التقرير الأول لبوريس نيمتسوف:
"بوتين – النتيجة المالية"/ الفصل العاشر: تفاقم عدم المساواة.
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير الأول:
بوتين – النتيجة المالية
(موسكو – شباط/ فبراير 2008)
تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي
عامي 1997 – 1998)
فلاديمير ميلوف
(نائب وزير الطاقة في روسيا عام 2002)
نقله من الروسية إلى الإنكليزية: ديفيد إيسّيل (2008)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)
(Путин. Итоги (первое издание доклада
Boris Nemtsov’s White Paper in Full
Putin:
the Bottom Line
(February 2008)
first
edition
by
Boris Nemtsov
First
Deputy Prime Minister of the Russian Federation, 1997-1998
and
Vladimir
Milov
Deputy
Minister of Energy, 2002
(Translated
from the Russian by Dave Essel (2008
(Translated
from English to Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016
الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف،
زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً
من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.
الفصل العاشر
تفاقم عدم المساواة
بوريس نيمتسوف
فلاديمير ميلوف
إنَّ روسيا هي بلدٌ فيه النسبة الأكبر
من التفاوت وانعدام المساواة وبشكلٍ هائل. يمكنك أن تلحظ ذلك في كل مكانٍ وفي
العديد من الأمور المختلفة. وهذا الإنعدام في المساواة – بين المناطق والناس – لا
يزداد إلا سوءاً.
يبلغ متوسط الدخل الشهري الإسمي (*) في موسكو 20 ألف روبل [800 دولار]، ويبلغ في الأماكن
الغنية بالموارد الطبيعية مثل "خانتي – مانسيسك" و"يامال –
نينيتس" ومناطق "تشوكوتسك" ومنطقة "نينيتس" ذاتية الحكم
بين 25 – 30 ألف روبل [1000 – 1200 دولار]. أما الدخل الحقيقي (*) في موسكو فهو بالطبع أكبر بكثير من ذلك.
_______________________________________
(*) الدخل الاسمي هو مجموعة ما يحصل عليها صاحب الدخل من نقود بقيمتها الجارية، بينما الدخل الحقيقي أو الفعلي فيُعَبَّر عنه بكمية السلع والخدمات التي يمكن لصاحب الدخل الحصول
عليها مقابل الدخل الاسمي الذي يتقاضاه (المعرِّب).
_______________________________________
وفي الوقت نفسه يبلغ متوسط الدخل في
داغستان 4,5 ألف روبل [180 دولاراً] وفي منطقة الأرض السوداء المركزية بين 6 – 8
آلاف روبل [240 – 320 دولاراً]. ومتوسط الدخل الشهري في أقل من ثلث المناطق
الروسية يعادل أو يفوق متوسط الدخل في عموم روسيا (11 ألف روبل شهرياً) [440
دولاراً]؛ أما في ما تبقَّى من أنحاء البلاد فهو أقل.
وفي الوقت نفسه فإنَّ الناس في 4 أو 5
مناطق من روسيا يعيشون بشكلٍ هو ليس أسوأ مما هو عليه الحال في البلدان الغربية
المتقدِّمة، أما في بقية روسيا فإنَّ الناس يعيشون بالمستوى نفسه الذي في المكسيك.
وأحد أسباب هذا التمايز هو سياسة بوتين المتمثِّلة في الإستعمار الميزاني [نسبةً
إلى الميزانية]. وبالعودة إلى عام 2000 فقد تمَّ تقسيم الإنفاق الحكومي بالتساوي
(50/ 50) بين المركز والمناطق. أما الآن فهو 65/ 35. وهناك سببٌ آخر هو الرأسمالية
الإحتكارية للدولة، وهو النموذج الذي تُستغل وِفْقَهُ الموارد الطبيعية للبلاد،
والتي أخذت تتشكَّل في روسيا. فالشركات الصغيرة والأشخاص غير المنخرطين في المواد
الخام في المناطق التي لا تتوافر فيها هذه الموارد، هم غير قادرين على التطور وذلك
بسبب الحواجز الكبيرة التي تحول دون دخولهم السوق وهي الحواجز التي يضعها
البيروقراطيون والإحتكارات المرتبطين بها؛ وبسبب سياسات الحكومة المتعلقة بالإرهاب
الضريبي؛ وبسبب خطر فقدانهم ما يملكونه؛ وبسبب البنية التحتية المتهالكة.
ومن أجل التغلب على هذا التمايز فإنَّ
من الأهمية بمكان دعم أنشطة الشعب الإقتصادية، وتنمية المشاريع التجارية الصغيرة،
وإشراك دائرة واسعة من الناس قدر الإمكان في أنشطة الأعمال الحرة. هذا هو السبيل
الوحيد لجعل عددٍ كبيرٍ من الروس إن لم يكونوا أغنياء فعلى الأقل أن يكونوا رَغَداً.
ولكنَّ عدد الشركات الصغيرة في روسيا
لم يرتفع عملياً خلال رئاسة بوتين، وهناك حوالى المليون منها اليوم، بما يعني أقل
من 7 شركات لكل ألفٍ من السكان، وينبغي مقارنة ذلك بمتوسط عدد الشركات الصغيرة في
المفوضية الأوروبية والبالغ 45 شركة صغيرة لكل ألفٍ من السكان، و50 لكل ألفٍ في
اليابان، و75 لكل ألفٍ في الولايات المتحدة الأميركية! وفي البلدان الغربية يوجد
حوالى 50% من السكان العاملين في هذه المشاريع، وفي اليابان نحو 80%. أما في روسيا
فلا يوجد إلا 9 ملايين روسي فقط، أي 12% من السكان العاملين، يعملون في مشاريع
صغيرة، وهذه الشركات الصغيرة تقدِّم بمساهمة متناسبة في الناتج المحلي الإجمالي
لدينا. ويمكن مقارنة ذلك مرةً أخرى بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تبلغ مساهمة
الشركات الصغيرة في الناتج المحلي الإجمالي 50%، وتبلغ في منطقة اليورو 60%.
وينبغي ألا يكون مفاجئاً أن يعيش الناس أكثر ثراءً في تلك البلدان تحديداً وأن
يكون لديهم طبقة متوسطة كبيرة، وهو ما يختلف عنه الحال في روسيا.
ونتيجةً لذلك فإنَّ الناس الذين
يَغْنَوْن في روسيا إنما هم أولئك الذين يعيشون على مقربةٍ من الأماكن التي تحقِّق
أرباحاً من الموارد الطبيعية يتم العثور عليها فيها، وبعض الفتات يسقط عن الطاولة.
وعلى الرغم من ارتفاع دخل الناس العاديين، إلا أنه لم يرتفع إلى مستوى ثروة
الأوليجارشية (القِلَّة الحاكمة). فقد ارتفع متوسط الدخل في روسيا من 80 دولاراً
في الشهر في عام 2000 إلى أكثر من 400 دولارٍ اليوم [2007]. ومع ذلك، وخلال الفترة
نفسها، ضَرَبَتْ روسيا رقماً قياسياً في الأعداد المتزايدة للمليارديرات: فبين
عامي 1999 – 2000 لم يكن ضمن قائمة "فوربس" أي روسي، أما بحلول عام 2007
فكان هناك 53 مليارديراً روسياً بلغ مجموع ثروتهم 282 مليار دولار.
لقد جاء رومان أبراموفيتش في المركز
الأول عن ثروةٍ بلغت 18,7 مليار دولار. وها نحن الآن أصبحنا في المرتبة الثالثة
بعد الولايات المتحدة وألمانيا في عدد المليارديرات.
لقد قُدِّم إليكم شعار "مكافحة
الأوليجارشية"! والمُلاحَظ أنَّ هؤلاء الأوليجارشية قد أصبحوا في ظل حُكم
بوتين أكثر ثراءً فحسب، وأصبح أولئك القادرون على بناء علاقاتٍ حميمة مع بوتين،
والذين نجحوا في أن يبيعوا له شركة "سيبنفط"، هم الأكثر غنىً من الجميع،
مع أخذنا في الإعتبار أيضاً أنَّ ثروة كبار المسؤولين والمقرَّبين منهم – أي
المالكون السِرِّيُّون للممتلكات ولشركات تجارة النفط والغاز السويسرية
والمستفيدون من عددٍ لا يُحصى من الأملاك البحرية ومن العلاقات مع بوتين وشركائه –
كل هؤلاء هم خارج نطاق قائمة "فوربس" ويبقَوْنَ محجوبين عن الأنظار.
هذه ليست دعوة لمقاتلة الميليارديرات،
فروسيا تحتاج إلى مليارديرات، وإنما هي علامة على أنَّ اقتصاد السوق قد أخذ شكلَهُ
وأنَّ الشركات الوطنية الكبيرة قد أُنشئت. ومع ذلك، فإنَّ تفاقم أعدادهم وثرواتهم
مقارنةً بالإثراء المتواضع في بقية البلاد هو علامة على أنَّ كل شيء ليس جيداً في
روسيا بوتين وأنَّ المعركة المعلَن عنها على نطاقٍ واسع ضد الأوليجارشية هي مجرَّد
شعار دعائي لتغطية دعم الحكومة لبعض الأوليجارشية.
ونعتقد أيضاً أنَّ مجموعةً متنوعة جداً
من السياسات الإقتصادية يمكن أن تخلق فرصاً أكبر بكثيرٍ لمزيدٍ من الروس ليصبحوا
أكثر غِنىً. فالمناخ المؤاتي للمنافسة التجارية المفتوحة والمجانية، والشروط
المعقولة لتنمية الأعمال التجارية وخاصةً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمحاكم
المستقلة، وضمانات حقوق الملكية، هي كلُّها أشياء من شأنها أن تساعد الشركات على
التطور بطريقة كبيرة، وكما هو مهم، أن تساعد الطبقة الوسطى على التطور. في حين أن
الكثير من الأصول في روسيا يتركَّز في أيدي شركاتٍ تجارية كبيرة، ولا تستطيع
مجموعةٌ واسعة من السكان أن تنطلق بسبب الحواجز الكبيرة أمام دخول الأسواق، وهذا
ليس سوى نتاجٍ للتحالف بين الإحتكارات والفساد الرسمي.
إنَّ الوصفات لحل هذه المشاكل موجودة،
بيد أنه لكي ننجح في ذلك يجب تفكيك النظام الإقتصادي الإحتكاري الجنائي الذي
تشكَّل في ظل حُكم بوتين.
الفصل التالي:
الفصل السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق