2014/09/02

عقيدة إلهية.. أم مصلحة دنيوية؟/ نظام الولي الفقيه يتهكَّم على المهدي المنتظر.. فلماذا يطيعه حسن نصر الله طاعةً عمياء؟!


كَشَفَ الصراع على السلطة على مدى العامين 2012 و2013 بين رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السابق أحمدي نجاد والولي الفقيه علي خامنئي مدى استخفاف واستهزاء كلٍّ من نجاد وخامنئي معاً بالأسس العقائدية التي يقوم عليها النظام الإيراني الحالي، تلك التي أرساها الخميني بقراره تطبيق ولاية الفقيه في إيران منذ نيسان/ ابريل 1980.. فالأول (أي نجاد) يُعلن أنَّ المهدي المنتظر يرسل إليه شخصياً رسائل نَصّية (بالبريد العادي وليس بالبريد الإلكتروني)، فيرد عليه الثاني (أي خامنئي) بأنَّ المهدي المنتظر يهاتفه شخصياً ليس فقط عبر الهاتف الأرضي وإنما أيضاً عبر الهاتف المحمول/ الموبايل،..


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



عقيدة إلهية.. أم مصلحة دنيوية؟
نظام الولي الفقيه يتهكَّم على المهدي المنتظر
فلماذا يطيعه حسن نصر الله طاعةً عمياء؟!


حسين أحمد صبرا
كَشَفَ الصراع على السلطة على مدى العامين 2012 و2013 بين رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السابق أحمدي نجاد والولي الفقيه علي خامنئي مدى استخفاف واستهزاء كلٍّ من نجاد وخامنئي معاً بالأسس العقائدية التي يقوم عليها النظام الإيراني الحالي، تلك التي أرساها الخميني بقراره تطبيق ولاية الفقيه في إيران منذ نيسان/ ابريل 1980.. فالأول (أي نجاد) يُعلن أنَّ المهدي المنتظر يرسل إليه شخصياً رسائل نَصّية (بالبريد العادي وليس بالبريد الإلكتروني)، فيرد عليه الثاني (أي خامنئي) بأنَّ المهدي المنتظر يهاتفه شخصياً ليس فقط عبر الهاتف الأرضي وإنما أيضاً عبر الهاتف المحمول/ الموبايل، وذلك في محاولةٍ من كلٍّ منهما لإستمالة القطاع العريض من الجهلة والدراويش، الذين هم في كل عصرٍ وزمان ومن كلِّ لونٍ وعرقٍ ودينٍ مولعون بتصديق الخرافات ولا سيما في هذا الحزام المحيط بالعرب شرقاً. 
 وكان الخميني هو الذي افتتح هذه المباراة حينما أعلن على الملأ (بعد شروعه في تطبيق نظام ولاية الفقيه ببضعة أسابيع) أنَّ المهدي المنتظر أهم من الأنبياء جميعاً بمن فيهم النبي محمد، حينما قال في خطبةٍ بُثَّت من الإذاعة والتلفزيون في 28 حزيران/ يونيو 1980: "كل نبي من الأنبياء إنما جاء لإقامة العدل، وكان هدفه هو تطبيقه في العالم، لكنه لم ينجح. وحتى خاتم الأنبياء (ص)، الذي كان قد جاء لإصلاح البشر وتهذيبهم وتطبيق العدالة، فإنه هو أيضاً لم يوفَّق. وإنَّ مَنْ سينجح بكل معنى الكلمة ويطبِّق العدالة في جميع أرجاء العالم هو المهدي المنتظر".
هذه الأسس العقائدية، التي استهزأ بها نجاد وخامنئي علناً وعلى رؤوس الأشهاد، هي الأسس التي بموجبها عيَّن الخميني نفسَه (وخليفتَه من بعده) نائباً للمهدي المنتظر في صراعه للسيطرة على السلطة وتوطيد دعائم بقائه وخليفتِه من بعده فيها، مانحاً شخصَه (وخليفتَه من بعده) صلاحياتٍ إلهية تفرض على البشر جميعاً ودون استثناء في جميع أنحاء الكرة الأرضية واجب السمع والطاعة للولي الفقيه، بالغاً في تضخيم هذا المقام حدَّ القول بأنَّ المهدي المنتظر (وكذلك الخميني طالما هو نائبُه، وكذلك خليفتُه من بعده) سينجح في ما فشل فيه النبي محمد وسائر الأنبياء.. فَلِمَ العتب على أحمدي نجاد وعلي خامنئي إنْ تابعا مباراة التهكُّم والإستهزاء على هذا النحو!
هذا الصراع على السلطة بين أحمدي نجاد وعلي خامنئي هو مجرَّد عيِّنة من دوافع وأساليب التزوير الذي لحق بالدين الإسلامي منذ القرن الثاني الهجري والذي تضجُّ به كتب التراث الإسلامي عند جميع المسلمين دون استثناء كنتيجةٍ للصراع على السلطة بعد وفاة الرسول بين العرب أنفسهم بدايةً، ثم لاحقاً كنتيجةٍ للصراع الفارسي (وقد استنجد بالفرس قسمٌ من العرب) ضد العروبة والإسلام.. وها نحن نرى عيِّنةً منها عن قرب وبالألوان الطبيعية وبالبث الحي المباشر! 
إليكم ما أراد نجاد أن يقوله لنائب المهدي المنتظر علي خامنئي، بعدما أتى به الأخير رئيساً للجمهورية للمرة الثانية عام 2009 بحفلة تزوير كبرى وعظمى ولَّدت انتفاضة الشباب الإيراني الخضراء، التي نجح خامنئي في قمعها، مهدداً بقتل مليون مواطن إيراني إنْ اضطره الأمر إلى ذلك حفاظاً على نظامه، وهو ما يفعله الآن حينما يدعم بشار الأسد في مشروعه قَتْلَ مليون مواطن سوري للحفاظ على نظامه التوأم.. لقد أراد نجاد أن يقول لخامنئي ما يلي: بما أنك مصرٌّ على إبقائي لعبةً في يديك، إذاً سأسحب البساط من تحت رجليك، فإنْ كنت أنت تخدع القطاعَ العريض من الجُهَّال والدراويش بادِّعائك بأنك نائبٌ للمهدي المنتظر فإنني سأجعلهم يسخرون منك عندما أقول لهم بأنَّ المهدي المنتظر نفسه يراسلني أنا ويتجاهلك أنت!     
إنَّ أحمدي نجاد، وهو رئيس ما يسمى بـ"الجمهورية الإسلامية" في إيران، يُعلن على الملأ (في صيف 2012) أنه يتلقى الوحي من المهدي المنتظر ليدله على ما يجب عليه فعله في إدارة كل شاردة وواردة من شؤون البلاد والعباد، وذلك نكايةً بنائب المهدي المنتظر! فكيف ردَّ عليه علي خامنئي؟!
  لقد جاء الرد الأول عبر إمام جمعة طهران المؤقت الشيخ محمد كاظم صديقي في أواخر آب/ أغسطس 2012، في تصريحٍ نقلته صحيفة "باسدار إسلام" (حارس الإسلام) التي تصدر بالفارسية عن الحوزة الدينية في قم، وهي الحوزة التي تخضع لسلطة علي خامنئي مباشرةً، حيث قال الشيخ صديقي في ردٍّ مبطَّن على أحمدي نجاد إنَّ المهدي المنتظر على اتصالٍ مباشر مع الولي الفقيه علي خامنئي عبر الهاتف (أي الخط الأرضي) أو عبر الموبايل (أي الشبكة الخلوية) وفق الظروف.. وأضاف الشيخ صديقي (الحامل لقب حجة الإسلام) قائلاً إنَّ المهدي المنتظر يطلب من خامنئي كل ما يريده باعتباره نائباً عنه في إدارة شؤون المسلمين.. ثم يتابع غمزَه من قناة أحمدي نجاد بأن راح يشدِّد على أنَّ المهدي المنتظر لا يتصل بأحدٍ إلا بشخص علي خامنئي، كاشفاً عن معلومة أخرى لا تقل أهميةً عن سابقتها ألا وهي أنَّ خامنئي لم يكن على معرفة شخصية بالمهدي المنتظر في السابق إلى أن قام المهدي المنتظر شخصياً قبل عدة سنوات بتعريف خامنئي بنفسه، وقال له بالعربية: طوبى للخامنئي، حقاً أنت نائبي في هذا الزمان.. ثم كشف كاظم صديقي عن معلومة ثالثة وهي أنَّ خامنئي، الذي يقيم سنوياً مراسم دينية خاصة تسمى "الفاطمية"، يقوم بتوجيه دعوة شخصية للمهدي المنتظر لحضور هذه المراسم (دون أن يوضِّح ما إذا كان المهدي المنتظر يلبي هذه الدعوة في كل مرة!).
كلام الشيخ صديقي، الذي سبق أن أفتى في خضم صراع نجاد- خامنئي بأنَّ مَنْ لا يُطِيع الولي الفقيه لا تُقبل صلاتُه وبأنَّ خامنئي هو إمامٌ معصوم، هو تعبير عن رأيِ مَنْ عيَّنه لهذا الغرض في منصبه كخطيبِ جمعةٍ مؤقت في طهران ألا وهو خامنئي نفسه، الذي سارع عقب الإنتفاضة الخضراء إلى تنحية معارضه الأبرز هاشمي رفسنجاني عن منصبه كأحد أربعة خطباء مؤقتين لصلاة الجمعة في طهران وعيَّن كاظم صديقي مكانه بغية الدفاع عن الولي الفقيه وتعظيمه وتفخيمه وإحاطته بهالة القدسية من بعد ما تعرَّضت له مكانته وسلطته من إهتزاز جعله آيلاً للسقوط.  
إسم خامنئي من أسماء الله الحسنى!
أما الرد الثاني من خامنئي على نجاد فجاء عبر قيام الإستخبارات الإيرانية في الشهر نفسه (آب/ أغسطس 2012) بطباعة كتابٍ عبر مؤسسة تابعة لها وهي مؤسسة الدراسات والبحوث السياسية، حمل عنوان "شرح إسم خامنئي".. وقد تولى علي أكبر رشاد، وهو مسؤول النشر في مكتب خامنئي، التعريف بهذا الكتاب قائلاً بالحرف: "إنَّ الكتاب هو شرحٌ لأحد أسماء الله الحسنى، وهو أحد أولياء الله القائد علي خامنئي"..
بيد أنَّ حسين خزائي، رئيس مؤسسة الدراسات والبحوث السياسية التي نشرت الكتاب، كان أكثر صراحةً حينما وضَّح بأنَّ الهدف من هذا الكتاب هو مخاطبة الخيال الشعبي (أي قطاع الجهلة والدراويش)، إذ صرَّح قائلاً: "إنَّ الهدف من نشر هذا الكتاب هو عرض الصورة الأكثر شعبية في الثورة الإيرانية بين المتلقّين بطريقة الأدب الشعبي، حيث يحاول أنصار القائد خامنئي ومنذ سنين أن يصنعوا الصورة اللائقة به من خلال الدعاية ونشر الموضوعات الخيالية عنه".. (ملاحظة: الإسلام جاء ليحارب الخرافة الدينية في المخيلة الشعبية وهي التي عناها القرآن حينما تحدَّث عن الكفر والشرك والوثنية).
المهدي المنتظر ألعوبة على الألسنة
لقد جاءت الإنتفاضة الخضراء ضد الولي الفقيه عام 2009 لتدك الأسطورة التي يرتكز عليها، ما ولَّد لديه ردة فعل مضادة عبَّرت أول ما عبَّرت عن أنَّ أركان النظام الإيراني هم أنفسهم أول المستهزئين بما يروِّجون له وأول المتهكِّمين عليه، وأنَّ المسألة لا تعدو عن كونها ستاراً زائفاً يبرِّر تسلُّطهم على خلق الله لمصلحة دنيوية بحتة.. لقد راح الشيخ أحمد خاتمي، أحد أتباع خامنئي، يكفِّر الشباب المنتفض ويتَّهمهم بالشرك بالله لمجرد أنهم انتفضوا ضد الولي الفقيه، قائلاً: "إنَّ الولي الفقيه (أي خامنئي) هو نائب إمام الزمان (أي المهدي المنتظر)، وإنَّ مخالفة الولي الفقيه (خامنئي) تعني مخالفة الإمام (المهدي المنتظر)، ومخالفة الإمام (المهدي المنتظر) تعني الإشراك بالله".. ثم سارع أتباع الولي الفقيه عقب الإنتفاضة إلى الإدعاء بأنَّ خامنئي (بما أنه مولودٌ في خراسان) هو شعيب بن صالح، الذي سيقود من خراسان جيش المهدي المنتظر (وفق ما تقوله الروايات الشيعية).. ولمّا لاقى هذا الإدعاء اعتراضاً من المراجع الدينية في قم تمَّ التراجع عنه بأن تمَّ تصويب الأمر ليقال عوضاً عنه بأنَّ أحمدي نجاد هو شعيب بن صالح (الإدعاء ومن ثم التصويب وردا في صحيفة "إيران" الحكومية)!
حتى ذلك الوقت كانت العلاقة سمناً على عسل بين المرشد ورئيس الجمهورية، ولم يكن من بأسٍ حينها أن يتنازل خامنئي لنجاد عن هالة القدسية التي يحيط نفسه بها.. ولكن حينما فسدت العلاقة بين الإثنين نشأ تنافسٌ على الأسطورة وحدثت حفلة تناتش بلغت حداً من الهرج والمرج لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلاً له منذ القرون الوسطى في أوروبا.. لقد بلغ صراع خامنئي- نجاد على السلطة مبلغاً جعل رائحة سخريتهما وتهكُّمهما تفوح على صعيدٍ عالمي حينما أرسل نجاد برقية تعزية بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في آذار/ مارس 2013 قال فيها إنَّ شافيز سيُبعث مع المهدي المنتظر لإنقاذ البشرية! وقبلها قال نجاد إنَّ تشكيلة حكومته وافق عليها المهدي المنتظر.. وقال أيضاً إنه بمساعدة المهدي المنتظر لن نسمح بسقوط بشار الأسد.. وقال أيضاً وأيضاً إنَّ المهدي المنتظر أحاطه بهالةٍ من نور وهو يخطب في الأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2012، ثم بشَّر بقرب ظهوره في إيران في نهاية عام 2012، لكنه اتهم الولايات المتحدة بالسعي إلى ضرب إيران من أجل عرقلة ظهوره فيها في هذا الموعد.. ثم وصل الهرج والمرج إلى مداه عشية الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي جرت في حزيران/ يونيو 2013، حينما عقد وزير الإتصالات اللواء محمد حسن نامي مؤتمراً صحافياً ليعلن تمكُّن وزارته من التقاط صورة وصوت المهدي المنتظر في إحدى طبقات الغلاف الجوي المسماة "يونوسفير"، واعداً ببث صوته وصورته إلى مختلف أرجاء العالم، وبعدها سرَّب إلى الإنترنت صورة مفبركة لرجلٍ ضخم تمت تغطية وجهه بقطعة قماش خضراء!! ومع فوز حسن روحاني بمنصب رئاسة الجمهورية صيف 2013 وانتهاء ولاية أحمدي نجاد، فإنَّ أتباع الأخير أشاعوا بأنه (أي نجاد) وفور مغادرته مكتب الرئاسة سيتوارى عن الأنظار بانتظار ظهوره مع المهدي المنتظر ليشارك معه في الصراع لإحقاق الحق ودحر الباطل..   
وهكذا، ومع تصاعد الصراع على السلطة أصبح المهدي المنتظر ألعوبة على ألسنة جميع أركان النظام الإيراني بما ينم عن مدى سخريتهم وتهكُّمهم.. وهاكم على سبيل المثال ما قاله اسفنديار رحيم مشائي (أقرب المقرَّبين من أحمدي نجاد) بعدما رفض مجلس صيانة الدستور ترشيحه لإنتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت في حزيران/ يونيو 2013 على اعتبار أنه فاقد الأهلية، إذ قال بالحرف الواحد: "إنَّ أهليَّتي عُقِدَتْ في السماء، فأنا لست بحاجةٍ إلى تأييدها من قبل مجلس صيانة الدستور".. مضيفاً: "إنَّ البلاد تُدار من قبل المهدي المنتظر بطريقةٍ تجعل مجلس صيانة الدستور مرغماً على تأييد أهليَّتي"..
رفسنجاني يقول: المهدي المنتظر خرافة
إنَّ أهم وأذكى وأقوى شخصية في إيران في آخر ربع قرن، والذي أغدق عليه الخميني لقب "عقل الثورة"، ألا وهو هاشمي رفسنجاني، كان لديه الشجاعة أن يظهر على شاشة القناة الثانية في التلفزيون الإيراني الرسمي عشية الإنتخابات الرئاسية عام 2009 (تلك التي زوَّرها الولي الفقيه علي خامنئي تزويراً بلغ رقماً خرافياً) ليقول إنَّ من حق الإيرانيين أن يعرفوا حقيقة أنَّ المهدي المنتظر هو مجرد خرافات لا أساس لها من الصحة وإنَّ الأيام ستُثبت أنها مجرد أوهام صدَّقها الإيرانيون، داعياً مَنْ يروِّج لهذه الخرافات (ويقصد خامنئي) إلى الجلوس مع العلماء الصحاح ومراجعة أفكاره ومصوغاتها ومن ثَمَّ مخاطبة الشعوب الإيرانية..
ورفسنجاني، الذي صنع علي خامنئي حينما أتى به من المجهول إلى سدة رئاسة الجمهورية بين عامي 1981 و1989 وكَوَليٍّ فقيه عقب وفاة الخميني عام 1989، كان لديه الشجاعة بأن يذكر في إحدى مذكراته (رفسنجاني يُصدر مذكراته كل بضعة أعوام) أنَّ الخميني سأله وهو على فراش الموت في حزيران/ يونيو 1989 عمَّن يمكن أن يكون خليفته بعد موته، فأجابه رفسنجاني: "لا أحد يملك أن يملأ مقام حذائك".. فقال له الخميني: "ولكن لِمَ لا؟! خامنئي هو واحد منهم"..
وقد يكون الأهم من ذلك كله أنَّ رفسنجاني في إحدى مذكراته، والتي حملت عنوان "تجاوز الأزمة" وصدرت عام 1998، أكد ما يقوله المعارضون الإيرانيون من أنَّ الخميني (وهو الولي الفقيه ونائب المهدي المنتظر ويجب إطاعته طاعةً عمياء) كان يُصدر فتاويه في الصباح ويتراجع عنها في المساء! إذ روى رفسنجاني أنَّ أحمد الخميني (إبن الخميني) اتصل به صباح يوم 14/ 5/ 1981 ليخبره بصدور فتوى من أبيه يمنع فيها إذاعة أي موسيقى بما في ذلك تلك المصاحبة للأناشيد الدينية والعسكرية وأنَّ الفتوى ستذاع في نشرة أخبار الظهيرة، طالباً (أي أحمد الخميني) من رفسنجاني أن يذهب إلى أبيه برفقة محمد بهشتي ليقنعا الولي الفقيه بالتراجع عن هذه الفتوى.. ويتابع رفسنجاني أنه شخصياً لم يذهب إلى الخميني لما في ذلك من إشكالٍ شرعي، قائلاً: "إذا هي فتوى فيجب إطاعتها"، وأنَّ بهشتي ذهب إلى الخميني بمفرده واستطاع حمله على التراجع عنها!
حزب الله والطاعة العمياء
إنَّ أمر حزب الله غريب حينما يصر قادته وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله على إطاعة الولي الفقيه طاعةً عمياء رغم كل هذا النزاع بين خامنئي ونجاد على المهدي المنتظر وبأسلوبٍ مسرحي تهريجي تمريجي، وتحويلهما عقيدة النظام "الإلهية" إلى موضوع سخرية وتهكُّم علانيةً وعلى مدى عامين من الزمن، والعرض متواصل.. وإصرار قادة الحزب المذكور أعلاه على الطاعة العمياء رغم كل هذا التهكُّم يدعو إلى الريبة في ماهيَّة هذه الطاعة العمياء وحقيقة دوافعها..
إنَّ نائب الأمين العام في حزب الله نعيم قاسم يعرِّف هذه الطاعة العمياء في كتابه "حزب الله، المنهج، التجربة، المستقبل" كما يلي: "القيادة الشرعية هي للولي الفقيه كخليفة للنبي والأئمة، وهو الذي يرسم الخطوط العريضة للعمل في الأمة، وأمرُهُ ونهيُهُ نافذان".. وأنَّ الطاعة العمياء هي "تكليفٌ والتزامٌ يشمل جميع المكلَّفين (...) لأنَّ الإمرة في المسيرة الإسلامية العامة (هي) للولي الفقيه المتصدِّي".
إنَّ عدم اكتراث حزب الله بمعنى أن يجعل الولي الفقيه وأركان نظامه من المهدي المنتظر ألعوبةً على ألسنتهم إلى حدٍّ أظهر للقاصي والداني مدى سخريتهم وتهكُّمهم واستهزائهم، وإصرار هذا الحزب رغم كل ذلك على إبداء الطاعة العمياء للولي الفقيه ونظامه، إنما هو دليل واضح وصريح على أنَّ حزب الله يبيع الجهلة والدراويش من البضاعة نفسها من أجل مصلحة دنيوية بحتة لفئةٍ من البشر، عقيدتُهم السلطة والسلطة وحدها.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق