لم يكن تشيُّع الشاه إسماعيل الصفوي سوى عبارة عن واجهة
لبناء امبراطورية فارسية تتوسَّع في بلاد العرب المسلمين، إذ سرعان ما توجَّه
بادىء ذي بدء نحو العراق لاحتلاله عام 914ه/ 1508م (كما فعل الخميني عقب سقوط
الشاه محمد رضا بهلوي)، وكانت حجَّته مشابهة لحجة تدخُّل نظام ولاية الفقيه وتابعه
حزب الله اليوم في سورية دعماً للنظام العلوي، ألا وهي حماية الأماكن الشيعية
المقدَّسة من العرب المسلمين...
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون
التتار
نموذجاً
(دراسة
تاريخية)
2015
تأليف:
حسين احمد صبرا
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون (13 من 15)
حاكم
إيران إسماعيل الصفوي بعد التشيُّع
احتل
العراق بحجة حماية الأماكن الشيعية المقدَّسة
وخطَّط
لاحتلال مكة!
حسين احمد صبرا
لم يكن تشيُّع الشاه إسماعيل الصفوي سوى عبارة عن واجهة
لبناء امبراطورية فارسية تتوسَّع في بلاد العرب المسلمين، إذ سرعان ما توجَّه
بادىء ذي بدء نحو العراق لاحتلاله عام 914ه/ 1508م (كما فعل الخميني عقب سقوط
الشاه محمد رضا بهلوي)، وكانت حجَّته مشابهة لحجة تدخُّل نظام ولاية الفقيه وتابعه
حزب الله اليوم في سورية دعماً للنظام العلوي، ألا وهي حماية الأماكن الشيعية
المقدَّسة من العرب المسلمين..
لقد أرسل إسماعيل الصفوي بجيشه لاحتلال بغداد عام 914ه/
1508م، وراح يهاجم المسلمين أهلَ السُنَّة يُقَتِّل فيهم ويهدم مدارسهم الدينية
ويهدم أضرحة رموزهم الدينية كضريح أبي حنيفة النعمان وعبد القادر الكيلاني، وينبش
مقابر أهل السنة ويحرق عظام الموتى منهم، كما راح يقتل كل من ينتسب إلى ذُرِّيَّة
القائد العربي المسلم خالد بن الوليد لمجرَّد أنهم من نسبه.. وهذا ما أبهج الشيعة
الفرس، حتى أنَّ مؤرخاً منهم هو ابن شدقم قال في كتابه "تحفة الأزهار وزلال
الأنهار": "فَتَحَ (الشاه إسماعيل الصفوي) بغداد وفعل بأهلها النواصب
ذوي العناد ما لم يُسمَع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب، حتى أنه نبش
موتاهم من القبور".. كما عيَّن إسماعيل الصفوي حكاماً شيعة على العراق أطلق
على الواحد منهم لقب "خليفة الخلفاء"، وشهد العراق عملية تفريس ومحو
لهويَّته العربية بنشر اللغة والثقافة الفارسيَّتين.. ولم يتخلَّص أهلُ العراق من
تسلُّط وبطش الصفويين المتشيِّعين إلا بالتدخل العثماني عام 941ه/ 1534م..
أما عن السبب في استهداف حكام إيران الصفويين
المتشيِّعين لقبر أبي حنيفة فهو أنَّ أهل العراق بغالبيتهم كانوا على مذهب أبي
حنيفة.. والسبب في استهداف قبر عبد القادر الكيلاني هو أنه كان زعيم أكبر فرقة
صوفية في العراق.. والسبب في إطلاق لقب "خليفة الخلفاء" على الحكام
الذين عيَّنهم الصفويون على بغداد بعد احتلالها فكان الإستهزاء بالخلفاء العباسيين
السُنَّة.. أما عن السبب في استهداف ذرِّيَّة خالد بن الوليد فيعود إلى أنَّ حرب العرب المسلمين ضد
الفرس كانت بدأت أول ما بدأت بقيادة خالد بن الوليد (زمن خلافة أبي بكر الصدّيق)، حيث
انتصر خالد بن الوليد على الفرس في غضون ستة أشهر في المعارك التالية: ذات السلاسل
(وقعت في كاظمة جنوب العراق بالقرب من الخليج العربي)، أُلَيِّس أو معركة نهر الدم
(وجرت في أُلَيِّس، إحدى مدن نصارى العرب في الأنبار على الفرات)، المذار (في
ميسان قرب البصرة)، الولجة (شمال غرب العراق)، المقر (قرب الحيرة جنوب وسط
العراق)، الحيرة، الأنبار، عين التمر (غرب الأنبار)، دومة الجندل (شمال المملكة العربية
السعودية)، الفراض (شمال غرب العراق، وقد شارك فيها كلٌّ من الفرس والروم جنباً
إلى جنب)..
بعد احتلال إسماعيل
الصفوي للعراق فإنه وضع نصب عينيه السيطرة على بلاد الشام ومصر وبلاد الحجاز
واحتلال مكة (تماماً كما يفعل نظام الولي الفقيه في إيران اليوم)، وقد أجروا لأجل ذلك مباحثات سرية مع البرتغاليين، كما
أجروا مباحثات مع دولة البندقية للقضاء على دولة المماليك في مصر وبلاد الشام..
وكان البرتغاليون مطلع القرن السادس عشر الميلادي يحتلون بأساطيلهم البحرية بحرَ
العرب والخليج العربي ومضيق هرمز.. يومها أرسل القائد البرتغالي دي البو كريك
رسالةً سرية إلى الشاه إسماعيل الصفوي قال له فيها: "إني أُقدِّر لك احترامك
للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك
في الهند، وإذا أردتَ أن تَنْقَضَّ على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في
البحر الأحمر أمام جدَّة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني
الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأُنَفِّذ له كلَّ ما يريد" (تحالف
نظام الولي الفقيه مع الشيطان الأكبر في العصر الحالي ضد العرب المسلمين هو نسخة
طبق الأصل من هذا التحالف الصفوي – البرتغالي).
وهكذا تمَّ التحالف بين الصفويين والبرتغاليين على بندين
أساسيين:
البند الأول، أن يبقى البرتغاليون محتلِّين مضيق هرمز
مقابل مساعدتهم للصفويين على احتلال البحرين والقطيف (شرق المملكة العربية
السعودية اليوم).
البند الثاني، تقسيم المشرق العربي بينهما بأن يحتل
الصفويون مكة ومصر (ولاحقاً بلاد الشام)، على أن يحتل البرتغاليون فلسطين (أي
إيجاد إسرائيل في ذلك العصر).
ولأن السلطنة العثمانية كشفت هذه المراسلات فإنها سارعت
إلى احتلال مصر والقضاء على المماليك بعدما انكشف تآمرهم مع الصفويين ضد الدولة العثمانية..
ثم أعادت تحرير العراق من الإحتلال الصفوي عام 941ه/ 1534م كما أشرنا..
اللافت، أنه وعقب التحرير العثماني للعراق من الإحتلال
الصفوي، الذي دام نحواً من ربع قرن، لم يصحب عودة الحكم الإسلامي السُنِّي إلى
العراق أيُّ اضطهادٍ للشيعة، لا بل أنَّ السلطان العثماني سليمان القانوني زار قبر
موسى الكاظم أحد أئمة الشيعة وأمر بإكمال بناء الضريح، كما زار كربلاء والنجف،
وأَتْبَعَ أملاكاً كثيرة بأوقاف الأماكن الشيعية المقدسة، تماماً كما فعل مع
نظيراتها السُنِّيَّة.
الحديث التالي:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق