2017/02/01

كتاب "تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين" (12)/ غاري كاسباروف يدعو المعارضة إلى عدم المشاركة في الإنتخابات كأول خطوة لتصفية النظام البوتيني.



موضوع حديثنا الآن هو المقال الذي كتبه لاعب الشطرنج العالمي والمعارض الروسي البارز غاري كاسباروف باللغة الروسية داعياً الشعبَ الروسي إلى ما يشبه الثورة على نظام فلاديمير بوتين، وذلك قبل موعد إنتخابات مجلس الدوما بأسبوعين، وقد اطلعنا على نص هذا المقال في الموقع الإلكتروني لـ"راديو أوروبا الحرة" (راديو الحرية) والذي قام أحد محرِّريه بترجمته إلى الإنكليزية ونُشر في 9 أيلول/ سبتمبر 2016 تحت عنوان: "كل تصويت في الإنتخابات التشريعية الروسية هو تصويت للبوتينية"، طالباً كاسباروف من المعارضة الروسية عدم الإشتراك في هذه الإنتخابات كي لا تضفي الشرعية على نظام بوتين...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




كتاب
تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين
تأليف: حسين احمد صبرا
(2015 – 2017)
(قمنا بتعريب تصريحات ومقالات كاسباروف عن الإنجليزية وصغناها بأسلوب صحافي)


الإهداء:
إلى غاري كاسباروف ومنه إلى سورية الحبيبة


تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين (12)


غاري كاسباروف يدعو المعارضة
إلى عدم المشاركة في الإنتخابات
كأول خطوة لتصفية النظام البوتيني

 
غاري كاسباروف:
مشاركة المعارضة في الإنتخابات سيحوِّلها إلى دمية بيد بوتين


حسين احمد صبرا
في 18 أيلول/ سبتمبر عام 2016 جرت إنتخابات مجلس الدوما (النواب) الروسي وجاءت نتائجها لتدعِّم موقف بوتين في حكم روسيا وتخوِّله للترشح لولاية رئاسية رابعة عام 2018 بعدما حصد الحزب الحاكم "روسيا الموحَّدة" 76,4% من المقاعد (343 مقعداً من أصل 449)، محققاً نصراً كاسحاً لعام 2016 بعد التراجع الذي شهده في انتخابات عام 2011 حينما حصد 49% فقط من المقاعد.. مع الإشارة إلى أنَّ هذه الإنتخابات الأخيرة قد شارك فيها 48% من الناخبين (53 مليون ناخب)، والفوز الكاسح لحزب بوتين يعني برأينا أنَّ غالبية الشعب الروسي تؤيِّد ما يرتكبه بوتين من جرائم خارج روسيا ولا سيما في سورية تحت عنوان "استعادة أمجاد روسيا العظمى"..
أما موضوع حديثنا الآن فهو المقال الذي كتبه لاعب الشطرنج العالمي والمعارض الروسي البارز غاري كاسباروف باللغة الروسية داعياً الشعبَ الروسي إلى ما يشبه الثورة على نظام فلاديمير بوتين، وذلك قبل موعد إنتخابات مجلس الدوما بأسبوعين، وقد اطلعنا على نص هذا المقال في الموقع الإلكتروني لـ"راديو أوروبا الحرة" (راديو الحرية) والذي قام أحد محرِّريه بترجمته إلى الإنكليزية ونُشر في 9 أيلول/ سبتمبر 2016 تحت عنوان: "كل تصويت في الإنتخابات التشريعية الروسية هو تصويت للبوتينية"، طالباً كاسباروف من المعارضة الروسية عدم الإشتراك في هذه الإنتخابات كي لا تضفي الشرعية على نظام بوتين..
المشاركة في الإنتخابات ضارة للمعارضة الروسية
 يكتب كاسباروف، اللاجىء إلى الغرب منذ العام 2012: "يتبقَّى أقل من أسبوعين قبل انعقاد ما يسمَّى بالإنتخابات التشريعية في روسيا، ولكن يمكننا بالفعل أن نرسم استنتاجاتٍ حول ما يجري، إذ يمكننا ليس فقط أن نرى أنْ لا طائل منها لا بل أنها أيضاً ضارة بالنسبة للمعارضة إذا ما شاركت في "التصويت" في حال كان هدفها النهائي هو معارضة نظام الرئيس فلاديمير بوتين. إنَّ ما كان شائعاً لفترةٍ طويلة هو القول بأنَّ العملية التي تسمَّى "الإنتخابات" في روسيا لا تلعب أي دور في تحديد شؤون السلطة السياسية، بل هي آلية تقليدية تهدف إلى إعطاء النظام مظهراً من مظاهر الشرعية. ومع ذلك فإنَّ السياسيين الذين يدَّعون أنهم في المعارضة يحاولون مراراً وتكراراً المشاركة في الإنتخابات، إما لعدم فهمهم أو يتظاهرون بعدم فهم أنهم من خلال مشاركتهم فيها إنما يصبحون لعبةً في أيدي الكرملين، سواء عن طيب خاطر أم لا. إنهم يساعدون في جر المواطنين الروس إلى عملية سياسية معروفة النتائج سلفاً، وبفعلهم ذلك فإنهم يتحولون إلى طفيليات تشوِّش على مفهوم وأمل الإنسان في المجتمع بدفعه للإعتقاد بأنه قادر على إمكانية التغيير بلا عنف".  
مجلس الدوما الروسي
ويرى كاسباروف أنَّ التغيير بات غير ممكن عبر الإنتخابات، وأي مشاركة فيها ستصبح عائقاً أمام ذلك، قائلاً: "بيد أنَّ المشكلة هي أنَّ روسيا اجتازت منذ فترةٍ طويلة نقطة اللاعودة بحيث أصبح التغيير دون اضطراباتٍ (أي من خلال صناديق الإقتراع) أمراً مستحيلاً. وبالإضافة إلى ذلك فإنه كلما استمرَّ العذاب مع النظام لفترةٍ طويلة كلما حدثت اضطرابات في روسيا أكثر عمقاً في المستقبل. وبالقول بأنه من المهم المشاركة في الإنتخابات فإنَّ هؤلاء "المعارضين" يزرعون الآمال الكاذبة في المجتمع، والتي ستصبح عندئذٍ عائقاً أمام أي تغيير من حيث المبدأ. إنَّ الحجج التي تُستخدم لتبرير المشاركات في الألعاب الإنتخابية تتجاهل الواقع السياسي الحالي تماماً، وعلى وجه الخصوص التغيرات التي حدثت في السنوات القليلة الماضية".
بوتين يدلي بصوته في انتخابات مجلس الدوما
في 18 أيلول/ سبتمبر عام 2016
ويصف كاسباروف نظام بوتين بالنظام الشمولي، قائلاً باستحالة استخدام الإنتخابات كوسيلة للنضال السياسي، فيكتب: "لا بد من الإعتراف بأنَّ نظام بوتين قد أكمل تقريباً التحول مما يسمى بالنظام الهجين إلى الشمولية الكاملة. وأنا أعلم بأنَّ هذه العبارة قد تلقى تشكيكاً لأنَّ مصطلح "الشمولية" يرتبط عادةً بالقمع الجماعي. ومع ذلك فإنَّ السمة المميِّزة للنظام الشمولي هي من الناحية العملية نية السلطات في السيطرة على كل الإجراءات والأفكار الخاصة بمواطنيها. ومن أجل نرى أنَّ الإستبداد هو بالفعل واقعٌ قاسٍ في روسيا فإنَّ كل ما عليك فعله هو أن تنظر في الإحصاءات حول الملاحقات الجنائية بتهمة ارتكاب "جرائم الفكر"، مثل النشر أو تسجيل الإعجاب بما يُنشَر في وسائل التواصل الإجتماعي، أو النظر في كثافة غسل الدماغ الذي تقوم به آلة الدعاية. إنَّ استخدام الإنتخابات كوسيلة للنضال السياسي في النظام الشمولي هو – بحكم هذا التعريف – مستحيل".
جينادي جودكوف
ويقدِّم كاسباروف الأمثلة التي تدل على عبثية تغيير النظام من الداخل، قائلاً: "حتى في تلك الحالات، عندما لا يختلق النظام سبباً لاستبعاد معارضٍ حقيقي منذ البداية، فإنه يمكنه تطبيق أساليب أكثر جذريةً في وقتٍ لاحق. فقط نذكر أمثلةً عن المشرِّعين جينادي جودكوف وإيليا بونوماريوف وليوف شلوسبرج، الذين حُرموا من ولاياتهم، أو المصير المأسوي لعمدة مدينة ياروسلافل، يفجيني أورلاشوف، الذي حُكم عليه بالسجن لـــ12 عاماً ونصف العام بتهمة الرشوة، التي يقول مؤيدوه بأنَّ دوافعها سياسية. هذه الحالات تُظهر بشكلٍ واضح العبثية المطلقة للحديث عن "تغيير النظام من الداخل".
شبه جزيرة القرم
وتحت العنوانٍ الفرعي "تشريع السرقة"، يعتبر كاسباروف أنَّ المشاركة في هذه الإنتخابات هو تشريع لسرقة بوتين للأراضي في القرم، فيقول: "يجب علينا أن نفهم الأهمية الدولية لهذه الإنتخابات، إذ لأول مرة في التاريخ الروسي الحديث سيتم إجراء الإنتخابات الإتحادية من على الأراضي المرفَقة: شبه جزيرة القرم والمدينة القرمية سيفاستوبول، اللذين ضمتهما روسيا إليها من أوكرانيا في عام 2014، ويحاول الكرملين استخدام هذه الإنتخابات كأداةٍ لإضفاء الشرعية على هذا الضم. هناك منطقٌ بسيط في العمل هنا: فالإعتراف بالإنتخابات كوسيلةٍ شرعية تعني الإعتراف بشرعيتها في جميع المناطق حيث تُقام. والإعتراف بشرعية الإنتخابات في شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول يعني الإعتراف بأنَّ هذه الأراضي هي جزءٌ من الإتحاد الروسي".
بوتين سيستخدم نواب المعارضة كواجهة شبه ديمقراطية
ويتابع: "لهذا السبب من المهم للغاية بالنسبة للمجتمع الدولي أن يرفض الإعتراف بنتائج هذه الإنتخابات. والمشاركة في إجراء هذه الإنتخابات هي نفسها مشاركةٌ في إضفاء الشرعية على هذه السرقة. إنَّ الحصول على عددٍ قليلٍ من نواب المعارضة في مجلس الدوما (والذي لا يمكن أن يحدث إلا بمباركة السلطات) إنما سيجعل الوضع أسوأ طالما سيمكِّن الكرملين دولياً من استخدام نواب هذه "المعارضة" العاجزين باعتبارهم واجهة شبه ديمقراطية يخفي وراءها الروح الشمولية للنظام".
قمع المعارضة في روسيا
ويرى كاسباروف أنَّ التغيير في روسيا لن يأتي إلا عبر الضغط من الخارج عبر العقوبات، فيكتب قائلاً: "إنَّ السلطات الروسية، مستخدمةً القمع والتلاعب، قد قامت تقريباً بتصفية كل التهديدات الداخلية، لذا فإنَّ الوسيلة الوحيدة المتبقية عملياً لتغيير الوضع في روسيا هو الضغط من الخارج. إنَّ العقوبات الدولية، التي تُطَبَّق ضد روسيا ككل وكذلك ضد العديد من الأفراد والمنظمات اللاعبين أدواراً رئيسةً في النظام البوتيني، هي الآن في غاية الأهمية. وعلينا أن نتذكَّر أنَّ العقوبات ضد بوتين لم يتم وضعها أو تمديدها لحد ذاتها، بل هي نتيجة للعمل المنهجي الجاد مع المسؤولين والرأي العام في الغرب. وهذا العمل يجب أن يُفْعَل من جديد من قبل المعارضة الضخمة للعديد من اللوبيات المؤيدة لبوتين". 
بوتين يعمل جاهداً على رفع العقوبات الغربية
وتحت العنوان الفرعي "السياسة خارج البلاد" أهمية العقوبات المفروضة على بوتين، والسعي الدؤوب من قبل الأخير لرفعها عنه ومنع أي عقوباتٍ جديدة، فيكتب: "يدرك الكرملين أنَّ النضال الحاسم، الذي يتعلق به بقاء النظام، إنما يجري في الغرب. لقد درس بوتين والمقرَّبون منه دروس التاريخ، والتي من أهمها أنه عندما تعاني الأنظمة الدكتاتورية من هزيمةٍ دولية كبيرة (وليس بالضرورة هزيمة عسكرية) فإنَّ ذلك يؤدي دائماً تقريباً إلى انهيار النظام نفسه. هذا هو السبب في أنَّ الكرملين قد سخَّر كلَّ الموارد المادية والسياسية في النضال من أجل رفع العقوبات الحالية ومنع أي عقوبات جديدة أشد منها. لقد قام بوتين بتعيين إيلا بامفيلوفا (الوزيرة السابقة في عهد الرئيس بوريس يلتسين والعضوة الليبرالية في مجلس الدوما) رئيسةً للجنة الإنتخابات المركزية، وكلُّ هذا ليس من أجل التأثير على نتائج الإنتخابات وإنما من أجل زيادة السلاح السياسي لدى عملاء بوتين في الغرب".  
 ويعتبر كاسباروف أنَّ الإنتخابات في روسيا هي من أجل تلميع صورة نظام بوتين في الغرب، وأنَّ مشاركة المعارضة في تلك الإنتخابات تُعطي النظام هذه الفرصة، فيقول: "إنَّ عملية التقليد للنهج الديمقراطي في روسيا هدفُهُ زيادة احترام النظام في الخارج. وهؤلاء الروس، الذين ليس لديهم فكرة عن هذه المواجهة الدولية، ويذهبون إلى الإنتخابات بحجة أنَّ "علينا فعل شيء على الأقل"، إنما يعطون الكرملين وعملائه في الغرب هديةً لا تقدَّر بثمن".
ويختم كاسباروف بالتركيز على أنَّ الإمتناع عن المشاركة في الإنتخابات هي أول خطوة في طريق تصفية نظام بوتين، فيكتب: "في هذه اللحظة من الصعب إعطاء صيغة دقيقة حول كيفية العمل على تصفية النظام البوتيني في المستقبل المنظور. ولكن كبداية، على أقل تقدير، لا بد من الإمتناع عن أية إجراءات تعزِّز هذا النظام".

الحديث التالي:
الحديث السابق:







 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق