2017/07/24

التقرير الثالث لبوريس نيمتسوف: "بوتين والأزمة"/ الفصل السادس: كيف يساعد بوتين القِلَّة الحاكمة (الأوليجارشيَّة).



التقرير الثالث لبوريس نيمتسوف: "بوتين والأزمة"/ الفصل السادس: كيف يساعد بوتين القِلَّة الحاكمة (الأوليجارشيَّة).





إنزل إلى أسفل لمتابعة القراءة




الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير الثالث:
بوتين والأزمة
(موسكو – شباط/ فبراير 2009)


تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي عامي 1997 – 1998)
فلاديمير ميلوف
(نائب وزير الطاقة في روسيا عام 2002)

نقله من الروسية إلى الإنكليزية: ديفيد إيسّيل (2009)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)


Путин и кризис

The Nemtsov White Paper, Volume III

Putin and the Crisis

by Boris Nemtsov and Vladmir Milov

(Translated from the Russian to English by Dave Essel (2009
(Translated from English to Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016



الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف، زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.


الفصل السادس:
كيف يساعد بوتين
القِلَّة الحاكمة (الأوليجارشيَّة)



بوريس نيمتسوف
فلاديمير ميلوف
لقد كانت الأكثر تضرُّراً هي صناعة البناء، وصناعة استخراج المعادن، والصناعات الثقيلة، جنباً إلى جنب مع التجارة، وبعبارةٍ أخرى كلُّ المجالات التي يستحيل عليها مواصلة عملها دون قروض.
إنَّ أكثر من 5 تريليون روبل [156 مليار دولار]، والتي خُصِّصَت من قبل بوتين لدعم الإقتصاد منذ بداية الأزمة، قد ذَهَبَت لمساعدة المصارف. أما القطاع الحقيقي والإنتاج فلم يذوقا طعمَ هذا المال: فالمصارف فضَّلت الإحتفاظ بهذا المبلغ للقيام بصفقات النقد الأجنبي بدلاً من إصدار القروض للشركات.
بدون قروض يصبح البناء متعثِّراً، ويُجيز لأفران صهر المعادن بالخروج من البلاد، ويتوقَّف تحميل البضائع في قاطرات السكك الحديدية، وتُقْفِلُ المصانع أبوابها. لقد تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 10,3% في كانون الأول/ ديسمبر 2008، وتضرَّر التعدين بأسوأ ما يكون، وأَغلقَت أفران صهر المعادن أبوابها في مدن مجنيتورجورسك ولايبتسك وتشيريبوفيتس ونيجني تاجيل، وانخفضت حركة البضائع عبر السكك الحديدية 30% في كانون الأول/ ديسمبر 2008 و36% في كانون الثاني/ يناير 2009، وسجَّلت صناعة البناء صِفْراً في النمو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2008، وانخفضت إمكانية توفير المساكن الجديدة أربعة أضعاف مقارنةً بعام 2007.
إنَّ تراجع الإنتاج يعني بالطبع ارتفاع معدلات البطالة، إذ فَقَدَ أكثر من مليون روسي وظائفهم منذ بداية الأزمة. ووفقاً للأخصائي المعروف في علوم السياسة الإجتماعية يفجيني جونتماخر فإنه سيكون هناك 10 ملايين عاطل عن العمل في روسيا بحلول نهاية عام 2009 (هناك 5,8 مليون اليوم).
إذاً، ماذا كان اقتراح بوتين؟ لقد اقترح أن يحصل العاطلون عن العمل على إعانة بقيمة 4,9 ألف روبل [153 دولاراً] للواحد. هذا هو ببساطة ضحكٌ على الذقون، ولا يحتاج الأمر إلى مزيدٍ من التعليق.
ومن ناحية أخرى فإنَّ بعض الناس يحصلون من بوتين على مساعدة مجزية، إنهم القِلَّة الحاكمة (الأوليجارشية/ oligarchs/ олигархи). وما عليكم سوى أن تحكموا على التالي: فواحدة من أولى ابتكارات بوتين ما بعد الأزمة هو الخفض الحاد للضريبة على شركات النفط، مع الإشارة إلى أنَّ الضريبة التي وفَّرها بوتين على شركات النفط لعام 2009 ستبلغ نحو 6,5 مليار دولار. وفي الوقت نفسه فإنَّ اقتراح بوتين هو بأن يتم زيادة الضريبة الإجتماعية الموحَّدة من 26% إلى 34%، وهذه ليست سوى ضريبة على رواتبنا. وأصبح هذا أمراً أصغر كما حصل، وقد قرَّرت الحكومة زيادة الضريبة على ما نكسبه. ولا مهرب من حقيقة أنَّ هذا هو عملٌ غير مناسب بشكلٍ فاضح، بحيث أنه سيصيب معظم سكان البلاد في المكان الذي يوجعهم.   
وفي الوقت نفسه، وبهدوءٍ وبدون إعطاء تفسيرات، خصَّص بوتين 4,5 مليار دولار للأوليجارشي المُوالي [الملياردير الروسي] أوليج ديريباسكا [صاحب أكبر شركة ألمنيوم في العالم] لتمكينه من السيطرة الشخصية على شركة "نوريلسك نيكل" [Norilsk Nickel/ Норильский Никель/ وهي شركة روسية لصهر وتعدين النيكل والبلاديوم]. ولكن العاملين في "نوريلسك نيكل" لم يروا قرشاً واحداً من هذا المبلغ.
وكمثالٍ ثانٍ على السخاء حصول أصدقاء بوتين في شركة "روس نفط" [Rosneft] إيجور سيتشين وبوج دانتشِك، اللذين حصلا على مساعدة من المصارف الحكومية وصلت قيمتها إلى 4,6 مليار دولار، هذا على الرغم من أنَّ "روس نفط حقَّقت أرباحاً بقيمة 13 مليار دولار في العام الماضي [2008]. ثم أنَّ الوقتَ قد حان ليساعد بوتين صديقه رومان أبراموفيتش، الذي تلقَّت شركتُهُ "يفراز" [Yevraz] مساعدةً بقيمة 1,8 مليار دولار. وعلى النسق نفسه يأتي من بعده الزعيم الوطني سيرجي شميزوف، رئيس شركة "روس تكنولوجي" [Rostekhnologii]، والذي طلب مساعدة بقيمة فاقت 7 مليار دولار.
وعلى العموم، سرَّب بوتين 1,3 تريليون روبل [40 مليار دولار] عبر مصرف "فنيش إيكونوم بنك" [Vneshekonombank] لتغطية الديون الخارجية للمصارف والشركات في الفترة ما بين عامي 2008 و2009. وقد أُخِذَ هذا الجَبَل من المال من صندوق الثروة الوطنية، الذي نكرِّر بأنه صندوقٌ إنما شُكِّل خصيصاً لدفع المعاشات التقاعدية، وليس لتوفير الدعم المالي لحكومة القِلَّة المفلسة.  
ثم أنَّ المال الذي يذهب لسداد ديون هذه الشركات والمصارف الكبيرة إنما هو مالُكَ ومالي. 
إنَّ واحدةً من أكثر الخطوات التي اتخذها بوتين خزياً وضرراً هي زيادة الرسوم على استيراد السيارات الأجنبية واستحداث ضرائب باهظة على تلك المستعملة.
لقد كان الهدف من وراء هذه التدابير حماية الشركات التابعة لأصدقاء بوتين: شميزوف وأفتوفاز وديريباسكا في مصنع جوركي للسيارات "غاز" [GAZ]. كما أنَّ هذه التدابير هي مباشرةً ضد مصالح الأغلبية الساحقة من الروس، وذلك – أولاً – لأنها سوف تؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات. وثانياً، أنَّ نوعية السيارات الروسية لن تتحسَّن أبداً بدون منافسة. وثالثاً، أنَّ ذلك سيكلِّف الشرق الأقصى الروسي من 100 ألف إلى 150 ألف وظيفة. ورابعاً، سيكون هناك انخفاضٌ حاد في إيرادات الجمارك. ففي شهر كانون الثاني/ يناير وحده حدث انخفاضٌ بنسبة 20 ضُعفاً في واردات السيارات في الشرق الأقصى، حيث انخفض من 1000 إلى 50 يومياً. وفي الوقت نفسه، وبالعودة إلى صناعة الشاحنات في روسيا، فقد أعلن مصنع "كاماز" [Kamaz] عن فقدان 3 آلاف وظيفة في حين أنَّ مصنع "جي. أم. أفتوفاز" فَصَلَ 400 عامل عن العمل.  
وتُظْهِرُ الحسابات أنَّ الميزانية الإتحادية ستفقد ما يصل إلى مليار دولار من دخلها من الرسوم الجمركية على حدود فلاديفستوك، وسوف يكون هناك انخفاضٌ عام بنسبة 40% في الدخل من الرسوم الجمركية، هذا في الوقت الذي سيكون هناك عجزٌ في الميزانية في كل الأحوال.
إنَّ استراتيجية الحكومة واضحة جلياً: مساعدة الأوليجارشية المقرَّبين على حساب الأغلبية الساحقة من السكان ورجال الأعمال في البلاد. إنها ليست مسألة أنَّ بوتين يدعم الروبل، بل إنه يدعم الروبليوفكا [Rublyovka/ Рублёвка/ وهي منطقة سكنية راقية في ضواحي جنوب غرب موسكو تقع فيها مساكن العديد من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال المقرَّبين من بوتين].
والنتيجة أنَّ دخل الناس أصبح أقلَّ وأقلّ، وعدد الفقراء والعاطلين عن العمل آخذٌ في الإرتفاع. لقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل من 4,74 مليون في أيلول، سبتمبر 2008 إلى 5,8 مليون في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه. وانخفض الدخل الحقيقي المتاح بنسبة 12% في كانون الأول/ ديسمبر، كما انخفضت الأجور بنسبة 5%. وارتفعت حالات التأخر في دفع الأجور 80% بين أول آب/ أغسطس 2008 وأول كانون الثاني/ يناير 2009. 
في غضون ذلك فإنَّ أصدقاء بوتين المفلسين من القلَّة (الأوليجارشية) قد بدأ المال يعود إليهم بوفرة. فلقد تمَّ إنقاذ أعمالهم التجارية من جيبك وجيبي. هذه هي الحقيقة الساطعة لمحور خطوات الحكومة لمكافحة الأزمة.

الفصل التالي:
الفصل السابق:













 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق