض السياسيين الإيطاليين بجهاز الإستخبارات السوفياتية السابق الـ"كي. جي. بي"، وأيضاً بشأن علاقة روسيا الحالية بالجريمة المنظَّمة في إيطاليا..
ألكسندر ليتفيننكو
وكان المعارض الروسي وضابط الإستخبارات المنشق الشهيد ألكسندر ليتفيننكو واحداً من الذين تعاونوا مع هذه اللجنة وقدَّموا لها معلوماتٍ حول هذا الشأن وتعرَّض بسببها للتهديد بالقتل من قبل جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي" (الـ"كي. جي. بي" سابقاً)، وقد نجحت هذه الإستخبارات بتسميمه بمادة البولونيوم 210 المشعَّة في لندن في 1/ 11/ 2006، ما أدى إلى وفاته في الثالث والعشرين منه.. وبناءً على ذلك أُنشئت في بريطانيا لجنة تحقيق في مقتل ليتفيننكو أصدرت تقريرها النهائي في 21/ 1/ 2016، حيث اتَّهم قاضي المحكمة البريطانية العليا روبرت أوين الرئيسَ الروسي فلاديمير بوتين شخصياً بالوقوف وراء اغتيال ليتفيننكو في لندن عام 2006 (راجع الأحاديث السابقة).
باولو غوزنتي
في أواخر عام 2013، أي قبل صدور تقرير المحكمة البريطانية العليا بسنتين وشهرين، طلب جهاز الشرطة الإيطالية من رئيس "لجنة متروخين" الصحافي والسياسي الإيطالي باولو غوزانتي الإدلاء بإفادته حول اغتيال ليتفيننكو وما يملكه من معلوماتٍ بهذا الشأن ليصار إلى الإستماع إليها من قبل المحكمة البريطانية العليا.. وقد عثرنا على نص هذه الإفادة في نسخةٍ مصوَّرة من عشر صفحاتٍ باللغة الإنكليزية، وسنحاول أن نعرض لأهم ما جاء فيها وخاصةً أنَّ هذه الإفادة تعطينا فكرةً عن كيفية ممارسة روسيا البوتينية للإرهاب في أوروبا عامةً وإيطاليا خاصةً، لا سيما وأنَّ الثورة السورية تشهد حالياً قمة هذا الإرهاب الروسي البوتيني وتجعلنا نتنبأ بالنصيب الذي قد تناله سورية من الجريمة الروسية المنظَّمة مستقبلاً، وما قد تشكِّله من معبرٍ لهذه الجريمة إلى كافة أنحاء الوطن العربي.  
ماريو سكاراميلا
يعرض باولو غوزانتي بدايةً لعلاقته بالمستشار الأمني والمحامي الإيطالي ماريو سكاراميلا وكيف أنَّ الأخير كان قادراً على توفير معلوماتٍ عن حركة النفايات النووية الروسية مستنداً إلى معلوماتٍ يقدِّمها له أحد الجنرالات الروس، فيقول: "قدَّم ماريو سكاراميلا إلى مستشاري [لورنزا ماتاسَّا] جنرالاً روسياً (الجنرال دجتيار)، الذي كان مديراً لمركز الصواريخ الروسي، والذي كان قادراً على توفير معلوماتٍ عن حركة النفايات النووية وتخزينها وكيفية التخلص منها في الإتحاد السوفياتي السابق. اتَّصلتُ بماريو سكاراميلا والتقيتُ به في لندن مع العضو السابق في جهاز الإستخبارات العسكرية الخارجية السوفياتية ويُدعى فكتور سوفوروف، الذي كان في ذلك الوقت رئيس المجتمع الروسي في لندن، والذي قدَّم ألكسندرَ ليتفيننكو إلى ماريو سكاراميلا"..

غوزانتي وليتفيننكو

ثم يتحدَّث باولو غوزانتي عن بداية علاقته مع ألكسندر ليتفيننكو، فيقول: "في وقتٍ من الأوقات عندما كنت رئيساً للجنة متروخين، إما قبل أو بعد انتهاء صلاحية اللجنة، تحدَّثتُ مع ألكسندر ليتفيننكو [عبر الهاتف]. وقد شعرتُ كرئيسٍ للجنة بأنَّ عليَّ أن أحافظ على حدٍّ فاصل بيني وبين أولئك الأشخاص الذين يقدِّمون معلوماتٍ إلى مستشارِيَّ. وكنتُ أيضاً مدركاً بأنني لم أكن أريد فَضْحَ نفسي وفَضْحَ ألكسندر ليتفيننكو أو تعريض سلامته وسلامتي للخطر. المرة الوحيدة التي تحدَّثتُ فيها مع ألكسندر ليتفيننكو كانت عندما تحدَّثتُ معه عبر الهاتف بإيجاز. لقد قدَّم كلٌّ منَّا نفسَه للآخر فقط عبر الهاتف وتبادلنا بعض العبارات المهذَّبة، ولكن لا شيء أكثر من ذلك. وكان ماريو سكاراميلا حريصاً على أن ألتقي بليتفيننكو، بيد أنني فضَّلتُ عدم اللقاء به. لقد اعتقدتُ أنَّ هذا الأمر ممكن أن يكون غير مناسب. ومع ذلك كنتُ على علمٍ بالدواعي حينما سافر ألكسندر ليتفيننكو إلى إيطاليا حسبما وافاني ماريو سكاراميلا. إنَّ ألكسندر ليتفيننكو لم يكن قط مستخدَماً من قبل اللجنة أو نيابةً عنها. ولم تدفع له اللجنة قط مقابل المعلومات التي وفَّرها لها، ولكنَّ سَفَرَهُ (إلى إيطاليا) وتكاليف إقامته قد تمَّت تغطيتها من قبل ماريو سكاراميلا عبر العمل الذي كان يقوم به أيضاً بإسم "برنامج الوقاية من الجريمة البيئية" (ECPP) [وهي المنظمة التي تقفَّت أثر دفن النفايات النووية، بما في ذلك الصواريخ النووية السوفياتية التي خلَّفتها الحرب الباردة]. ولم تقم لجنة متروخين بتمويل ألكسندر ليتفيننكو بأي طريقة من الطرق. هو لم يطلب أن ندفع له ولا أحد عَرَضَ عليه مالاً قط".

التهديدات الروسية بالقتل

وحول ما إذا كان غوزانتي أو سكاراميلا أو ليتفيننكو قد تعرَّضوا لتهديداتٍ بالقتل بسبب المعلومات التي يجمعونها عن النشاط الروسي الإرهابي في أوروبا وإيطاليا، يقول غوزانتي: "لقد سُئلتُ ما إذا كنتُ على علمٍ بأي تهديدات موجَّهة إلى ماريو سكاراميلا أو ألكسندر ليتفيننكو بسبب التحقيقات التي أجرياها لمصلحة لجنة متروخين. أنا شخصياً لم أتلقَّ قط أيَّ تهديداتٍ مباشرة جراء عملي في اللجنة، ولكن سأشرح لاحقاً في هذه الإفادة حادثةً عندما قيل لي أنني أُشكِّل تهديداً للدولة الروسية. وأخبرني ماريو سكاراميلا بأنه قد تلقَّى تهديداتٍ، ولكني لم أكن حاضراً أو شاهداً بنفسي على تلك التهديدات، بمعنى أنه لم يكن لديَّ على الإطلاق أي سبب للشك في أن ما قاله لي هو الحقيقة. وأعتقد أنَّ أول مرة تعرَّض فيها ماريو سكاراميلا للتهديد كانت في روما وتقريباً في عيد الميلاد عام 2003 أو في وقتٍ مبكر من كانون الثاني/ يناير 2004 عندما هُدِّدَ من قبل شخصٍ يدعى يوجين توتسكي، وهو رئيسٌ سابق لجهاز الإستخبارات الأوكرانية. وكما فهمتُ من ماريو سكاراميلا فإنَّ يوجين توتسكي هو الذي طلب لقاءه، وقد أخبرني ماريو سكاراميلا أنه اجتمع مع هذا الرجل مرَّتين في حانة أحد المطاعم في روما. لقد وصفه بأنه كان يلمِّح له بشكلٍ مستتر جداً بأنَّ ماريو سكاراميلا في خطرٍ نتيجة عمله الأحمق الذي يقوم به لحساب لجنة متروخين، وأنْ يكون على علمٍ من أنه قد يُضْرَب بسهولة (فهمتُ من هذا أنه قد يتعرَّض لهجومٍ أو يُقْتَل). وقد أعلمني ماريو بأنَّ تحت تصرُّف يوجين توتسكي بلطجية من شأنهم أن ينفِّذوا التهديد ويجلبون معهم دليلاً على الحادثة بأن يقطعوا أصابع شخصٍ ما هو يعرفه".
ماريو سكاراميلا
يتابع غوزانتي: "حوالى عام 2004، حين كان ماريو سكاراميلا يقوم بمهمة مباشرة من قِبَل "برنامج الوقاية من الجريمة البيئية" (ECPP)، وهي الهيئة التي تعاملت مع الجريمة البيئية في إيطاليا، أخبرني ماريو بأنه تعرَّف على رجلٍ أوكراني يدعى ألكسندر تاليك، الذي كان عميلاً سابقاً لجهاز الإستخبارات السوفياتية السابقة الـ"كي. جي. بي" وهو الآن ضابطٌ في جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي". أخبرني ماريو سكاراميلا بأنه كان [أي ألكسندر تاليك] في ذلك الوقت منسِّقَ هدم المباني غير الشرعية في منطقة حديقة فيزوف الوطنية في إيطاليا [وهي ترتكز على بركان فيزوف النشط، جنوب شرق نابولي]. وكانت المنطقة حيث بُنِيَت تلك المباني تخضع لسيطرة كلٍّ من المافيا الإيطالية (كامورَّا) والمافيا الأوكرانية، وهاتان المافيتان كانتا ترتبطان بعملاء الـ"كي. جي. بي" السابقين. أخبرني ماريو سكاراميلا أنه خلال فترة أعمال الهدم تعرَّض لإطلاق النار. إنه من الصعب القول ما إذا كان هذا متعلِّقاً بعمل ماريو سكاراميلا في "لجنة متروخين" أم بعمله في "برنامج الوقاية من الجريمة البيئية"، وهو في الحالتين يتعامل مع الجريمة الأوكرانية. وفي وقتٍ لاحق أَعْلَمَ ألكسندر ليتفيننكو ماريو سكاراميلا بأنَّ ألكسندر تاليك كان يحضِّر لهجومٍ ضده وضدي. في عام 2005 كشف لي ماريو عن تفاصيل مؤامرة متورِّطٌ بها مواطنون أوكرانيون يعيشون في نابولي ويتنقلون باستمرار بين أوكرانيا وإيطاليا. وتتضمَّن المؤامرة (وفقاً لألكسندر ليتفيننكو) نقل أسلحة "غير تقليدية" من أوكرانيا إلى إيطاليا سيتم استخدامها في هجومٍ إرهابي ضدي وضد ماريو سكاراميلا. وقد زوَّد ألكسندر ليتفيننكو ماريو سكاراميلا بتفاصيل عن وثائق تسجيل السيارة التي سوف تستعمل في العملية. واستمر يزوِّده بالمعلومات بانتظام كلما توافر لديه المزيد منها. أخبرتُ ماريو سكاراميلا بأنَّ عليه إخبار الشرطة، وهو ما قام به فعلاً، وقد أوقَفَت الشرطة السيارة بعد ذلك. لقد عثروا على نسختين من الكتاب المقدَّس، واللتان اقتُطِعَ جزءٌ منهما ووُضِعَ فيهما قنبلتان يدويتان مضادَّتان للدبابات، فتمَّ توقيف ركَّاب السيارة. وبعد إلقاء القبض عليهم قامت السلطات الإيطالية بمضاعفة عناصر الأمن المولجين بحمايتي الشخصية. لم يتم إخباري قط لماذا فعلوا هذا ولكن من وجهة نظري لا بد أن يكون لذلك علاقة بالمؤامرة وأنَّ عليَّ أن آخذ التهديد على محمل الجد. وفي كانون الأول/ ديسمبر عام 2006 تمَّ اعتقال ماريو سكاراميلا في أوكرانيا أثناء عودته إلى روما من هناك، ووُجِّهَت إليه تهمة الإفتراء على السيد تاليك (الضابط الأوكراني في جهاز الإستخبارات الروسية). والأوكرانيون المعتقلون أُرسلوا في وقتٍ لاحق إلى المحاكمة ولكن تمَّت تبرئتهم. وأعتقد أنَّ مزاعم الإفتراء، التي ذكرتها الصحافة بعباراتٍ عامة، إنما كانت مؤامرةً استخدمها الروس لتشويه سمعة ماريو سكاراميلا (مما يعني ضمناً أنَّ تُهَم الإفتراء على علاقة بـ"برنامج الوقاية من الجريمة البيئية")".
ثم يضيف غوزانتي: "وفي اعتقادي أنَّ ألكسندر ليتفيننكو عرَّض نفسَهُ للخطر كنتيجةٍ مباشرة لتزويده لجنة ميتروخين بالمعلومات. في نهاية عام 2005 ومطلع عام 2006 سجَّل ألكسندر ليتفيننكو إفادته في شريط فيديو باللغة الروسية، والذي تمَّت ترجمته إلى اللغة الإيطالية من قِبَل شقيقه مكسيم ليتفيننكو، الذي يقيم في إيطاليا. الإفادة الواردة في شريط الفيديو هذا، الذي تبلغ مدَّته 10 دقائق، جرى تسجيلها في فندقٍ في روما حيث كان ماريو سكاراميلا حاضراً هو وأحد مستشاري لجنة متروخين يُدعى بيرلوكا بوتشيبوبي. قال ألكسندر ليتفيننكو خلال هذه الإفادة إنه عندما قرَّر مغادرة روسيا عام 2000 استشار الجنرال أناتولي تروفيموف – وهو أعلى منه رتبةً – والذي نصحه بعدم التوجُّه إلى ألمانيا أو إيطاليا لأنَّ شبكات جهاز  الـ"كي. جي. بي" السابق، والتي هي على اتصالٍ مع القيادات العليا للشرطة الإيطالية، ما تزال تنشط بشكلٍ قوي جداً وتعمل في هذين البلدين. وفي تلك الإفادة ذهب ألكسندر ليتفيننكو إلى حد الشرح بأنَّ أناتولي تروفيموف أخبره بأنَّه يُقال في دوائر الـ"كي. جي. بي" إنَّ رومانو برودي (رئيس المفوَّضية الأوروبية في ذلك الوقت) هو "رَجُلُنا"، وهذا التلميح معناه أنَّ برودي كان عميلاً للـ"كي. جي. بي" التي لديها القدرة على التأثير عليه. ولاحقاً تحوَّلت عبارة "رَجُلُنا" إلى لقبٍ يُطلَق على برودي في إيطاليا. إنَّ الآثار المترتبة على إفادة ألكسندر ليتفيننكو، والتي أدلى بها في شريط الفيديو، كانت واضحة ومن شأنها أن تجعل منه عدواً لكلٍّ من رومانو برودي والـ"كي. جي. بي" [يقصد الإستخبارات الروسية الحالية]. وكان ألكسندر ليتفيننكو قد أعطى هذه المعلومات في وقتٍ سابق إلى ماريو سكاراميلا، ولكنه رفض دائماً أن يكشف له عن إسم الشخص الذي نَصَحَهُ، ولم يقرِّر الكشف علناً عن هوية أناتولي تروفيموف إلا بعد اغتيال الأخير وزوجه في موسكو [في 10/ 4/ 2005]. وبعد هذا التصريح أُرسل شريط الفيديو في مغلَّفٍ إلى مكتب لجنة متروخين في روما عن طريق ماريو سكاراميلا. وقبل أن يتم حفظ الأشرطة في الأرشيف اتَّصلتُ باللجنة وأعطيتُ توجيهاتي بأن توضع الأشرطة في مكانٍ آمن لدواعٍ أمنية. لم أكن أريد أن تظهر هذه الشرائط إلى العلن لأنَّ الإنتخابات النيابية كانت على وشك أن تبدأ ولم أكن أريد أن أكون متَّهَماً بالتأثير على نتائج الإنتخابات. ومع ذلك فإنني في غضون أسبوعٍ أو أسبوعين بدأت أرى مقالاتٍ صحافية منشورة في وسائل الإعلام تشير إلى المحتوى الذي ورد على لسان ألكسندر ليتفيننكو في شريط الفيديو، وقد أجريتُ تحقيقاتٍ حول هذا الشأن واكتشفتُ أنَّ الشرائط أُخذت من مكانها الآمن وتم عمل نسخة عنها، ومنذ ذلك الوقت لم أرَ هذه الشرائط قط، وبات محتواها الآن متاحاً علناً عبر الإنترنت، حتى أنني وضعتُ نسخةً من شريط الفيديو هذا في موقعي الإلكتروني الشخصي".

اللائحة السوداء

الصحافية الشهيدة آنَّا بوليتكوفسكايا
ويكشف غوزانتي عن وضعه مع سكاراميلا وليتفيننكو وغيرهم على اللائحة السوداء من قبل الدولة الروسية، فيقول: "وقد طُلب مني إن كنتُ ما زلتُ أذكر مناقشةً جرت بيني وبين ماريو سكاراميلا في تشرين الأول/ أكتوبر 2006 تتعلَّق بمحادثةٍ أجراها [سكاراميلا] مع شخصٍ قدَّم نفسه على أنه عميلٌ سابق في جهاز الإستخبارات الروسية الخارجية "أس. في. آر" ويُدعى يفجيني ليماريف تتعلَّق بعملية اغتيال (الصحافية الروسية) آنَّا بوليتكوفسكايا [عام 2006]. إنني أتذكَّر مثل هذا الحديث، الذي حصل في اليوم التالي لمقتل آنَّا بوليتكوفسكايا في موسكو. في ذلك الوقت كنتُ أنا وماريو سكاراميلا في سيارة شرطة برفقة مرافقِيَّ من رجال الشرطة متَّجهين إلى مدينة تيرامو حيث كانت تجري محاكمة الأوكرانيين، وكنا على حدٍ سواء ذاهبَين للإدلاء بشهادتينا في تلك القضية. خلال هذه الرحلة أخبرني ماريو سكاراميلا بأنه قد تلقَّى معلوماتٍ من يفجيني ليماريف بأنه قد تمَّ وضعُنا نحن الإثنين على اللائحة السوداء من قبل الدولة الروسية جنباً إلى جنب مع (الملياردير الروسي اليهودي) بوريس بيريزوفسكي وألكسندر ليتفيننكو و[العقيد في الـ"كي. جي. بي" الذي تعامل مع الإستخبارات البريطانية في السبعينيات والثمانينيات] أوليج جورديفسكي، وآنَّا بوليتكوفسكايا. في تموز/ يوليو 2005 أجاز مجلس الدوما الروسي تشريعاتٍ تقضي بالقضاء على أي إنسان في أي جزءٍ من العالم يُعتبر عدواً للدولة الروسية أو يشكِّل خطراً عليها. ومنذ ذلك الوقت – كما نعلم – فإنَّ ألكسندر ليتفيننكو وآنَّا بوليتكوفسكايا وبوريس بيريزوفسكي إما قُتِلوا أو تُوُفُّوا في ظروفٍ غامضة".
يفجيني ليماريف
ويضيف غوزانتي: "كما أخبرني ماريو سكاراميلا خلال تلك الرحلة أنه تلقَّى اتصالاً هاتفياً ورسالةً بريدية من [العميل السابق في جهاز الإستخبارات الروسية الخارجية] يفجيني ليماريف، الذي أخبره بأنه وفقاً لمعلوماته في موسكو فإنَّ السياسة الجديدة للدولة الروسية في عمليات القتل من الممكن أن تتضمَّن استخدام السموم المشعَّة مثل الثاليوم. ولا أستطيع التذكُّر ما إذا أخبرني ماريو سكاراميلا بأنه تلقَّى هذه المعلومات عبر الإتصال الهاتفي أم عبر الرسالة البريدية، ولكنه بدا قلقاً جداً من هذه التطورات. وكنتُ أكثر تشكُّكاً حول الأهمية التي يجب أن تُعطى لهذه المعلومات. في ذلك الوقت كنتُ على علمٍ بأنَّ يفجيني ليماريف كان مستخدَماً من قبل ماريو سكاراميلا كمصدرٍ للمعلومات. لقد كانت لي شكوكٌ حوله لأنني لم أستطع أن أفهم لماذا هو يزوِّد ماريو سكاراميلا بالمعلومات ومن كان مصدر معلوماته. وقد أخبرني ماريو سكاراميلا بأنه كان هناك علاقة بزنس بين يفجيني ليماريف و"برنامج الوقاية من الجريمة البيئية" (ECPP) لأنه كان يملك معلوماتٍ ذات صلة بحركة النفايات النووية. وفي وقتٍ لاحق وجدتُ أنَّ يفجيني ليماريف كان مراسلاً صحافياً محلياً (وسيطاً) مستخدماً من قبل الصحافيين في صحيفة "لا ريبوبليكا"، وهي الصحيفة نفسها التي قادت حملة تشويه ضد لجنة متروخين. وبعد تفكيرٍ عميق بدا كما لو أنَّ المعلومات التي سرَّبها يفجيني ليماريف إلى ماريو سكاراميلا قد حَوَت بعض الأمور الثمينة. ومع ذلك فإنني أعتقد أنَّ يفجيني ليماريف قد استخدم ماريو سكاراميلا لتزويده بمعلوماتٍ صحيحة وخاطئة على حدٍّ سواء. إنَّ يفجيني ليماريف هو الذي دفع ماريو سكاراميلا للّقاء بألكسندر ليتفيننكو في لندن مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2006 مخبراً إياه بأنَّ حياته [أي حياة سكاراميلا] وحياة ليتفيننكو في خطر. وقد سافر ماريو سكاراميلا إلى لندن لحضور مؤتمر المنظمة البحرية الدولية، وبعد ذلك، اللقاء بألكسندر ليتفيننكو في حانة "سوتشي". وقد أخبرني ماريو سكاراميلا، في الأيام التي أعقبت نقل ألكسندر ليتفيننكو إلى المستشفى [بعد تسميمه بمادة البولونيوم 210 المشعَّة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006]، أنَّ مندوباً آخر في مؤتمر المنظمة البحرية الدولية، وهو روسي يُدعى بونوماريوف، قد مات في احد المسارح في لندن. وقال لي إنَّ هذا الرجل قد عانى من حالة عرضية دفعته إلى ان يشرب كمياتٍ مفرطة من المياه. إنَّ هذا يُعتبر أحد الأعراض النموذجية للتسمُّم النووي. وقد أُعيدت جثَّتُهُ إلى روسيا حيث تمَّ حرقُها. وأخبرني ماريو سكاراميلا أنَّ بونوماريوف قال له إنَّ غواصةً قد غرقت أثناء الحقبة السوفياتية في خليج نابولي عام 1970 مع شحنتها من الصواريخ النووية التي كانت على متنها وأنها على ما يبدو ما زالت هناك مشكِّلةً تهديداً للبيئة إلى يومنا هذا".

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 26 أيلول/ سبتمبر 2016، رقم العدد 1766).

الحديث التالي:
الحديث السابق:










 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق