2017/07/16

همسة في أُذُن بعض المتيَّمين بالثورة السورية والأمة العربية/ ضاعت فلسطين وظلَّت أم كلثوم تغني في الحب والغزل وظَهَرَ نزار قباني شاعراً للمرأة والجنس.. ووقعت هزيمة الـ67 ومثَّلَ عبد الحليم فيلماً احتوى على مائة قبلة!



    أمام هول ما نعيشه من مآسٍ وكوارثَ، تعلو أصواتٌ من هنا وهناك تنتقد كلَّ مَنْ يتحدَّث حالياً عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل والموسيقى والرقص والغناء... معتبرين ذلك استهتاراً وفسقاً وفجوراً وانعدام المسؤولية تجاه الأخطار المحدقة بأمتنا العربية، وكأننا في حلقة حزبية ماركسية – لينينية زمن الإتحاد السوفياتي، أو في حلقة تنظيمية تديرها داعش، أو دورة باطنية ينظِّمُها نظام الولي الفقيه!!




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضع كاملاً


همسة في أُذُن بعض المتيَّمين بالثورة السورية والأمة العربية
ضاعت فلسطين وظلَّت أم كلثوم تغني في الحب والغزل
وظَهَرَ نزار قباني شاعراً للمرأة والجنس..
ووقعت هزيمة الـ67 ومثَّلَ عبد الحليم فيلماً
احتوى على مائة قبلة!




حسين احمد صبرا
هأنذا سأتحدَّث عن البديهيات:
ذلك أنه لا يندر عند وقوع الملمَّات والمصائب والكوارث أن تجد أصواتاً ترتفع من هنا وهناك تستنكر الإستمرار في الحديث عن مقوِّمات الحياة الأساسية والبديهية كالحب والغَزَل والجنس والقُبَل، داعيةً إلى الإنصراف كلياً إلى "الإلتزام" الجدي بقضايا الأمة في الأوقات العصيبة..
وكمثالٍ على ذلك ما نعيشه اليوم من أخطارٍ تُحْدِقُ بالأمة العربية، وتحديداً الخطر الفارسي الذي يهدف إلى السيطرة على الوطن العربي وتفريسه، ومحاولة القضاء على العروبة والإسلام بالتعاون مع الغرب.. ومن ضمن ذلك الكارثة التي تعيشها سورية بسبب هذا الخطر الفارسي، وهي الكارثة التي أدَّت حتى الآن إلى نصف مليون قتيل عربي مسلم، واعتقال ربع مليون، وتهجير 12 مليون آخرين، ناهيك عن تدميرٍ منهجي متعمَّد للمدن والقرى السورية في عملية إبادة للعرب المسلمين في سورية..

الحب والغَزَل والجنس والقُبَل

أمام هول ما نعيشه من مآسٍ وكوارثَ، تعلو أصواتٌ من هنا وهناك تنتقد كلَّ مَنْ يتحدَّث حالياً عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل والموسيقى والرقص والغناء... معتبرين ذلك استهتاراً وفسقاً وفجوراً وانعدام المسؤولية تجاه الأخطار المحدقة بأمتنا العربية، وكأننا في حلقة حزبية ماركسية – لينينية زمن الإتحاد السوفياتي، أو في حلقة تنظيمية تديرها داعش، أو دورة باطنية ينظِّمُها نظام الولي الفقيه!!
إنَّ الإحتلال الفارسي للعراق زمن الإمبراطورية الساسانية لم يمنع العرب من إنشاء سوقٍ أدبي في مملكة الحيرة مطلع القرن الخامس الميلادي تسود فيه أشعار الفخر والحب والغَزَل والجنس والقُبَل، ويلمع فيها أقدم وأشهر شعراء العرب: النابغة الذبياني وطرفة بن العبد وعمرو بن كلثوم وعبيد بن الأبرص، وغيرهم الكثيرون.. ولا مَنَعَ ذلك الحيرةَ من أن تكون مدينة الموسيقى والغناء والرقص بامتياز..
هذه الكنوز الأدبية والفنية التي أنتجتها مملكة الحيرة، رغم الإحتلال الفارسي، تدخل في أساس ما نسميه اليوم بالتراث الأدبي والشعري والفني العربي، وهو التراث الذي نفتخر به اليوم ونبني عليه أمجادنا وهويتنا الثقافية كأمةٍ عربية، ويجعلنا نفتخر بأننا عربٌ وصُنَّاع حضارة... 
وتَعَرُّضُ العربِ في شبه الجزيرة العربية، وتحديداً قبيلة قريش، للخطر الحبشي في القرن السادس الميلادي وخاصةً في عامٍ سُمِّيَ بعام الفيل (بين العامين الميلاديين 568 و569)، هُدِّمَتْ خلاله الكعبة نفسُها، لم يمنعهم من إنشاء سوق عكاظ بعد 15 عاماً من ذلك العام، وهو السوق التجاري الأدبي الذي كان يتخلله أشعار الفخر والحب والغَزَل والجنس والقُبَل، وهو السوق الذي ما يزال إلى الآن يعيش في ثقافة ووجدان أمتنا العربية، وليس عام الفيل..   
وفي عصرنا الحديث وقعت مصر تحت الإحتلال البريطاني 74 سنة، ولكنَّ هذا الإحتلال لم يمنع المصريين من بناء ثقافتهم التي كان لها الدور الأساس في الحفاظ على الهوية العربية، فكان الغناء والموسيقى والمسرح والرقص والسينما والأدب والشعر، وما إلى ذلك.. وهو التراث الذي يفتخر به اليوم المصريون وكل العرب، ونبني عليه أمجادنا ونسعى جاهدين إلى استعادة أمجاد هذه الثقافة التي لم تكن في غالبيتها العظمى مسيَّسة أو موجَّهة ضد الإحتلال البريطاني.  
عبد الوهاب لحظة غنائه "بلاش تبوسني في عينيَّ"
في فيلم "ممنوع الحب" عام 1942
ووقعت الحرب العالمية الثانية، وهي الحرب التي قُتِلَ فيها 52 مليون بشري، وكانت مصر خلالها على كف عفريت من أن تصل الحرب إلى أرضها أو أن تقع تحت الإحتلال النازي.. ومع ذلك، فإنَّ هذه الحرب لم تمنع موسيقاراً من طراز محمد عبد الوهاب أن يغنِّي عام 1942: "بلاش تبوسني في عينيَّ/ دي البوسة في العين تفرَّق/ يمكن في يوم ترجع لِيَّ/ والقلب حلمه يتحقَّق/ خَلِّي الوداع من غير قُبَل/ علشان يكون عندي أمل"..

    ولم يمنع الإحتلال البريطاني ولا الحرب العالمية الثانية شاعرَ مصر العظيم  علي محمود طه من أن يكتب قصيدته "كيلوباترة" عام 1944 ويقول فيها: "لَيْلُنا خَمْرٌ وأشواقٌ تُغَنِّي حولَنَا/ وشِراعٌ سابحٌ في النور يرعى ظِلَّنا" (وهي القصيدة التي غناها عبد الوهاب ودخلت في التراث الموسيقي والشعري العربي من أوسع أبوابه)..



أم كلثوم لحظة غنائها عن القُبلة
في فيلم "سلَّامة" عام 1944
   ولا منَعَ ذلك أم كلثوم من أن تغنِّي عن القُبْلة في أغنية "قُلْ لي ولا تخبِّيش يا زين" عام 1944 في فيلمها السينمائي "سلاَّمة" من كلمات بيرم التونسي: "قُلْ لي ولا تِخْشَاشِ مَلَام/ حلال القُبْلَة ولَّا حرام/ القُبْلَة انْ كانت للملهوف/ اللي على ورد الخد يطوف/ ده ياخُدْها بدال الواحدة أُلُوف/ ولا يسمع للناس مَلام".. (ولِلْعِلم، فإنَّ الشيخ إمام الذي إلتزَمَ بالغناء الوطني، فإنَّ هذا "الإلتزام" لم يمنعه من غناء هذه الأغنية في إحدى حفلاته).
سامية جمال

   وضاعت فلسطين عام 1948، ومع ذلك فإنَّ هذه النكبة لم تمنع أم كلثوم من الإستمرار في الغناء عن الحب والغَزَل والقُبَل، ولا محمد عبد الوهاب، ولا فريد الأطرش، ولا محمد فوزي، ولا محمد عبد المطلب، ولا عبد العزيز محمود... ولا منعت تحية كاريوكا ونعيمة عاكف وسامية جمال ونادية جمال وزينات علوي من الإستمرار في الرقص.. ولا منعت إسماعيل يس من الإستمرار في تمثيل الأفلام السينمائية والمسرحيات الفكاهية.. ولا منعت نجيب محفوظ من الإستمرار في كتابة رواياته الأدبية عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل، فيكتب عام 1949 على سبيل المثال روايته "بداية ونهاية"، وهي رواية لا علاقة لها لا بالسياسة ولا بالإحتلال البريطاني ولا بضياع فلسطين، بل لها علاقة بالمشاكل الإجتماعية: بالدعارة وتجارة المخدرات والغرور وعقد النقص...
نزار قباني وديوانه "طفولة نهد"
    وضياع فلسطين لم يمنع شاعراً عربياً صاعداً مثل نزار قباني أن يكتب ديوانه الشعري الثاني بعنوان "طفولة نهد" في عام 1947، أي عام صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، ولا منعه ضياع فلسطين لاحقاً من أن يُتَوَّج شاعراً للمرأة والجنس بامتياز، ولا داعي إلى القول إنَّ نزار قباني في العصر الحديث هو واحدٌ من أبرز أعمدة الشعر العربي وأكثرهم شعبيةً، وإنَّ دواوينه الشعرية هي الأكثر رواجاً في الوطن العربي، وإنَّ الأمة العربية كانت ستخسر كثيراً لو لم يظهر فيها شاعر من هذا الطراز يتحدَّث شعراً عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل..

زكريا أحمد وبيرم التونسي
مع التشديد على أنَّ نزار قباني نفسه هو الذي بَرَعَ وأبدَعَ في كتابة القصائد السياسية وليس أحدٌ غيره، هذه القصائد التي اخترقَتْ عقلَ ووعيَ وضمائر المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج.. كما أنَّ شاعرنا علي محمود طه هو الذي انفرد بكتابة أشهر قصيدة عن ضياع فلسطين وليس أحدٌ غيره، وقد حملت عنوان "فلسطين"، تلك التي يقول في مطلعها: "أخي جاوَزَ الظالمون المدى/ فَحَقَّ الجهادُ وحَقَّ الفِدَى".. ومحمد عبد الوهاب نفسه هو مَنْ لحَّنَ وغنَّى هذه القصيدة وليس أحدٌ غيره.. كما أنَّ ثاني أشهر أغنية عن فلسطين وهي أغنية "خَلِّي السيف يقول"، كَتَبَها بيرم التونسي نفسه، وليس أحدٌ غيره، وهو الذي سبق أن كتب عن القُبلة في أغنية أم كلثوم السالفة الذكر "قُلْ لي ولا تخبِّيش يا زين".. كما أنَّ مَنْ لحَّن "خلي السيف يقول" هو زكريا أحمد نفسه، وليس أحدٌ غيره، وهو ملحن أغنية "قُلْ لي ولا تخبِّيش يا زين"..



أم كلثوم لحظة غنائها "هل رأى الحب سكارى مثلنا"
على مسرح الأولمبيا في باريس عام 1968
ووقعت هزيمة الـ67 فذهبت أم كلثوم في العام التالي (1968) إلى مسرح الأولمبيا في باريس في فرنسا لجمع العملة الصعبة لمصر ضمن ما سُمِّيَ بـ"المجهود الحربي".. بيد أنها لم تذهب إلى باريس لتغني "ثوار" و"على بابِ مِصْرَ" و"حوّلنا مجرى النيل" و"طوف وشوف" ولا أيٍّ من أغانيها الوطنية.. بل ذهبت وغنَّت "هل رأى الحبُّ سُكارى مثلنا"، و"أمل حياتي يا حب غالي ما ينتهيش/ يا أحلى غنوة سمعها قلبي ولا تتنسيش"، و"فات المعاد وبقينا بعاد".


عبد الحليم يُقَبِّل ميرفت أمين
في فيلم "أبي فوق الشجرة"
وهزيمة الـ67 لم تمنع عبد الحليم حافظ من أن يمثِّل  صيف عام 1968 فيلمه السينمائي الأكثر شهرة في تاريخ السينما المصرية "أبي فوق الشجرة"، وهي قصة كتبها أديبٌ مصري مرموق إسمه إحسان عبد القدوس.. هذا الفيلم، الذي عُرض لأول مرة مطلع عام 1969، بات يُعْرَف منذ ذلك الحين بأنه "فيلم المائة قُبْلة" لكثرة ما فيه من مشاهد لتبادل القبلات بين عبد الحليم من ناحية وميرفت أمين ونادية لطفي من ناحية أخرى، ومعظم مشاهده صُوِّرَت على شاطىء البحر حيث ظَهَرَ معظم الممثلين بلباس المايوه.. مع الإشارة إلى أنَّ عبد الحليم حافظ نفسه هو أشهر مَنْ غَنَّى أغانٍ وطنية عقب هزيمة الـ67، وليس أحدٌ غيره: "عدَّى النهار"، "خلي السلاح صاحي"، "أحلف بسماها وبترابها"، "إبنك يقول لك يا بطل"...
لا بل إننا إذا ما قمنا بإحصاءٍ بسيط لعدد الأفلام السينمائية التي ظهرت في مصر بين أعوام 1967 و1973، أي في الفترة التي كانت مصر تشعر بأنها مهزومة وأرضها محتلة، فإننا نجد أنه قد ظَهَرَ ما يزيد عن 250 فيلماً سينمائياً تحتوي كلُّها على مشاهد حب وغَزَل وجنس وقُبَل ومشاهد رقص.. أي أنَّ الأمر استمر على الوتيرة نفسها وكأنَّ شيئاً لم يكن.
باختصار، إنَّ سبب كل ذلك يعود إلى تمسك العرب بثقافة الحياة في مواجهة ثقافة الموت.. وهذا التمسك بثقافة الحياة (وفي طليعتها الإستمرار في الحديث عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل) هو الذي يُبقي علينا أمةً حَيَّة تصمد وتتحدى الموت.. ولو أننا استسلمنا أمام ثقافة الموت بحجة الخطر الذي تتعرَّض له أمتنا العربية وضرورة "الإلتزام" أمام هول الكوارث التي نتعرَّض لها، لكنَّا الآن أمةً ميتة لا أمل بنهوضها، أمةً تعيش في موتٍ سريري، وخاصةً أنَّ الحروب والكوارث والمآسي لا تنتهي، وهي أصلاً  لم تنتهِ منذ أن خلق الله البشرية.
أما أن يسيطر علينا هوس "الإلتزام" بقضايا أمتنا العربية، فلا بدَّ أولاً من تعريف مصطلح "الإلتزام"، وهو على كل حال مصطلح عقيم إذا ما فهمناه على هذا النحو، وكأنَّما الحديث عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل لا يُعتبر إلتزاماً أيضاً بهموم وشجون وعقل ووجدان وحياة ومصير وهواجس وغرائز المواطن العربي، وهو المواطن الذي تتشكَّل منه هذه الأمة ولا وجود لها بدونه..
    إنَّ ذلك يشبه الحملة العنصرية التي يشنُّها بعض اللبنانيين على المهجَّرين السوريين بسبب ارتفاع نسبة المواليد عندهم، فيقولون لهم: "بلدُكُم يُدَمَّر وأنتم تُكثرون من ممارسة الجنس؟!".. ما المطلوب إذاً، ألا يمارس السوريون المهجَّرون الجنسَ مع زوجاتهم؟! أوليس في ما يفعلونه تَشَبُثٌ بثقافة الحياة في مواجهة ثقافة الموت التي تسبَّبت في تهجيرهم من وطنهم؟!

مجرَّد سؤال

فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب
هذا الأسلوب في التفكير يُذَكِّرُني بالحملة الإعلامية الشرسة التي تعرَّض لها محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش عقب هزيمة عام 1967، حيث شنَّ العديد من أصحاب الأقلام المصرية الغوغائية حملةً شعواء ضد هذين الفنانَين الكبيرَين لمجرَّد أنهما كانا يصطافان في لبنان حينما وقعت الهزيمة! وطالبوهما بالعودة فوراً إلى أرض الوطن!
وهنا مجرَّد سؤال:
هؤلاء الذين اعترضوا على اصطياف عبد الوهاب وفريد، أَلَم يقوموا هم أنفسهم بالإصطياف، على الأقل داخل مصر، بين عام 1967 (تاريخ احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء) وعام 1989 (تاريخ استرداد طابا، آخر شبر محتل في سيناء)؟!
والسؤال نفسه أوجِّهُهُ للمعترضين في وقتنا الحالي على أي حديثٍ عن الحب والغَزَل والجنس والقُبَل بسبب الخطر الذي تتعرَّض له الأمة العربية ومأساة الشعب السوري:
هل أنَّ الواحد منهم – إن كان متزوِّجاً – لا يقترب من زوجته، فلا يحبها ولا يغازلها ولا يُقَبِّلُها ولا يمارس معها الجنس بسبب أنَّ الأمة العربية في خطر وسورية تُباد من على الخريطة؟!
وإن كان عازباً، ألا يفكِّر في الزواج، في الحب، في الغَزَل، في الجنس، في القُبَل؟!
إنْ أراد أحد أبنائهم أو بناتهم الزواج، أفلا يُقيمون لهم الأعراس وما يتخللها من موسيقى ورقص وغناء، أم يمنعونهم من الزواج أصلاً لأنَّ الزواج فيه حب وغَزَل وجنس وقُبَل، والأمة العربية في خطر؟!
أم أنَّ ما نبيح لأنفسنا أن نفعله في السر نستنكرُ الحديثَ عنه في العلن؟!
إسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي
في فيلم "الفرسان الثلاثة"
بين يديَّ الآن عددٌ قديم من مجلة "الكواكب" المصرية، وهي مجلة فنية، يعود تاريخه إلى 17 تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1961، أي بعد عدة أشهر من صدور قرارات التأميم ودخول مصر في ما سُمِّيَ بالمرحلة الإشتراكية.. وقد ذُكِرَتْ في هذا العدد أسبابُ منع الرقابة على المصنفات الفنية لفيلم إسماعيل ياسين "الفرسان الثلاثة" من التصدير إلى خارج مصر، والسبب أنَّ هذا الفيلم يُظْهِر رَجُلَ دين على أنه محتال ونصَّاب، وبالتالي فإنه يخالف الشرطين اللذين تمَّ فرضهما عقب قرارات التأميم في تلك الفترة على الأفلام السينمائية، وهذان الشرطان هما:

1- ضرورة التعامل مع المد الثوري الذي يغيِّر وجه مجتمعنا (المصري)، والتفاعلِ داخل العمل الفني مع المتغيِّرات الإشتراكية التي تضمَّنَتْها خُطَب الرئيس جمال عبد الناصر وتَفَهُّمِها.
2- البُعد عن الأمثلة الشاذة والأحداث المفتعَلة، التي تعطي وجهاً مخالفاً لمجتمعنا العربي الإشتراكي. (ملاحظة: هذان الشرطان سقطا بعد هزيمة الـ67، ولم يوضعا من قِبَل عبد الناصر شخصياً، وإنما من قِبَل زمرة عبد الحكيم عامر، وهذا حديثٌ آخر).
أرأيتُم هذه العقلية الغوغائية العقيمة.. إنها هي التي تشكِّل الخطر الأكبر على الأمة العربية.
(مع خالص محبَّتي وتقديري لكل المتيَّمين بالثورة السورية والأمة العربية).


(19 حزيران/ يونيو 2017). 









 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق