2017/01/31

كتاب "تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين" (10)/ كاسباروف في كتابه الجديد: روسيا بوتين تشبه تنظيمَي داعش والقاعدة.



ويحذِّر كاسباروف الغربَ في كتابه الجديد من أنَّ روسيا بوتين هي مثل تنظيمَي داعش والقاعدة، تعرِّف نفسها كقوى معارضة لدول العالم الحر في العالم، لذا هو يدعو إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات الدبلوماسية والإقتصادية ضد بوتين، ويدعو الأنظمة الديمقراطية في العالم بالتوقف عن التفاوض معه والإعتراف به، فقد قضى على جميع منافسيه داخل البلاد، لذا فإنَّ أي معارضة لبوتين من الخارج هي أمرٌ بالغ الأهمية.. ويشير كاسباروف إلى أنَّ بوتين أصبح أكثر قوة من أي وقتٍ مضى، والتهديد الذي يشكِّله نما من المحلية إلى الإقليمية إلى العالمية...


إنزل إلى أسفل لمتابعة القراءة




كتاب
تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين
تأليف: حسين احمد صبرا
(2015 – 2017)
(قمنا بتعريب تصريحات ومقالات كاسباروف عن الإنجليزية وصغناها بأسلوب صحافي)




الإهداء:
إلى غاري كاسباروف ومنه إلى سورية الحبيبة


تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين (10)

لاعب الشطرنج العالمي غاري كاسباروف في كتابه الجديد:
روسيا بوتين تشبه تنظيمَي داعش والقاعدة

 
غلاف كتاب كاسباروف "الشتاءُ مقبلٌ - لماذا يجب على فلاديمير بوتين وأعداء العالم الحر أن ينتهوا"


حسين احمد صبرا
في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 أصدر لاعب الشطرنج العالمي والمعارض الروسي البارز غاري كاسباروف كتابه الجديد بعنوان: "الشتاءُ مقبلٌ – لماذا على بوتين وأعداء العالم الحر أن ينتهوا"، باللغتين الإنكليزية والألمانية.
كاسباروف يوقِّع كتابه الجديد
في هذا الكتاب يشن كاسباروف هجوماً عنيفاً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من ناحية، كما يلقي اللوم بعنفٍ شديد على الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً من ناحيةٍ أخرى نظراً للتساهل في التعامل مع سياسات بوتين العدوانية داخل روسيا وخارجها، وقد استقى كاسباروف عنوانَ كتابه (الشتاء مقبل) من المسلسل التلفزيوني "لعبة العروش"، وهي عبارة تحث على اليقظة الدائمة، ويقول كاسباروف إنَّ كتابه هو "حول الأوقات المظلمة والخطيرة المقبلة، وليس فقط عن الطقس، ولديَّ الشعور نفسه حيال المناخ الجيو – سياسي الحالي لأنَّ بوتين هو فعلاً خطير"، لأنه يعمل على التهديد بتجميد الحضارة.. ويدل كاسباروف على أنَّ انهيار الإتحاد السوفياتي لم يكن نقطة نهاية، وإنما فقط تغييراً في الفصول كذوبان جليد الحرب الباردة وتحولها إلى ربيعٍ جديد. ولكن الآن وبعد سنواتٍ من التراخي وسوء الحكم، فإنَّ الشتاء مقبلٌ علينا مرةً أخرى.. لذا فإنَّ كاسباروف يحذِّر الغربَ من الهلاك الوشيك جراء "استسلامه الأخلاقي"، الذي شجبه كاسباروف في كتابه مراراً وتكراراً.
غلاف كتاب كاسباروف
بتألَّف الكتاب من 290 صفحة، نصفُهُ عبارة عن تاريخ روسيا منذ انهيار الإتحاد السوفياتي، ويُظهر كيفية الفشل في ترسيخ المؤسسات الديمقراطية وكيف أنَّ روسيا اتجهت من الديمقراطية نحو الدكتاتورية، وتحديداً تطور بوتين من خليفةٍ للرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين إلى عُرَّاب دولة المافيا، ويُظهره بأنه الرجل الأسوأ في العالم.. ثم يصف بوضوح الإستبداد المتنامي لنظام بوتين، الذي بلغ ذروته باغتيال زعيم المعارضة بوريس نيمتسوف في شباط/ فبراير 2015، وأنَّ بوتين عزَّز سلطته في الداخل وأصبح أكثر عدوانية في الخارج: في جورجيا، في أوكرانيا، والآن في سورية.. ويشير كاسباروف إلى أنَّ فلاديمير بوتين أصبح رئيساً لروسيا عام 1999 بعدما كان عقيداً في جهاز الإستخبارات السوفياتية السابق الـ"كي. جي. بي"، وأنَّ ذلك كان إشارةً قوية على أنَّ البلاد كانت متجهة بعيداً عن الديمقراطية، ولم تفعل الدول الغربية والولايات المتحدة شيئاً لمنع بوتين من أن يصبح دكتاتوراً بل واصلت استرضاءه فَنَمَا ليس فقط كدكتاتور بل وأصبح يشكل تهديداً دولياً، وأنَّ بوتين بموارده الهائلة وترسانته النووية أصبح مركزاً في جميع أنحاء العالم للإعتداء على الحرية السياسية والنظام العالمي الحديث، وبالتالي فإنَّ السماح بنشوء دكتاتورية في روسيا جعل الغرب يدفع ثمن السماح بذلك نظراً لما يشكِّله بوتين من خطرٍ وجودي بادٍ بوضوح.
بوتين شبيه هتلر
كاسباروف الذي كتب يقول: "حوَّلني بوتين إلى نبيٍّ دقيق وروسيٍّ خائب الآمال"، يقارن فلاديمير بوتين بهتلر الذي يمكن أن يُضْعِف الإتحاد الأوروبي، ويقول: "إذا ما كنا نريد معرفة ما كان عليه هتلر بين عامي 1936 و1937 فما علينا سوى قراءة الصحف. إنَّ الجميع اعتبر هتلر رجلاً شرعياً تماماً ولا يجب الإستهانة به. وأنا ليس لديَّ الرغبة في اكتشاف ما سيحدث إذا ما أصبح بوتين فجاةً نسخةً طبق الأصل من هتلر"، مذكِّراً بأنَّ لدى بوتين بالفعل "برنامجاً عدوانياً جداً"، وخاصةً "تدمير حقوق الإنسان في الدول المجاورة".
سورية بالنسبة لبوتين تمثل فرصة لتحدي حلف شمال الأطلسي
وحول الأزمة في سورية يرى كاسباروف بأنه من غير الضروري التفاوض مع بوتين، وأضاف: "إذا ما سألتموني عن ماهية الخيارات الأخرى المتاحة غير التفاوض مع بوتين، فهذا اعترافٌ فعلي بعجزكم التام". وأوضح كاسباروف بأنَّ سورية بالنسبة إلى بوتين ليست سوى فرصة لتحدِّي حلف شمال الأطلسي وإملاء شروطه الخاصة عليه". واعتبر كاسباروف أنَّ الهدف الرئيسَ لبوتين هو خلق أزمة في أوروبا والتي من شأنها إضعاف الإتحاد الأوروبي.
روسيا بوتين مثل داعش والقاعدة
ويحذِّر كاسباروف الغربَ من أنَّ روسيا بوتين هي مثل تنظيمَي داعش والقاعدة، تعرِّف نفسها كقوى معارضة لدول العالم الحر في العالم، لذا هو يدعو إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات الدبلوماسية والإقتصادية ضد بوتين، ويدعو الأنظمة الديمقراطية في العالم بالتوقف عن التفاوض معه والإعتراف به، فقد قضى على جميع منافسيه داخل البلاد، لذا فإنَّ أي معارضة لبوتين من الخارج هي أمرٌ بالغ الأهمية.. ويشير كاسباروف إلى أنَّ بوتين أصبح أكثر قوة من أي وقتٍ مضى، والتهديد الذي يشكِّله نما من المحلية إلى الإقليمية إلى العالمية.
كاسباروف: سياسة الغرب الخارجية غير أخلاقية
وكما أشرنا، فإنَّ الجزء الأهم من الكتاب هو في تركيز كاسباروف على غياب العنصر الأخلاقي للسياسة الخارجية للعالم الغربي، وقد اعتبر كاسباروف أنَّ ذلك "شجَّع الحكام المستبدين مثل بوتين والجماعات الإرهابية مثل داعش، على الإزدهار في جميع أنحاء العالم".. ويتمنَّى كاسباروف في مقدمة كتابه ألا يقول للغرب مستقبلاً "لقد قلتُ لكم ذلك"، أو أن يقول له الغرب "لقد كنتَ على حق"، وذلك بعد فوات الأوان.. ويعتبر كاسباروف أنَّ الولايات المتحدة الأميركية هي المسؤولة بطريقةٍ ما عمَّا آلت إليه روسيا وعما ينبغي أن تؤول إليه.. ويقول: "في نهاية المطاف فإنَّ بوتين هو مشكلة روسية بطبيعة الحال، ويجب على الروس أن يعملوا على كيفية إزالته". ثم يضيف: "بوتين ونظامه القمعي هما مسنودان بشكلٍ مباشر وغير مباشر من قبل العالم الحر".. ويشدِّد على أنَّ ما يجب على العالم الحر أن يفعله هو توحيد جميع الديمقراطيات في المعركة ضد الحكام المستبدين، وتسليح أوكرانيا، وتطوير أوروبا لبدائل عن الطاقة المستوردة من روسيا.. ويشير كاسباروف إلى أنه قدَّم على مدى السنين الماضية قائمةً طويلة من الطرق لمواجهة بوتين، ولكنه يأسف لأنَّ الغرب لم يأخذ بها، ويقول: "حتى الآن، وبعد أن ثَبُتَ أنَّ أسوأ مخاوفي كانت صحيحة والجميع يقول لي لقد كنتَ على حق، فإنَّه تمَّ الأخذ بالقليل فقط من توصياتي تلك".
باراك أوباما.. المذنب والضعيف
كاسباروف، الذي يعتبر نفسه أقرب إلى الجمهوريين من الديمقراطيين، يلقي اللوم تحديداً على الحزب الديمقراطي في عهد الرئيس أوباما، ويعتبره مذنباً ويحمله المسؤولية في الإسترضاء المزمن والضعف في ترك الأشرار مثل بوتين يبقون في السلطة.. ويحمِّل كاسباروف المسؤولية للغرب الذي تقاعس عن دعم الديمقراطية عند انهيار الإتحاد السوفياتي، وتعامل مع روسيا بتكبُّر، مما أدى بالتالي إلى تقويض الديمقراطية والمساهمة في صعود البوتينية.. ويرى كاسباروف أنه بعد سقوط جدار برلين فإنَّ روسيا تحوَّلت بخطىً ثابتة نحو الحكم الإستبدادي لأحد موظفي جهاز الإستخبارات السوفياتية السابق الـ"كي. جي. بي" وهو فلاديمير بوتين، بمساعدة وتحريض من قبل الغرب الضعيف والعاجز.
ويقول كاسباروف في كتابه إنَّ الغرب ارتكب خطأً مأسوياً عندما استرضى بوتين على أوكرانيا، وكان ينبغي بدلاً من ذلك عزله وفرض عقوباتٍ صارمة على كل المقرَّبين من الكرملين، وبيع أوكرانيا الأسلحة الدفاعية.. كما وجَّه كاسباروف دعوةً إلى الغرب لإتِّباع سياسة خارجية أكثر حزماً وأخلاقيةً، الأمر الذي تلاشى في السياسة الخارجية السائدة هذه الأيام، وفي رأيه أنَّ السياسة الخارجية الأكثر أخلاقيةً هي الأكثر فاعلية لأنها تعزِّز الأمن الدولي من خلال الإصرار على احترام القانون.. ويضيف كاسباروف بأنَّ الغرب سبق له وأن شكَّل منارةً للسلطة الأخلاقية أثناء الحرب الباردة وإلهاماً للشعوب المضطهَدة والمعارضين المسجونين في جميع أنحاء العالم. وأثنى على وجه الخصوص على الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان بفضل وضوح رسالته الأخلاقية في استنكار "إمبراطورية الشر" التي كان عليها الإتحاد السوفياتي.. ويشير كاسباروف إلى أنَّ الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون بدَّد الفرصة في المضي قدماً في جدول الأعمال الدولي لحقوق الإنسان والذي كان قد أُقِرَّ عام 1990، وذهب الغربُ في عطلةٍ من التاريخ، والغرب اليوم هو "جاهلُ وقاسٍ وغير مبالٍ" في فرض نفوذه وقيمه.. ويضيف بأنَّ واحداً من أهم جوانب أي سياسة خارجية أخلاقية هي الثبات على مبدأ، وأنَّ على القادة الغربيين التحدث عن قضايا حقوق الإنسان في الأوقات الجيدة وفي الأوقات السيئة، أما خلاف ذلك فهو مجرَّد قصاصة "على طاولة الألعاب الجيوسياسية".
الشهيد بوريس نيمتسوف
ما لفتنا أنَّ كاسباروف أهدى كتابه الجديد إلى الشهيد بوريس نيمتسوف، زعيم المعارضة الروسية والذي اغتاله بوتين في 27 شباط/ فبراير 2015 على مقربة من أسوار الكرملين، وهو الذي يعتبره كاسباروف واحداً من أعز أصدقائه، وكان قد أسَّس معه حركة المعارضة خارج البرلمان "سوليدارناست" (التضامن) في كانون الأول/ ديسمبر 2008، وفي حين بقي نيمتسوف في روسيا مواصلاً قتاله ليلقى حتفه، فإنَّ كاسباروف آثر الذهاب إلى المنفى الإختياري منذ العام 2012 ليواصل قتاله من الغرب بعيداً عن بطش بوتين.
أندريه ساخاروف
ويُعيد كاسباروف إلى الأذهان ما فعله المعارضان السوفياتيان الكبيران أندريه ساخاروف وناتان شارنسكي، اللذان حثَّا الغرب على الضغط على الإتحاد السوفياتي من أجل دعم قوانينه والتزاماته في مجال حقوق الإنسان التي تمَّ الإتفاق عليها في إتفاقات هلسنكي عام 1975، ويقتبس كاسباروف من ساخاروف عبارته: "الدولة التي لا تحترم حقوق شعبها لا تحترم حقوق جيرانها"، ويعقِّب كاسباروف على ذلك بالقول إنَّ روسيا بوتين هي خير مثالٍ على هذه الحقيقة في تعاملها مع أوكرانيا.
ويوجِّه كاسباروف كتابه الجديد إلى الجمهور الأميركي تحديداً، وقد تعمَّد إصداره الآن ليتزامن مع الإنتخابات الرئاسية الأميركية التمهيدية، ويقول: "لقد كان عليَّ أن آخذ الإنتخابات الأميركية بعين الإعتبار عندما تعلَّق الأمر بالنشر. آمل أنَّ السياسة الروسية سوف تلعب دوراً كبيراً في الإنتخابات، وآمل أيضاً أن تلقى حججي آذاناً صاغية".. ويرى كاسباروف أنَّه بعد الإعتماد بالكامل على رونالد ريغان في إنهاء الحرب البارة وسقوط "إمبراطورية الشر"، فإنَّ "المشاكل الصغرى تُركت لرجالٍ أقل مستوىً"، في إشارة إلى الرؤساء الذين أعقبوا ريغان، ويضيف كاسباروف القول بأن لا مجال لديه بالشك في أنَّ "العالم سيكون أكثر أمناً وديمقراطية إذا ما تمَّ اليوم انتخاب جون ماكين" رئيساً للولايات المتحدة، أو على الأقل ميت رومني، الذي أطلق على روسيا تسمية "العدو الجيو سياسي رقم واحد". أما باراك أوباما فهو على النقيض من ذلك، وقد وجَّه له كاسباروف انتقاداتٍ عنيفة بشكلٍ متكرِّر، وقال عنه إنه "متردِّد في مواجهة أعداء الديمقراطية من أجل الدفاع عن القيم التي يسمسر بها بجدارة". ووصف كاسباروف أوباما بأنه "منشغل في التراجع عن كل الجبهات". وأضاف: "أن تفعل الشيء الصحيح في معالجة أسباب الخطأ خيرٌ من أن لا تفعل شيئاً على الإطلاق".

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 30 أيار/ مايو 2016، العدد رقم 1751).

الحديث التالي:
الحديث السابق:







 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق