2017/02/25

كتاب "بوتين زعيم مافيا" (24)/ العلاقة الجيدة مع موجيليفيتش تعني أنَّ بوتين هو الأب الروحي للمافيا الروسية.



الآن نعود لنربط ما أسلفناه بموضوعنا الرئيس: فما يُقال من هنا وهناك عن "علاقة جيدة" تربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزعيم المافياويين سيميون موجيليفيتش يعني أنَّ بوتين على علاقة جيدة بالمافيا الروسية عموماً ومافيا "براتفا" خصوصاً.. ثم أن يقوم بوتين بسجن موجيليفيتش لمدة عامٍ ونصف العام حينما أراد أن يصعِّد أزمة الغاز الطبيعي مع أوكرانيا، وعدم قيام مافيا "براتفا" بأي ردة فعل، إنما يدل على أن بوتين يسيطر سيطرةً مطلقة على هذه المافيا وعلى زعيمها، يزج به في السجن متى شاء ويُفرج عنه متى شاء، مستخدماً إياه كورقة في صراعه السياسي والإقتصادي مع أوكرانيا...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)



الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)




الطامع في ثروة سورية النفطية (24)

العلاقة الجيدة مع موجيليفيتش
تعني أنَّ بوتين هو الأب الروحي للمافيا الروسية





حسين احمد صبرا
ما قاله المعارض الروسي الشهيد ألكسندر ليتفيننكو عن وجود "علاقة جيدة" بين بوتين وزعيم المافيا الروسية اليهودي سيميون موجيليفيتش، وما سُرِّب من قول الرئيس السابق لجهاز الأمن الأوكراني ليونيد ديركاش للرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما من أنَّ موجيليفيتش "على علاقة جيدة مع بوتين"، وأنهما "على اتصالٍ منذ أن كان بوتين ما يزال في لينينغراد" وأنَّ "بينهما شؤونٌ خاصة"... كل ذلك له معنى واحد وهو أنَّ بوتين على علاقة جيدة بالمافيا الروسية.
بوتين - موجيليفيتش
وما يلفتنا في هذا الإطار أنَّ موجيليفيتش، بكل الهالة التي تحيط به من قوة وبطش وجبروت، استطاع بوتين بسهولة أن يزج به في السجن لمدة عامٍ ونصف العام (بين عامي 2008 و2009 أثناء تصعيد الصراع مع أوكرانيا بشأن الغاز الطبيعي/ راجع الحديث السابق) دون أن يلقى الأمر أي اعتراض أو يشهد أي مواجهة، بما يعني أنَّ موجيليفيتش هو تحت سيطرة بوتين المطلقة، يعتقله متى يشاء ويُفرج عنه متى يشاء.. ليس هذا فحسب، بل إنَّ بوتين يدع موجيليفيتش حراً طليقاً في روسيا ويرفض أن يسلِّمه إلى العدالة الأميركية، حيث وضعه مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي الـ"أف. بي. آي" منذ العام 2009 ضمن العشرة الأوائل الأكثر خطراً والمطلوبين للعدالة الأميركية جراء 40 تهمة موجَّهة إليه وأبرزها الإحتيال وغسيل الأموال وتجارة المخدرات وتجارة السلاح والتجارة بالمواد النووية وإدارة شبكات الدعارة الدولية...   
والسؤال: ما سر هذه المافيا الروسية، التي ما لبثت أن توحَّدت تحت جناح سيميون موجيليفيتش، حتى بات يُطلَق على الأخير لقب "زعيم الزعماء المافياويين" (Boss of Bosses)، وهو مستقى من لقب الزعيم السابق للمافيا الإيطالية في نيويورك بول كاستلَّانو؟ 

مافيا "براتفا"

   عقب انهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991 برزت على السطح مافيات روسية متعددة سرعان ما نشب بينها صراع عنيف ودامٍ على تناتش ثروات البلاد الهائلة والتي سرعان ما تحوَّلت إلى مالٍ سائبٍ لكل مَنْ هبَّ ودَبّ بعد انهيار الدولة المركزية.. إلى أن تمخَّض هذا الصراع عن بروز اثنتين من المافيات باتتا تسيطران على الساحة الروسية منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، هما: مافيا "تامبوف" في بطرسبورج، ومافيا "سولِنْتسِفْسكايا براتفا" في موسكو.. وتبرز قوة سيميون موجيليفيتش من كونه أصبح "زعيم الزعماء" لهاتين المافيتين ويُعتبر عقلهما المدبِّر.
    ونبقى مع مافيا "براتفا" (الأخوة/ وتسمَّى بالإنجليزية "برازرهود)، والتي هي الأكبر والأقوى والأكثر نفوذاً في روسيا وتنشط في العاصمة وتتألَّف في غالبيتها من الروس واليهود الروس والجورجيين وجنسياتٍ أخرى، حيث نريد بتحليلنا أن نلقي الضوء على الحقائق التالية:
أولاً، أنَّ مافيا "براتفا" هي صنيعة جهاز الإستخبارات السوفياتية الـ"كي. جي. بي" ليس إلا، حيث كان يستخدمها زمن الإتحاد السوفياتي لأغراضه القذرة داخل البلاد وخارجها. وليس أدل على ذلك من هذه المعلومة: فمافيا "براتفا" قامت زمن الإتحاد السوفياتي بتزويد عصابات المخدرات الكولومبية بغواصات سوفياتية من أجل تسهيل عملياتها في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة الأميركية، مما يعني لنا بوضوحٍ تام أنَّ هذه المافيا كانت تعمل بإشراف جهاز الـ"كي. جي. بي".   
ثانياً، أنَّ مافيا "براتفا" تضم في عضويتها حالياً أكثر من 300 ألف عضو، أي جيشاً بحد ذاته، بينهم الآلاف من عملاء الـ"كي. جي. بي" السابقين والقوات الخاصة "سبيتسناز".
براتفا وتجارة المخدرات
ثالثاً، أنه وعند انهيار الإتحاد السوفياتي استطاعت مافيا "براتفا" بسحر ساحر أن تنهب أصول الدولة في مزاداتٍ وهمية، وقد تضمَّنت هذه المزادات مخزونات الأسلحة، إضافةً إلى موارد النفط والغاز الطبيعي، كما استحوذت على المؤسسات المالية التي يمكن من خلالها غسل مكاسبهم غير الشرعية، ما دَفَعَ بالرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين إلى وصف روسيا بأنها "أكبر دولة مافيا في العالم".. وقد قدَّرت وزارة الشؤون الداخلية الروسية في التسعينيات أنَّ مافيات الجريمة المنظمة في روسيا باتت تسيطر على 40% من شركات القطاع الخاص، و60% من شركات القطاع العام، وما بين 50 إلى 85% من البنوك، أي بما يعني أنَّ "براتفا" باتت تسيطر في ذلك الوقت على ثلثي الإقتصاد الروسي، مع الإشارة إلى أنَّ غالبية الشركات الخاصة كانت مرغمة على دفع المال لهذه المافيا بغية حماية نفسها، وقد تراوحت قيمة ما كانت تدفعه ما بين 10 إلى 30% من أرباحها.. ونريد أن نربط ذلك كله بالصلة التي ربطت بين هذه المافيا وبين جهاز الإستخبارات السوفياتية الـ"كي. جي. بي" سابقاً، ثم جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي" لاحقاً، ما أعطاها القوة في أن تسيطر على ثلث مقدَّرات البلاد!
    رابعاً، ووفقاً لوثائق ويكيليكس عام 2010 فإنَّ مافيا "براتفا" تمارس عمليات الإبتزاز تحت حماية جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي"، ما يعني لنا بوضوح أنها تُدار حالياً من قبل الإستخبارات الروسية.

بوتين والمافيا


     الآن نعود لنربط ما أسلفناه بموضوعنا الرئيس: فما يُقال من هنا وهناك عن "علاقة جيدة" تربط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزعيم المافياويين سيميون موجيليفيتش يعني أنَّ بوتين على علاقة جيدة بالمافيا الروسية عموماً ومافيا "براتفا" خصوصاً.. ثم أن يقوم بوتين بسجن موجيليفيتش لمدة عامٍ ونصف العام حينما أراد أن يصعِّد أزمة الغاز الطبيعي مع أوكرانيا، وعدم قيام مافيا "براتفا" بأي ردة فعل، إنما يدل على أن بوتين يسيطر سيطرةً مطلقة على هذه المافيا وعلى زعيمها، يزج به في السجن متى شاء ويُفرج عنه متى شاء، مستخدماً إياه كورقة في صراعه السياسي والإقتصادي مع أوكرانيا.  
   فمن ناحية أولى، إنَّ علاقة بوتين الجيدة بموجيليفيتش وما يربط بينهما من "شؤونٍ خاصة"، تعني أنَّ بوتين يرتبط بصلةٍ ما مع هذا الزعيم المافيوي، الذي يشكِّل بالنسبة إلى مافيا "براتفا" مفتاحَ غسيل الأموال، حيث أسَّس لها أكثر من 100 شركة وهمية وحساباتٌ مصرفية في 27 دولة مختلفة (في النمسا وكندا وتشيكيا وفرنسا والمجر وإسرائيل وإيطاليا ونيوزيلندا وسلوفاكيا وأوكرانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها) تؤمِّن له ولمافيته تدفقاً مستمراً للأموال.
ومن ناحية ثانية، إنَّ بوتين على علاقة جيدة بمافيا "براتفا" التي تقوم بالآتي: تهريب الأسلحة، والإتجار بالأسلحة، وتهريب المواد النووية، والإتجار بالبشر، والدعارة، وتهريب المخدرات، والإتجار بالمخدرات، والإحتيال والإبتزاز وفرض الخوَّات والسرقة (بما فيها سرقة السيارات) والحرق والرشوة، وغسل الأموال، والقتل والصدامات المسلحة، وتجارة الأعضاء البشرية، وغير ذلك... كما أنها تسيطر في أسبانيا على 90% من سوق المخدرات وسوق السلاح غير الشرعي.. وتحصل على نسبة 30% من أموال أباطرة المخدرات في المكسيك حيث تقوم بغسلها..
أوليس ما أوردناه يجعل من بوتين الأَبَ الروحي للمافيا الروسية؟!

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 29 آب/ أغسطس 2016، رقم العدد 1763).

الحديث التالي:
الحديث السابق:












 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق