2017/03/03

كتاب "بوتين زعيم مافيا" (30)/ الإستخبارات الروسية فجَّرت مباني سكنية في روسيا لإيصال بوتين إلى الرئاسة.



   ضمن هذه المساحة سنكتفي حالياً بعرضٍ لهذه التفجيرات، على أن نعرض في الأحاديث التالية للأدلة الدامغة التي ساقها المعارضون والمحقِّقون والصحافيون الروس حول تورُّط الإستخبارات الروسية في هذه التفجيرات، ولاحقاً الإغتيالات التي طالت هؤلاء المعارضين والمحقِّقين والصحافيين الواحد تلو الآخر.. ونبدأ بالإنفجار الأول، والذي وقع في 4 أيلول/ سبتمبر 1999 في مبنىً سكني في مدينة بويناكسك في جمهورية داغستان، وقد ذهب ضحية هذا الإنفجار 64 قتيلاً من سكان المبنى و133 جريحاً...

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)


الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)




الطامع في ثروة سورية النفطية (30)

الإستخبارات الروسية
فجَّرت مباني سكنية في روسيا
لإيصال بوتين إلى الرئاسة





حسين احمد صبرا
إذاً، قام جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي" (الـ"كي. جي. بي" سابقاً) بانقلابٍ علني في روسيا استلم عَبْرَهُ السلطةَ بعد تعيين رَجُلِهِ فلاديمير بوتين رئيساً لوزراء روسيا بادىء ذي بدء في 16 آب/ أغسطس 1999، ومن ثم طَرَحَهُ مرشَّحاً لرئاسة روسيا (لربع قرنٍ على الأقل، وقد مضى منها حتى الآن 16 عاماً)، الأمر الذي تحقَّق فعلياً بعد أربعة أشهر فقط حينما استقال الرئيس الروسي بوريس يلتسين في 31/ 12/ 1999 وبالتالي أصبح بوتين كرئيسٍ للوزراء هو الحاكم الفعلي لروسيا، إلى أن فاز فوزاً كاسحاً في الإنتخابات الرئاسية في 7/ 5/ 2000 عقب شنِّهِ حرباً ثانية على الشيشان وتأييد الشعب الروسي له، وقد جاء هذا الإلتفاف الشعبي الروسي حول بوتين في حربه ضد الشيشان عقب سلسلة التفجيرات التي طالت مباني سكنية في عدة مدنٍ روسية من بينها العاصمة موسكو خلال شهر أيلول/ سبتمبر 1999، سارعت الإستخبارات الروسية إلى اتهام الثوار الشيشانيين بالوقوف خلفها، في حين أنَّ العديد من المعارضين والمحقِّقين والصحافيين الروس اتَّهموا الإستخبارات الروسية نفسها بالضلوع في هذه التفجيرات وقدَّموا العشرات من الأدلة الدامغة..  
ضمن هذه المساحة سنكتفي حالياً بعرضٍ لهذه التفجيرات، على أن نعرض في الأحاديث التالية للأدلة الدامغة التي ساقها المعارضون والمحقِّقون والصحافيون الروس حول تورُّط الإستخبارات الروسية في هذه التفجيرات، ولاحقاً الإغتيالات التي طالت هؤلاء المعارضين والمحقِّقين والصحافيين الواحد تلو الآخر..



    ونبدأ بالإنفجار الأول، والذي وقع في 4 أيلول/ سبتمبر 1999 في مبنىً سكني في مدينة بويناكسك في جمهورية داغستان (إحدى الكيانات الفدرالية في روسيا والواقعة في جنوب الجزء الأوروبي من روسيا ما بين الشيشان وجورجيا وأذربيجان)، أدى إلى تدمير المبنى، وقد ذهب ضحية هذا الإنفجار 64 قتيلاً من سكان المبنى و133 جريحاً..



    ثم وقع الإنفجار الثاني في ليل 9 أيلول/ سبتمبر في الطابق الأرضي لمبنىً سكني من 9 طوابق في شارع جوريانوفا في العاصمة موسكو، حوَّل المبنى إلى ركام وخلَّف 94 قتيلاً و249 جريحاً، وألحق الضرر بـ19 مبنىً آخر، وبنتيجته تم تدمير ما مجموعه 108 شقق سكنية..



    وقع الإنفجار الثالث في 13 أيلول/ سبتمبر في العاصمة موسكو أيضاً وعلى بعد 6 كلم من الإنفجار الثاني، مستهدفاً مبنىً من 8 طوابق في طريق كاشيرسكوي السريع، حوَّل المبنى إلى ركامٍ وخلَّف وراءه 119 قتيلاً بينهم 12 طفلاً و200 جريح..



    بعدها وقع الإنفجار الرابع في 16 أيلول/ سبتمبر في مدينة فولجادنسك في جنوب روسيا في شاحنة مفخَّخة أمام مبنىً من 9 طوابق أودى بحياة 17 مواطناً وإصابة 69 آخرين..

تفكيك متفجرة ريازان

المبنى المستهدف في مدينة ريازان


   حتى الآن حدثت أربعة تفجيرات، أما التفجير الخامس فلم يحدث، ذلك أنه تمَّ اكتشاف المتفجرات من قبل أحد المواطنين وإبطال فاعليتها من قبل الشرطة الروسية قبل حدوث الإنفجار بسُوَيْعاتٍ..




مشاهد تمثيلية لواضعي متفجرة ريازان

    ففي مساء 22 أيلول/ سبتمبر توقَّفت سيارة بيضاء اللون أمام مبنىً سكني مؤلَّف من 12 طابقاً في مدينة ريازان الواقعة على بُعد 196 كلم جنوب شرق موسكو، وقد أُلصق على رقم السيارة ورقة كُتِبَ عليها الرقم 62 للإشارة إلى أنَّ السيارة مسجَّلة في منطقة ريازان، وكان على متنها ثلاثة أشخاص بينهم إمرأة، أخرجوا منها ثلاثة أكياس تزن 50 كيلوجراماً وموصولة بجهاز تفجير محلِّي الصنع وجهاز توقيت، وقد ضُبط التوقيت عند الساعة الخامسة والنصف فجراً، وقاموا بنقلها إلى بهو أحد المباني وفروا مسرعين.. وقد اتصل المواطن الذي شاهد هذه السيارة من نافذة مسكنه بالشرطة، التي حضرت بعد ساعةٍ من الزمن (كما عادة الشرطة في العالم أجمع) وقامت بإيقاف جهاز التفجير ومصادرة الأكياس الثلاثة.

تأييد شعبي لغزو الشيشان

    لم تشهد روسيا في تاريخها مثل هذه التفجيرات، وقد أصيب الناس بهلعٍ شديد، وباتوا يفتشون الأبنية والسلالم والأرصفة خشية وجود متفجراتٍ فيها، كما قامت الشرطة بحملة واسعة لتفتيش كل المكاتب والمباني غير السكنية والأقبية والسراديب..
بوريس نيمتسوف
   والأهم أنَّ الغالبية العظمى من الشعب الروسي أيَّدت بشدة قرار بوتين بإعلان الحرب على الشيشان، وكما روى لاحقاً المعارض الروسي بوريس نيمتسوف: "عندما وقعت الإنفجارات في موسكو ثم في فولجادنسك أصيب الناس بذهولٍ وصدمةٍ رهيبة، وقد تزامن هذا مع تعيين بوتين كرئيسٍ للوزراء. وأعتقد أن ما يقرب من 90 إلى 95% من الروس – كما هو الحال في أميركا اليوم [بالنسبة إلى أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001] – أيدوا قرار الرئيس بتصفية المتمردين الشيشان".
    اللافت أنه في اليوم التالي للعثور على متفجرة ريازان، أي 23 أيلول/ سبتمبر 1999، أصدر الرئيس الروسي بوريس يلتسين أمراً سرياً ببدء حرب الشيشان الثانية وغزو هذا البلد، وجاء ذلك (كما كشف زعيم حزب "روسيا الليبرالية" المعارض سيرجي يوشنكوف عام 2002) استجابةً لطلبٍ من 24 محافظاً روسياً طالبوا يلتسين بنقل جميع سلطات الدولة إلى رئيس الوزراء فلاديمير بوتين..
بوتين في مؤتمره الصحافي
   وفي اليوم التالي، أي 24 أيلول/ سبتمبر، بدأ بوتين غزو الشيشان، وقد ظهر في مؤتمرٍ صحافي ليقول: "لقد تكلَّمنا بلغة القانون، لكن هؤلاء المتمردين (الشيشان) تكلموا عن المفاهيم. يجب علينا بسرعة وبحسم وبقوة أن نقضي على الأفعى اليوم وقبل فوات الأوان".. وأضاف: "إنَّ الطائرات الروسية لن تقصف معسكرات الإرهابيين فقط، بل وسنلاحق الإرهابيين أينما ذهبوا، إذا ظهروا في مطارٍ سنكون هناك، ومعذرةً، إذا وجدناهم في الحمَّام سنلاحقهم وننسفهم، هذا ما عندنا وانتهى الأمر".
حرب الشيشان الثانية
إذاً، أدَّت تفجيرات المباني السكنية غرضها بسرعة رهيبة، وهي التفجيرات التي قام بها جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. سي. بي" نفسه، في حين تمَّ توجيه أصابع الإتهام زوراً إلى الثوار الشيشان.. فأيَّدت غالبية الشعب الروسي بوتين في غزوه للشيشان، وما هي إلا بضعة أشهرٍ حتى انتخبته رئيساً لها بنسبةٍ كاسحة.
ولكن، ما هي الأدلة الدامغة حول تورُّط الإستخبارات الروسية في تفجيرات المباني السكنية، والتي قدَّمها معارضون ومحقِّقون وصحافيون روس؟! مع ملاحظة بالغة الأهمية وهي أنَّ التفجيرات ما لبثت أن توقَّفت بسحر ساحرٍ عقب اكتشاف متفجِّرة ريازان، وهو الإكتشاف الذي أدى إلى حصول فضائح كبرى تدين بوتين والإستخبارات الروسية ويندى لها الجبين!

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، رقم العدد 1770).

الحديث التالي:
الحديث السابق:










 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق