2012/09/19

كتاب "حوار مع صديق الإسلامجي"/ كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي(6) - الديك بِيِدَّن كوكو كوكو في مجلس الشعب المصري!




حينما وقف النائب السلفي ممدوح إسماعيل يؤذِّن في مجلس الشعب المصري في 7/ 2/ 2012 كان رئيس المجلس سعد الكتاتني، المنتمي إلى الإخوان المسلمين، يدرك في قرارة نفسه وهو ينهر هذا النائب أنَّ الحركة السلفية في مصر هي صنيعة نظام حسني مبارك، الذي اعتمد المثل القائل: وداوني بالتي كانت هي الداءُ، فأوجد السلفيين لمحاربة الإخوان المسلمين والمزايدة عليهم دينياً في ما يتعلق بالحجاب والجنس والربا والخمرة ولحم العفاريت بالشكل الذي يُحرج المنطق الديني للإخوان أمام الرأي العام، وفي الوقت نفسه يسحب البساط من تحت أرجل الإخوان سياسياً بالقرار الديني السلفي عدم جواز الخروج عن طاعة الحاكم ولو كان جائراً..





إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



         كتاب
    حوار مع صديقي الإسلامجي
           تأليف: حسين احمد صبرا





            كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي(6)
      الديك بِيِدَّن كوكو كوكو
     في مجلس الشعب المصري!
النائب ممدوح إسماعيل يؤذِّن في مجلس الشعب المصري



حسين احمد صبرا

حينما وقف النائب السلفي ممدوح إسماعيل يؤذِّن في مجلس الشـعب المصري في 7/ 2/ 2012 كان رئيس المجلس سعد الكتاتني، المنتمي إلى الإخوان المسلمين، يدرك في قرارة نفسه وهو ينهر هذا النائب أنَّ الحركة السلفية في مصر هي صنيعة نظام حسني مبارك، الذي اعتمد المثل القائل: وداوني بالتي كانت هي الداءُ، فأوجد السلفيين لمحاربة الإخوان المسلمين والمزايدة عليهم دينياً في ما يتعلق بالحجاب والجنس والربا والخمرة ولحم العفاريت بالشكل الذي يُحرج المنطق الديني للإخوان أمام الرأي العام، وفي الوقت نفسه يسحب البساط من تحت أرجل الإخوان سياسياً بالقرار الديني السلفي عدم جواز الخروج عن طاعة الحاكم ولو كان جائراً..

وكان سعد الكتاتني يدرك أيضاً في قرارة نفسه في تلك اللحظة أنَّ السلفيين هؤلاء هم المنافس الحقيقي للإخوان المسلمين في عملية السيطرة على السلطة بعد الإطاحة بحسني مبارك بعدما حصل السلفيون في الإنتخابات النيابية الأخـيرة على نسبة مقاعد تُعتـبر قياساً عالية جداً وأخافت الإخوان المسلمين جداً.. إنَّ الإخوان وبعد أكثر من ثمانين عاماً من الخبرة في العمل السياسي والنقابي والإنتخابي والتنظيمي الميليشيوي العسكري الإستخباراتي والسعي الدؤوب والمستميت للسيطرة على السلطة حصلوا على 43% من المقاعد (بدون حساب التحالفات)، بينما يحصد السلفيون دفعةً واحدة 22% من تلك المقاعد وهم الذين استنكفوا عن العمل السياسي والتنظيـمي والإنتخابي منذ نشوئهم الخجول في أواخر سبعينيات القرن العشرين وحتى قيام ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير..

لقد فسَّر سعد الكتاتني في قرارة نفسه وقوفَ ممدوح إسماعيل للأذان على أنه مزايدة دينية على الإخوان المسلمين هدفُها أن تُلقى عليهم تبعاتُ المشهد الحاصل، فوجدها الكتاتني فرصةً سانحةً أمامه لينهر هذا النائب ويعنِّفه ليُبرىء ذمة الإخوان المسلمين من التطرف وليؤكد ثوب "الإعتدال" الديني الذي يدَّعونه، والذي ينطبق عليه المثل الشعبي عن العروسة في أيامها الأولى: تتمسكن لغاية ما تتمكّن..

وانظروا إلى مصر الآن وهي دولة على حافة الإنفجار والإنهيار سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وطائفياً.. دولةٌ على شفير الإفلاس المالي، تعاني من أزمة حكم وأزمة هوية، نسيجها الإجتماعي – الديني تتهدَّده مخاطر التفكك.. وفجأة، يصبح رفعُ الأذان في مجلس الشعب من عدمه قضية القضايا وأُس المشاكل والشغل الشاغل لمنظّري الإسلام السياسي، لتصبح المسألة أشبه بشلة نسوان عواطلجية عاملين قعر مجلس وقاعدين بيرغوا في كلام فاضي.. إنه مشهد معبِّر جداً عن افتقار الإسلامجية (السنَّة كما الشيعة، كما حَنّا كما حنين) إلى أي مشروع جدي للحكم، بل مجرَّد شعارات غوغائية لا تُغني ولا تُسمن، ترفعها جماعاتٌ من البشر كوَّنوا ثقافتهم من روايات وردت في كتب التراث، كرَّسوا جُلَّ حياتهم لحفظها ومن ثمَّ تردادها حرفياً عن ظهر قلب.. وهي مناسَبةٌ الآن لأن نُلقي نظرة على مدى ضحالة هذه الثقافة التي يتميَّز بها هؤلاء الذين أوصلتهم إلى السلطة شريحة واسعة من الناخبين في بعض ديار الربيع العربي لأسباب عديدة لا داعي للتطرق إليها هنا.. إنها ثقافة الرغي والهيافة.. ثقافة قال فلان عن علّان عن فليتان.. إنك ترى الواحد من الإسلامجية، وكما يقول المثل المصري: ييجي في الهايفة ويتصدَّر.. وبالتالي: الجنازة حامية (والعشا خبّيزة)..



     إحنا نروح القِسم بقى!



بدأ المشكل ممدوح اسماعيل (نائب رئيس حزب الأصالة السلفي) حينما وقف أثناء جلسة مجلس الشعب يؤذِّن، وهو بالمناسبة المحامي نفسه الذي رفع مؤخراً الدعوى القضائية الشهيرة ضد رجل الأعمال المصري القبطي نجيب ساويروس بعد نشر الأخير على صفحته في "تويتر" رسماً كاريكاتورياً لـ "توم" و"جيري" وهما يلبسان النقاب..

قال سعد الكتاتني حرفياً فيما ممدوح إسماعيل مواصلاً الأذان: "يا أستاذ ممدوح لم أأذن لك بذلك.. فيه مسجد تؤذِّن فيه.. أستاذ ممدوح إسماعيل، بعد أن تنتــهي من الأذان سأتحدَّث معك حديثاً لأنك خالفتَ نظام الجلسة.. السيد النائب ممدوح إسماعيل خالفَ نظام الجلسة وأذَّن وضرَّ الحديث دون أن يأخذ رأي المجلس.. هناك مسجد تؤذِّن فيه.. هذه القاعة للحديث.. لا تزايِد.. لستَ أكـــثر منّا إسلاماً ولست أكـثر منّا حرصاً على الصلاة.. لا تزايِد ولن أسمح لك مرةً أخرى.. عايز تصلّي إتفضَّل، لن أمنعك.. لا تُعَقِّب... هذا المكان ليس للأذان، وإذا أردتَ أن تؤذِّن فلتستأذِن... يا ممدوح، هل تحتاج إلى "شو" إعلامي؟! أنتَ محامٍ شهير...".

ويَرُد ممدوح إسماعيل على سعد الكتاتني بالقول: "نحن لسنا في الفاتيكان، نحن في بلدٍ مسلم"، واصفاً ردة فعل الكتاتني على أذانه بـ "الدكتاتورية"..

الشيخ سيد عسكر يفتي بجواز منع الكتاتني للأذان
وهنا بدأ الصراع "الفقـهي".. عِلقوا ببعض، إحنا نروح القِسم بقى، سلّومة الأقرع ما يعرفش أخوه.. لقد وقف الشيخ سيد عسكر، وهو نائبٌ عن الإخوان ويُعتبر مفتيهم داخل مجلس الشعب، وهو في الوقت عينه عضو مجمع البحوث الإسلامية، وانـبرى يفتي بجواز ما فعله الكتاتني، مستشهداً بروايةٍ نقلاً عن إبن عباس تقول: "أنَّ النبي صلَّى في المدينة ثماناً جميعاً وسبعاً جميعاً" (أي جمع بــين صلاتي الظهر والعصر وبــين صلاتي المغرب والعشاء).. ويتابع مفتي الإخوان سيد عسكر قائلاً: "جاء في رواية مسلم في صحيحه أنَّ المراد بذلك: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وقال في روايته: "من غـير خوفٍ ولا مطر"، وفي لفظٍ آخر: "من غير خوفٍ ولا سَفَر". فالجواب أن يُقال: قد سؤل إبن عباس عن ذلك فقال: "لئلا يُحرِجَ أمَّتَه". قال أهل العلم: معنى ذلك لئلا يوقعهم في حَرَج. وهذا محمول على أنه (أي النـبي) جَمَعَ بـين الظهر والعصر وبــين المغرب والعشاء في المدينة لسببٍ يقتضي رفع الحرج والمشقَّة عن الصحابة في ذلك اليوم، إما لمرَضٍ عام، وإما لدحضٍ، وإما لغـير ذلك من الأعذار الـتي يحصل بها المشقَّة على الصحابة ذلك اليوم" (إنتهت الفتوى).

(نستغل الفرصة هنا لنورد هذه الملاحظة على الهامش: فلحظة وفاة الرسول كان إبن عباس هذا، الوارد ذكره أعلاه وهو إبن عم الرسول، بالكاد يبلغ من العمر ثماني سنوات!! ومع إطاحة العباسيين – أبناء عم الرسول – بحكم بني أمية وإعادة الحكم إلى بني هاشم، فإنَّ العباسيين هؤلاء تعمَّدوا لغاياتٍ سياسية دعائية أن يجعلوا من جدِّهم إبن عباس المحدِّثَ الأكبر عن إبن عمِّه الرسول!!).



                    رد السلفيين



بعض السلفيين ردّوا على الشيخ سيد عسكر قائلين بأنَّ الإمام النسائي روى عن إبن عباس بأنَّ هذا الجمع في الصلاة كان جمعاً صورياً وهو أنَّ الرسول أخَّر الظهرَ إلى آخر وقتها وقدَّم العصر في أوَّل وقتها، وأخَّر المغرب إلى آخر وقتها وقدَّم العشاء في أوَّل وقتها، وأنَّ هذا يدل على أنَّ الشيخ سيد عسكر لم يأخذ الرواية الكاملة التي رُويت عن النسائي وأخذ فقط الرواية التي يريد التكلم بها فقط، كما أنَّه في هذا الموقـف لم يَرِدْ أنَّ الرسول فعله مرةً أخرى، لذا فرواية النسائي هي الأصح بحجة أنَّ النبي كان يعلِّم أصحابَه جوازَ تأخير الظهر والمغرب إلى آخر وقتها.

وآخرون من السلفيين ردوا على الشيخ عسكر بأنَّ الشيخ محمود خليل الحصري رفع الأذان في الكنغرس الأميركي وكان برفقة أنور السادات بدون أن يستأذن أحداً وأنَّ السادات صلّى خلفَه ومَنْ معه ولم يعـترض عليه.. وأنَّ وكيلة البرلمان التونسي من حزب النهضة، حينما كانت رئيسة البرلمان بالنيابة مؤخراً، قامت بإيقاف جلسة البرلمان لرفع الأذان ولم يعترض أحد.

من جهته فإنَّ المرشح السلفي لإنتخابات رئاسة الجمهورية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل أيَّد ما فعله النائب ممدوح إسماعيل، وقال في حديثٍ إلى شاشة قناة "العربية": "كانت فرصة جيدة لنستعيد السُنَن الطبيعية لتراثنا وثقافتنا.. يجب أن يكون هذا نظاماً، لأنَّه وقتَ الأذان تتوقَّف الأعمال ونذهب للصلاة ثم نعود لأعمالنا.. فعلى مجلس الشعب أن يكون بين السياسة والدين".



               كارت أصفر



وتدخَّل الشيخ عمر عبد الكافي، وهو واحد من الدعاة الذين يحاضرون في عذاب القبر وعلامات الساعة والوسواس الخنّاس والجن والعفاريت، وأدلى بدلوه في قضية رفع الأذان في مجلس الشعب، قائلاً:

"الثلاثة غلطانين، ولكن الغلط مختلف: 1- الدكتور الكتاتني أخطأ خطأً جسيماً إذ أنه لم يحترم أدب الخلاف هنا، ولم يكن الرد يستحق أن يكون منه هذا الإنفعال الذي لا يكون إلا عندما يَنتهك الإنسانُ لحرمةٍ من حرمات الله تعالى، فضلاً عن إتهامه للأستاذ ممدوح بأنه يريد "شو" إعلامي، فضلاً عن أنه قاطعه في الأذان فلم يُراعِ حُرمة الأذان، فضلاً عن أنه لم يُعطِهِ حقَّ التعقيب وتوضيح موقفه على ما فعل. وهذا في الحقيقة هو الخطأ الأكبر. 2- الشيخ سيد عسكر أخذ بكلام أهل العِلم دون أن يوضِّح حقيقة الخلاف في هذه المسألة – وإن كنت أعتبر ما قاله قولاً شاذاً – ودون أن يبيِّن ما هو الأصل في الأمر وما هي الرخصة، مما أحدث لبساً كبـيراً عند بعض الناس، إذ بهذه الفتوى يكون لكل صاحب محل أو عمل أو نحوه أن يجمع بـين الصلوات بحجة عدم الحرج. 3- الأستاذ ممدوح إسماعيل أخطأ إذ فعل ذلك بالرغم من أنَّ هناك مسجداً يؤذِّن بجواره، والأذان فرضٌ كفاية، وقد أُدِّي الأذان في المكان المخصَّص للصلاة فلم يكن هناك داعٍ لأن يؤذِّن في مكان لا يصلَّى فيه، ولكن هو اجتهد وقدَّر الموقف بحساباتٍ معيَّنة، فجزاه الله خيراً".



           معارك إعلامية طاحنة



النائب ناصر عثمان (إخوان مسلمون)
مساء اليوم نفسه (7/ 2/ 2012) ظهر ممدوح إسماعيل والنائب ناصر عثمان (إخوان مسلمون) على شاشة قناة "الحياة" ضمن برنامج "مصر تقرِّر"، حيث دافع ناصر عثمان عن سعد الكتاتني قائلاً: "هذا الموضوع لا ينبغي أن يحدث في مجلس الشعب، لماذا؟ أنا شخصياً أعتبر أنَّ الأذان أُهين عندما رُفِعَ في قاعة المجلس، فالمجلس ليس مكانه، فمجلس الشعب مَكْلَمة، والمكلمة لا ينبغي أن يُرفع فيها الأذان، وإذا ما كان الأذان سيكون مادة للإختلاف بين المسلمين فليُصَلِّ المسلمون بغـير أذان، لأنَّ الأذان سُنَّة والصلاة فَرْض، فَلْنُقِمِ الفرضَ ولْنُنَحِّ السُنَّة إذا كانت السنّة ستُفرِّق بين المسلمين بعضهم عن بعض..".

فردَّ ممدوح إسماعيل معترضاً: "أولاً، عبارة "لا ينبغي" هذه مبنية على شرع أو على قانون؟! فإن كانت مبنية على الشرع فلا يوجد في الشرع أي مانع يمنعني من أن أرفع الأذان في أي مكان، جُعِلَت الأرضُ لي مسجداً وطهورا.. وإن كان على القانون فلا يوجد في لائحة المجلس ولا في المجلس سوابقُ مَنْعٍ بِنَصٍّ يمنع الأذان.. فالأذان هو شَعِيرة الإسلام، فإذا أردتَ أن تدخل بلداً وتعرف المسلمين من غير المسلمين فإنك ستعرفهم بالأذان.. وإذا كانت هناك تعليماتُ حزبٍ بطريقة معيَّنة في جدولة العمل أو في السير نحو هدفٍ معيَّن فهذه وجهة نظرهم وأنا أحترمها، لكن يجب ألا يُدخلوا وجهة النظر هذه بأن نجعلها قاطعاً على ديننا وعلى مبادئنا..".

الإعلامي محمودُ مسلّم
ويسأل مذيعُ "الحياة" الصحافي محمودُ مسلّم النائبَ ممدوح إسماعيل: هل تقبل أن يرفع الأقباط شعائرهم الدينية في قاعة المجلس؟ فيجيبه ممدوح إسماعيل: "خليك معايا شوية وما تدخَّلنيش في حاجات تانية.. الأذان هو شَعِيرة في بلدٍ مسلم، والدستور الذي أقسمنا عليه علشان نحافظ عليه في المجلس ينص على أنَّ دين البلد دي هو الإسلام.. لو مجلس الشعب خارج عن دين البلد دي وخارج عن دستور البلد دي حَدّ يكلِّمني!! لو القاعة بتاعة المجلس دي خارج النطاق القانوني والإقليمي واللوائح وكل حاجة يبقى حَدّ يكلِّمني ويقول لي ما تأدّنش فيه!".

وقام ممدوح إسماعيل في يوم تلك الحادثة ليلاً بنشر التوضيح التالي على صفحته على "الفيسبوك"، قائلاً:

"إنني تحدَّثت من أول جلسة في البرلمان مع الأستاذ الكتاتني عن ضرورة رفع الأذان في المجلس أو يضع إشارة بذلك. وللعلم، إنَّ هناك 5% من النواب من القاهرة والجيزة والباقي من باقي المحافظات، وهذا سببٌ أن تَضيعَ عليَّ الصلاة أكثر من مرة، وبالأمس ذكَّرته بصلاة المغرب فبعث إليَّ بورقة – معي حتى الآن – وقال لي إنه سيرفع الجلسة، ولم يرفعها إلا بعد 45 دقيقة. واليوم فوجئتُ بصلاة العصر بعد أن رُفعت الصلاة بكثـير ولم يرفع الجلسة، فقرَّرت أن أضع حداً لذلك وقمت برفع الأذان للإشارة على أنَّ هناك صلاة. وأخيراً فوجئت بكلام الشيخ سيد عسكر، مفتي الإخوان داخل المجلس، يتكلم بأن يجوز جمع الصلاة أثناء العمل، ولكـني أنا أستعجب من ذلك وقد قال الله تعالى: "إنَّ الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً"، ولو تركَ (لي) الأستاذ الكتاتني التعقيب لكنت وضَّحت هذا، ولكن هو اتهمني زوراً بأني أقوم بعمل "شو" (إستعراض)، وهذا ما لا أقبله، وللعِلم هذه الجلسة الثالثة التي أُمنع فيها من الكلمة".

الدكتور أحمد أبو بركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة

ثم عاد ممدوح إسماعيل وظهر في اليوم التالي على شاشة قناة "الحكمة" وإلى جانبه المستشار القانوني لحزب الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة) الدكتور أحمد أبو بركة، الذي وجَّه إلى ممدوح إسماعيل السؤال التالي: "أنتَ كمحامٍ ألم تحضر في ساحات المحاكم عشرات بل مئات المرات وترافعتَ، وجاء وقت الصلاة، فهل أذَّنتَ في ساحة المحكمة يوماً وأنتَ تترافع؟! .. فأجابه ممدوح إسماعيل بأنَّ المتَّهمين كانوا يرفعون الأذان فيقوم رئيس المحكمة برفع الجلسة لأداء الصلاة..

ويُسأل الشيخ المهندس عبد المنعم الشحات (أحد قياديي حزب النور السلفي) على شاشة "الحياة": هل لو كنتَ نائباً في البرلمان كنتَ سترفع الأذان؟ فأجاب الشحات: "لا، ولكن كنت سأجيد المفاوضات مع رئيس المجلس في ما يخص مواعيد الصلاة".

وفي اليوم التالي على الحادثة، أي في 8/ 2/ 2012، استضاف المذيع عمرو الليثي على شاشة قناة "المحور" الداعية السلفي الشيخ محمد حسان ليعلِّق على حادثة الأذان في مجلس الشعب، فقال بعد تأكيده على فرَضيَّة الصلاة وأهميتها: "أود أن أوضِّح لإخواننا جميعاً، وهذا كلامٌ فقهيٌّ لا بد أن يُعتبر، فبالجمع بين الأدلة النبوية وأقوال أهل العِلم نرى أنَّ للصلاة أوقاتاً ثلاثة: وقتُ اختيار، ووقتُ جَواز، ووقتُ عُذرٍ واضطرار".. ثم يضيف الشيخ محمد حسان: "بالنسبة لقضية الأذان أرجو أن ينتبه الإخوان جميعاً: إختلفَ العلماء في ما بينهم أنْ هل الأذان واجبٌ أم سُنَّة مؤكدة؟ فأشدُّ الأقوال في هذا قولُ الإمام مالك، يقول: الأذانُ واجبٌ على الكفاية في مساجد الجماعات.. وقد وافق الإمامَ مالكَ الإمامُ أحمد (إبن حنبل).. والشافعي.. وعطاء.. ومجاهد.. والأوزاعي.. وإبن داود.. وإبن حزم... إذاً، أنا أودُّ أن أقول بأنَّ علماءنا قد اتفقوا على أنَّ الأذان إنْ رُفِعَ في بلدٍ سقطَ الإثمُ عن بقية البلد بأسره ولا يُشترط أن يُرفع الأذان في كل محلٍّ ما دام الأذان قد رُفع في هذا البلد.. وبلدُنا بفضل الله تعالى مليئة بعشرات الآلاف من المساجد والزوايا التي ترفع الأذان في كل وقت، ولا ينبغي على الإطلاق أن نستدل بهذا الدليل على عدم رفع الأذان في بهو مجلس الشعب.. أنا أرى أن يُرفع الأذان في مسجد مجلس الشعب وأن يتوقف العمل في البرلمان في أوقات الصلاة ليحافظ إخواننا على الصلاة في أوقاتها، فهذه من أعظم رحمات الله بالأمة".



            وجدي غنيم.. والرد الأعنف!



الشيخ وجدي غنيم
أما الداعية السلفي الشيخ وجدي غنيم، الذي برز إسمه في الأسابيع الأخيرة أثناء زيارته لتونس حيث كفَّر العلمانيين وكفَّر الديمقراطية، فقد وجَّه في 8/ 2/ 2012 كلمةً مسجَّلة بصوته شنَّ فيها هجوماً لاذعاً على سعد الكتاتني، ونورد بعض ما قاله فيها: "أخونا ممدوح (إسماعيل) بيرفع شَعِيرة من شعائر الإسلام وهو الأذان.. إيه اللي مقعَّدنا وحان ميعاد الصلاة وإحنا ناس مسلمين بنمثِّل الإسلام وفيه دقون قاعدة وفيه مشايخ قاعدة وعِمَم؟!.. إحنا لازم نضرب مَثَل للناس إن إحنا ملتزمين بإسلامنا وملتزمين بدينَّا ومحافظين على شعائر الإسلام ومحافظين على الصلاة، لأن ده المجلس اللي بتقولوا تشريع، أُمَّال حنشرَّع إزاي، أُمَّال حنقيم شرع الله إزاي إذا ما كنَّاش قادرين على المحافظة على شَعِيرة من شعائر الإسلام؟! يبقى المفروض إن واحد يؤذِّن أو إن واحد يُعْلِمْنا بدخول الوقت أو رئيس المجلس يقول يا إخوانَّا حان الأن ميعاد الصلاة فلنتوقَّف.. إنما لما شيخ (يقصد سيد عسكر) يطلع ويقول: إحنا جمعنا بين الظهر والعصر.. طب واللي في القاهرة دول مش حيصلّوا؟! دول مالهومش رخصة إنهم يجمعوا (بين الصلاتين).. إنتَ بتِجْمَع علشان إنتَ مسافر، فيه جَمْع وفيه قَصْر.. لكن اللي موجودين دول، دول مش حيصلّوا؟! ولّا دول حيروحوا يصلّوا وإنتو قاعدين تتكلّموا في المجلس؟! مش حينفع! يبقى لما أخ يُعلن دخول الوقت، فيها إيه دي يا ربّي؟! وكلمات توحيد داخل المجلس.. يطلع الدكتور الكتاتني يقول له: لم أأذن لك بذلك!! يا أخي أَذِنَ اللهُ يا أخي! هوَّ احنا مستنِّيين إذْنَك؟! أَذِنَ الله.. الله عزَّ وجلّ يقول لك: الله أكبر، الله أكبر، أكبر منَّك ومن مجلسك ومن شغلكم كله.. وبعدين يقول له: فيه مسجد تؤذِّن فيه! طب وإيه المانع إن أنا أُعْلي هذه الشَعِيرة من شعائر الله وأُأَذِّن في المجلس؟! الله! طب ما الأذان في كل مكان، مين قال إنّ الأذان في المسجد بس؟!.. أقول له ده مش مكان تؤذِّن فيه؟! هوَّ إيه الكلام اللي مش جايب ثمنه ده؟! لا لا لأ، نؤذِّن في كل مكان ونُعْلي شعائر الله تبارك وتعالى.. وبعدين يقول له الدكتور الكتاتني: لن أسمح لك مرةً أخرى!! ده إيه ده؟! تحدّي ولّا إيه؟! يعني إصرار على إنّ الأذان مش حيتقال؟! طب أنا والله العظيم لو كنت مكان الأخ ممدوح وربِّ الكعبة لَأُعْلي الأذان في كل الوقت اللي إحنا قاعدين فيه وأشوف ده اللي بيقول لن أسمح لك مرةً أخرى ده!! وبعدين يقول له: هذا الكلام للمناقشة.. ده كلام العلمانيين! يعني دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله، ده كلام العلمانيين، كأن المجلس هنا بتاع مناقشات!! المجلس ده مجلس شعب إسلامي، إسلامي لأن الموجودين جوَّه يا إما "إخوان" يا إما "سلف"، ودول الأكثرية.. أنا باتكلّم عن الأكثرية، ودول أكتر من ثلاثين مليون اختاروا دول، وانتم داخلين تمثِّلوا الإسلام جوَّه، يبقى تقول له: لن أسمح لك مرةً أخرى وهذا المكان للمناقشة!!! لا يا خويا!.. وبعدين كلمة وحشة جداً جداً للدكتور الكتاتني بيقول فيها لأخونا ممدوح: هل تحتاج إلى "شو" إعلامي؟! إنتَ دخلت في قلبه؟! إنت دخلت في نيِّته؟! مين يا دكتور كتاتني اللي قال لك إن الأخ ممدوح يبغي غير الله؟! ليه تحكم على نيِّته؟! إحنا بنحكم بالظاهر.. راجل قايم، الله يستره، ويُعْلي كلمة الله، يعظِّم شعيرة من شعائر الله ويرفع الأذان في مجلس الشعب، تقول له: إنت مش محتاج إلى "شو" إعلامي!! وبعدين تقول له: لا تزايد على الآخرين!! يا أخي واحد قام يعمل خير يا أخي، طب ليه ما فيش واحد من "الإخوان" قام يعمل كده؟! وبعدين تعيب عليه!.. يا أخي حتى لو غِلِط يا أخي، كان لازم بعد ما يؤذِّن أقول له: جزاك الله كل خير، الموضوع كان يبقى كذا وكذا.. وأنا بقى كان المفروض من الأول ما اديلوش فرصة إنه يعمل كده، لما ييجي وقت الأذان أقول : والله يا إخوانّا الأذان أَذِّن وإخوانّا اللي موجودين في القاهرة اللي حيصلّوا والتانيين  إذا كانوا جمعوا بين الصلاة أو كذا أو كذا.. لكن مش بالطريقة دي، خاصةً ان الأخ ممدوح قال إن هوَّ أعلَمه من قبل وقال له.. وبعدين أنا بصراحة مش عارف يعني يا دكتور كتاتني، البداية بالطريقة دي مش مطمِّنة...".



   قضية القضايا نزلت على ما فيش!



في الجلسة التالية لمجلس الشعب عاد ممدوح إسماعيل، الذي بات يُطلق عليه لقب "نائب الأذان"، وتصالح مع الكتاتني قائلاً له: " بدايةً سيدي الرئيس، رسالةٌ إلى كل مَنْ تربَّص بالعاصفة التي حدثت بيني وبين السيد الرئيس، أحب أن أقول للجميع إنَّ ما بيني وبين السيد الرئيس و(حزب) الحرية والعدالة أقوى من أن تناله أي عاصفة من المحبة التي هي كالشجرة القوية الجذور".

             ***     

يا سلام.. هوَّ احنا ف ديك الساعة لما الجماعة دول بتوع الأيادي المتوضِّئة والسبحة والزبيبة واللحية والجلباب يحكموا مصر! ده يوم السعد والمنى.. وياما في الجراب يا حاوي، وياما بكرة لسه حنشوف!



الحديث التالي:


الحديث السابق:




(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" في 14/ 5/ 2012، العدد رقم 1543).






ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)

************************************************************************************
                 إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:


























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق