2017/01/31

كتاب "تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين" (6)/ كاسباروف يقول لــ"دير شبيغل": بوتين يريد إبقاء الأسد في السلطة مهما كان الثمن.



    ·        غاري كاسباروف:
-روسيا دولة مافيا وبوتين هو العُرَّاب
-بوتين يحتاج إلى الحروب لإضفاء الشرعية على منصبه
-بوتين يقصف الثوار الذين يقاتلون الدكتاتور بشار الأسد
-بوتين يخشى النهاية التي لَحِقَتْ بالقذافي في ليبيا



إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




كتاب
تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016 – 2017)
(قمنا بتعريب تصريحات ومقالات كاسباروف عن الإنجليزية وصغناها بأسلوب صحافي)


الإهداء:
إلى غاري كاسباروف ومنه إلى سورية الحبيبة


تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين (6)

لاعب الشطرنج العالمي غاري كاسباروف يقول لــ"دير شبيغل":
بوتين يريد إبقاء الأسد في السلطة مهما كان الثمن

غاري كاسباروف: الغرب استسلم أخلاقياً
أمام سياسة الكرملين الخارجية العدوانية


·      غاري كاسباروف:
-روسيا دولة مافيا وبوتين هو العُرَّاب
-بوتين يحتاج إلى الحروب لإضفاء الشرعية على منصبه
-بوتين يقصف الثوار الذين يقاتلون الدكتاتور بشار الأسد
-بوتين يخشى النهاية التي لَحِقَتْ بالقذافي في ليبيا


حسين احمد صبرا
تابَعَ لاعب الشطرنج العالمي والمعارض الروسي البارز هجومه على بوتين وعدوانه على سورية، ووصف بوتين في حديثٍ إلى صحيفة "دير شبيغل" الألمانية أجراه معه إريتش فولاَّث في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 بأنه دكتاتور بحاجة إلى حروبٍ ليحافظ على منصبه وبأنه يشكِّل أكبر تهديد للسلام العالمي، كما اتَّهم الغربَ بالإستسلام الأخلاقي أمام سياسة الكرملين الخارجية العدوانية.. وقال كاسباروف: "إنَّ روسيا اليوم هي دولة مافيا، وبوتين هو العرَّاب الأول لها. النظام هو في ورطة إقتصادياً ولم يعد قادراً على تقديم شيءٍ لمواطنيه. هذا هو السبب في انتهاج بوتين سياسة خارجية عدوانية لكي يتمكَّن من أن يُقَدِّم إلى شعبه خرافة الكبرياء الروسي واستعادة قوَّتها كقوة عظمى. لكنه يستخدم الدعاية الفاشية للقيام بذلك. وهو يتصرَّف من أوكرانيا إلى سورية كجنرال عالمي جديد ويحتفل بالإنتصارات، في حين أنَّ الرئيس الأميركي يجلس على الهامش وأوروبا نائمة. إنَّ سلوك الغرب تجاه بوتين هو استسلامٌ سياسي وأخلاقي".
القاتل الجماعي بشار الأسد
وينفي كاسباروف أن يكون مبالغاً في موقفه هذا، قائلاً: "إنَّ الناس كانوا سيهزُّون رؤوسهم غير مصدِّقين إذا ما تنبَّأ أحدٌ ما قبل 15 شهراً بأنَّ بوتين سيضم شبه جزيرة القرم وينتهك بشكلٍ فاضح الحدود الأوروبية بعد الحرب (العالمية الثانية). ثم جاء التوسُّع شرق أوكرانيا، والآن التدخل العسكري المباشر في الحرب السورية إلى جانب القاتل الجماعي بشار الأسد. إنَّ بوتين يحتاج إلى الحروب لإضفاء الشرعية على موقعه. إنها الخطوة الوحيدة المتبقية له. ومثوله أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر أيلول/ سبتمبر (2015) هو بشكلٍ نموذجي من أجل الفعل ومواجهة رد الفعل".
من ضحايا العدوان الروسي على سورية
ويتابع كاسباروف موضِّحاً: "لقد تحدَّث بوتين دون خجلٍ عن أهمية السيادة الوطنية في سورية، وهو مفهومٌ  كما يبدو قريبٌ وعزيزٌ على قلبه ما لم يتعلَّق الأمر بسيادة جورجيا وأوكرانيا أو أي بلدٍ آخر تدخَّل فيه. ثم عَرَضَ تعاونه ولكن دون تقديم أي تنازلاتٍ ملموسة على الإطلاق، ولم يكن مرغماً على ذلك في كلا الحالتين. إنه يعلم ما يستطيع الإعتماد عليه، فلديه الأدوات التي هي أكثر قيمة من الكلمات: لديه دبابات في أوكرانيا وطائرات حربية في سورية وباراك أوباما في البيت الأبيض. إنَّ خطابه أمام الأمم المتحدة لم يستغرق سوى ساعة واحدة وكان ركيكاً كلياً. ليس لدى الغرب أي شيءٍ يفعله مع موسكو سوى التهدئة".
وحول ما إذا كان يقارن بوتين بهتلر، وأوباما برئيس الوزراء البريطاني السابق تشمبرلين، الذي انتهج سياسةً شجَّعت هتلر على غزو بولندا عام 1938، يجيب كاسباروف: "أنا أعلم مدى حساسية هذه المقارنات الملطَّفة، وخاصةً في ألمانيا، لكنني أعتقد أنَّ هناك أوجه شبهٍ واضحة، فالعديد من السياسيين في الغرب يتمسكون بمفهوم الشراكة مع روسيا، ويريدونها أن تشمل بوتين، وأن يقدِّموا تنازلاتٍ والإستمرار في التفاوض معه على صفقاتٍ جديدة. لكنَّ التاريخ يعلَّمنا أنه كلما سعينا إلى التهدئة وعدم قيامنا بأي شيء كلما دفعنا الثمن غالياً لاحقاً. إنَّ الطغاة لا يسألون: "لماذا؟" قبل أن يستولوا أكثر فأكثر على السلطة، بل يسألون: "لِمَ لا؟".
قوات عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم
وعمَّا إذا كان الغرب قد تصرَّف بشدة حيال ضم بوتين لشبه جزيرة القرم عام 2014 وفرض عقوباتٍ إقتصادية على روسيا، يقول كاسباروف: "أرحِّب بهذا من حيث المبدأ، لكنَّ العقوبات والقيود المفروضة على السفر كان من شأنها أن تكون أكثر شمولاً لتكون مؤلمة حقاً لبوتين وحاشيته. إنَّ الطبقة المتوسطة الجديدة (في روسيا) ينبغي أن تشعر أيضاً بآثار ما يقوم به. على سبيل المثال ينبغي أن نسأل أولئك الذين يرغبون في زيارة دول الإتحاد الأوروبي ما إذا كانوا قد زاروا شبه جزيرة القرم المحتلة بشكلٍ غير قانوني في الأشهر القليلة الماضية. فإذا ما كان الجواب "نعم" فيجب حرمانهم من الحصول على تأشيرة الدخول. نحن نعيش في عصرٍ جليدي جديد، ونحن بحاجة إلى تطبيق وصفات الحرب الباردة ضد الكرملين، وهذا يعني العزلة بدلاً من عروض التفاوض. وكان من المفترض مد أوكرانيا بالسلاح من فترةٍ طويلة".. ويضيف موضِّحاً: "يجب أن تكون لدى البلدان القدرة على الدفاع عن نفسها، أنا أتحدَّث فقط عن أسلحة دفاعية".
وعن كون روسيا، رغم كل الإنتقادات، عنصراً أساسياً خاصةً في إحلال السلام في سورية، وقبلها في اتفاق الغرب النووي مع إيران، أجاب كاسباروف: "أجل، أنا أعلم، وهذا ما يسمَّى بالواقعية السياسية، ولكنَّ أهمية السياسة الخارجية تجاه الشرق من قبل العالم الحر ستكون أفضل بكثير استناداً إلى الوعي الذاتي بأن نكون على الجانب الصحيح من التاريخ. إنَّ لدى بوتين هذه الغريزة الحيوانية الموجودة عند كل الطغاة: إنه يشتم رائحة الضعف، وعلى حد تعريف ونستون تشرشل لمعنى الإسترضاء: "إنَّ الشخص المسترضي هو الذي يغذِّي التمساحَ على أملٍ بأن يأكله تمساحٌ آخر". 
وعمَّا إذا كان على قناعة بأنَّ بوتين سوف يودي بروسيا إلى كارثة، يجيب كاسباروف: "عندما أصبح العقيد السابق في جهاز الإستخبارات (السوفياتية) الـ"كي جي بي" فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا في 31/ 12/ 1999، بعد ثماني سنوات من الإنقلاب الفاشل على غورباتشوف وبعد ثماني سنوات من قيام الناس بتحطيم تمثال المؤسس الكريه للـ"كي جي بي" فيليكس دزيرجينسكي، فإنَّ ذلك وباعتراف الجميع شكَّل صدمة في موسكو. ومع ذلك قرَّرتُ أن أعطي بوتين فرصة. لقد كان يبدو ديناميكياً وقادراً على التعلُّم، ولكن كان عليَّ أن أدفن آمالي بعد بضعة أشهر فقط. لقد أثبت أنه أوتوقراطي (أي وضع السلطة كلها بيده) ولأنَّ الغرب تركه يفعل ما يشاء فتحوَّل إلى دكتاتور".. أما عن خرق الغرب لتعهداته بأن توسَّع في حلف الناتو شرق روسيا، وارتكاب الإتحاد الأوروبي أخطاءً عندما قَدُمَ إلى روسيا وتحدَّى الكرملين بلا داعٍ، يقول كاسباروف: "أنا لا أرى في ذلك إذلالاً. لقد انضمَّت بلدان أوروبا الشرقية إلى التحالف العسكري (الناتو) بمحض إرادتهم، وأوكرانيا تريد أن تشقَّ طريقها بنفسها. موسكو هي ببساطة تعارض الإعتراف بحق هذه الدول في تقرير مصيرها".

وتسأل "دير شبيغل" غاري كاسباروف عن دعوته مؤخراً إلى محاكمة بوتين أمام المحكمة الجنائية الدولية، في حين لم يَدْعُ كذلك إلى محاكمة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش عن غزوه للعراق منتهكاً القانون الدولي ومستنداً إلى أكاذيب ومتسبِّباً بآلافٍ مؤلَّفة من القتلى، فيقول كاسباروف: "أنا لم أَقُل إنَّ كل ما فعله جورج دبليو بوش كان صحيحاً، ولكن حتى ولو كنتَ تأخذ بوجهة نظر متشكِّكة من الحرب في العراق، فإنَّ أوباما ارتكب خطأً أكثر خطراً حينما سحب قواته من العراق في وقتٍ مبكر، ما سمح للميليشيا الإرهابية المروِّعة "داعش" بالحصول على موطىء قدم".
بوتين: توسيع القاعدة العسكرية الروسية في سورية
أما عن قول بوتين الآن بأنه يريد محاربة "داعش" فيردُّ كاسباروف: "لكنه لا يفعل ذلك، وإنْ كان يفعل فبشكلٍ هامشي فقط. لقد قصف بشكلٍ رئيسٍ الثوار الذين يقاتلون الدكتاتور بشار الأسد. إنَّ بوتين يريد إبقاء الأسد في السلطة وتوسيع قاعدته العسكرية الخاصة به في سورية، مهما كان الثمن. حتى أنني أعتقد أنَّ لدى بوتين مصلحة في خلق المزيد والمزيد من اللاجئين الفارين من البلاد، ذلك أنَّ تدفُّق اللاجئين يحسِّن وضعه التفاوضي مع الغرب، بما في ذلك المستشارة الألمانية. وبالمناسبة فإنه يكنّ لها المزيد من الإحترام أكثر من أي سياسي غربي آخر. إنه يحتقر الآخرين، وهو أصلاً لديه أصدقاء في أوروبا من اليمين المتطرف مثل الجبهة الوطنية التابعة لمارين لوبان في فرنسا".. وأضاف كاسباروف بأنَّ بوتين "أخطأ على المدى الطويل في مغامرته في سورية".
حطام الطائرة السياحية الروسية فوق سيناء
وعمَّا يتوقَّعه من رد فعلٍ من قبل الشعب الروسي على ادعاء داعش بأنها فجَّرت طائرة سياحية كانت تطير فوق شبه جزيرة سيناء مغادرةً شرم الشيخ في 31/ 10/ 2015، مما أسفر عن مقتل 224 شخصاً كانوا على متنها، قال كاسباروف: "نحن نعرف القليل حتى الآن، ولدى بوتين الكثير ليكسبه من خلال إلقاء اللوم على داعش بدلاً من إلقائه على البنية التحتية المتهالكة لروسيا. إنَّ الإنتقام لهجومٍ إرهابي هو أمرٌ مثالي لنموذج بوتين، وسيتم ملء آلته الدعائية بمشاهد ضحايا حادث تحطُّم الطائرة إذا ما رأى بوتين أنَّ في ذلك حاجة إلى حربٍ أكبر لإذكاء دعمه المحلي مرةً أخرى كلما تأرجح الإقتصاد الروسي".
كاسباروف: بوتين يلعب البوكر وليس الشطرنج
أما بالنسبة إلى قوله بأنَّ لعبةَ الشطرنج تحاكي الحياة، وعمَّا إذا كانت هذه اللعبة تشبه اللعبة في السياسة العالمية، يردُّ كاسباروف بقوله: "إنَّ بوتين هو لاعب بوكر أكثر من أي شيءٍ آخر. في لعبة البوكر – على عكس لعبة الشطرنج – حيث يمكنك عن طريق الخداع أن تعوِّض بشكلٍ فاعل عن اليد الضعيفة جداً. هناك قواعد ثابتة في لعبة الشطرنج ولا أحد يعرف كيف ستنتهي المباراة. الأمور حالياً هي على العكس في مملكة بوتين، ولكنها لن تبقى على هذه الحال إلى الأبد. إنني أتطلَّع إلى اليوم الذي يتم فيه إنقاذ بلدي، والفائز الحالي يصبح الخاسر".
يُسأل كاسباروف: هل يمكن لك أن تتخيَّل أنه يمكنك لعب دورٍ رئيسٍ في روسيا؟ فيجيب: "أنا لا أفكر في المناصب الممكنة، لكنني بالتأكيد أريد أن أكون مشاركاً في العملية السياسية والمساعدة في صياغة المرحلة الإنتقالية. أنا على اتصال مع منتقدي النظام الذين اضطرَّهم الأمر إلى المغادرة إلى الغرب. واحدٌ منهم رجل الأعمال السابق ميخائيل خودوركوفسكي، الذي اضطرَّه الأمر إلى تحمُّل 10 سنوات في معسكر الإعتقال".
الشهيد بوريس نيمتسوف
وعن ادعاء الكرملين بأنه يعتزم استخدام كل الوسائل الممكنة للكشف عن عملية اغتيال صديقه المعارض الروسي البارز بوريس نيمتسوف (في 27/ 2/ 2015) بالقرب من مبنى الكرملين في موسكو، يجيب كاسباروف: "إنها قمة السخرية، إذ ليس هناك أدنى شك في أنَّ بوتين هو المسؤول عن هذه الجريمة سواء أعطى بنفسه الأوامر  بارتكاب جريمة القتل أم لا. لقد خلق بوتين الظروف والأجواء التي جعلت حدوث هذا النوع من الأمور تحصل".. وحول ما إذا كان يخشى على حياته من الإغتيال، يقول: "لستُ مصاباً بجنون العَظَمة، ولكنني حَذِر. أنا لا أشرب الشاي مع الغرباء، ولا أسافر عبر الطيران الروسي "ايرفلوت"، وأتجنَّب زيارة بعض البلدان التي هي على علاقاتٍ وثيقة مع روسيا".. ويضيف: "أود السفر إلى بلدي مرةً أخرى، إلى بلادٍ من دون دكتاتورية، إلى روسيا ما بعد بوتين. أما متى؟ فالخبر السيئ هو أنني لا أعرف، والخبر السار هو أنَّ بوتين لا يعرف أيضاً. إنَّ عدوانيته هي مثل المخدرات، ويتوجَّب عليه الحفاظ على جرعة عالية، مما يزيد من المخاطر بالنسبة إليه. إنَّ الدكتاتوريات تسقط أحياناً بشكلٍ غير متوقَّع وبسرعة، وبوتين يعلم أنَّ فقدان السلطة بالنسبة إليه لا يعني التقاعد المريح، ولكن شيئاً مختلفاً تماماً".
وعن النهاية التي يخشاها بوتين، يقول كاسباروف: "إنَّ بوتين يخشى النهاية التي لحقَتْ بالقذافي في ليبيا".

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 2 أيار/ مايو 2016، العدد رقم 1747).

الحديث التالي:
الحديث السابق:















 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق