كان جزاء مموِّل الثورة الإيرانية
المحامي الدكتور مهدي الخاقاني أن أصدر الخميني بحقه حكماً بالإعدام بتهمة التخطيط
لفصل الأحواز عن إيران وضمِّها إلى العراق.. المفارقة الهزلية أنَّ إحدى التهم
التي سيقت ضد الدكتور مهدي تمثلت بقيامه بالتحدُّث باللغة العربية في مرافعاته
أمام المحاكم القضائية الإيرانية زَمَنَ الشاه محمد رضا بهلوي وهذا ما يُعتبر
انتهاكاً للقوانين الإيرانية التي كانت سائدة آنذاك!!
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (24)
آية الله العظمى الإمام محمد مهدي شمس الدين توسَّط
لدى الخميني كي لا يقوم بإعدام مموِّل الثورة الإيرانية
بعد اتِّهامه بالتحدُّث باللغة العربية في المحاكم
الإيرانية أيام الشاه!
حسين احمد صبرا
إذاً، الزعيم الروحي لعرب الأحواز آية
الله العظمى الإمام محمد طاهر الخاقاني هو الذي أفتى بتحريم العمل في المنشآت
النفطية والمؤسسات الإيرانية مع بدايات اندلاع ثورة الشعوب الإيرانية ضد الشاه عام
1977، وقد امتثل لفتواه كلُّ العرب الأحوازيين وكثيرٌ من الإيرانيين.. وبطلبٍ منه
قام شقيقه المحامي الدكتور مهدي الخاقاني بجمع التبرعات لتمويل الثورة الإيرانية
ولدفع معاشات للعمال والموظفين الذين استجابوا لفتوى الإمام الخاقاني بالإضراب،
وكانت كلُّها أموالٌ عربية مائة بالمائة ومن بينها أموال من صدام حسين وياسر
عرفات.. وهكذا كان هذان الرجلان العربيان الأحوازيان، الإمام الخاقاني وشقيقه
الدكتور مهدي، صاحبا الفضل الأول في انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 حينما حرما
شاه إيران من مصدر التمويل الرئيس (المنشآت النفطية) وجعلا نظامه يتهاوى بسرعة ولا
يقدر على الصمود ويعجز عن إخماد الثورة..
جاء الخميني واعتلى عرش الشاهنشاهية
بالإحتيال، وكان أول ما اصطدم مع هذين الشقيقين بسبب رفضه تنفيذ وعده بمنح عرب
الأحواز الحكم الذاتي، وهو الوعد الذي كان قد قطعه أمامهم حينما كان ما يزال
لاجئاً في العراق عام 1977 إذا ما وقفوا مع الثورة ودعموه في الوصول إلى السلطة..
كان جزاء الأوَّل (الإمام الخاقاني) أن
قام الخميني باعتقاله مكبَّل اليدين بعد مجزرة المحمَّرة في أواخر أيار/ مايو 1979
ووضعه في الإقامة الجبرية في قم إلى أن وافته المنيّة عام 1986..
وكان جزاء الثاني (المحامي الدكتور
مهدي الخاقاني) أن أصدر الخميني بحقه حكماً بالإعدام بتهمة التخطيط لفصل الأحواز
عن إيران وضمِّها إلى العراق..
اللافت أنَّ خلافاً حصل حول حكم
الإعدام بين القضاة أنفسهم ممن تولوا محاكمة مهدي الخاقاني، مع الإشارة إلى أنَّ
كل القضاة الذين سجلوا اعتراضهم تعرَّضوا للإغتيال، وقد نجا أحدهم (القاضي صفوي)
من عبوة ناسفة وُضعت أسفل سيارته لكنه أُصيب وأمضى حياته مُقْعَداً.. واللافت
أيضاً أنَّ أحد القضاة سأله قائلاً: كيف تجرؤ على المس بسيادة إيران وأنت عراقي؟!
فأجابه الدكتور مهدي: وهل أن يكون الإنسان عراقياً تهمة؟!
المفارقة الهزلية أنَّ إحدى التهم التي
سيقت ضد الدكتور مهدي تمثلت بقيامه بالتحدُّث باللغة العربية في مرافعاته أمام
المحاكم القضائية الإيرانية زَمَنَ الشاه محمد رضا بهلوي وهذا ما يُعتبر انتهاكاً
للقوانين الإيرانية التي كانت سائدة آنذاك!!
مع صدور الحكم بإعدام الدكتور مهدي
الخاقاني قامت القيامة ولم تقعد.. فالإمام الخاقاني أرسل من منفاه في قم إلى
الخميني مطالباً إياه بأن يتولى هو شخصياً (أي الإمام الخاقاني) محاكمة شقيقه كونه
(أي الإمام) عالماً مجتهداً.. كما تدخَّل لدى الخميني للعدول عن قرار الإعدام كلٌّ
من المرجع الشيعي العراقي أبو القاسم الخوئي ومحمد باقر الصدر وآية الله العظمى
الإمام الشيعي اللبناني محمد مهدي شمس الدين، بالإضافة إلى مراجع دينية شيعية
وسنّية من السعودية والبحرين والأزهر، وأيضاً زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر
عرفات والعديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية...
هنا راح الخميني يساوم الدكتور مهدي
الخاقاني ويفرش الطريق أمامه بالورود بأن وعدَهُ بالترشح لرئاسة الجمهورية في
إيران شرط أن يعلن موقفاً معادياً لموقف شقيقه الإمام الخاقاني ورافضاً لمطالب عرب
الإحواز بالحكم الذاتي ومجيزاً لإعلان الحرب على العراق.. وأمام الرفض المطلق
لوعود الخميني الزائفة لم يجد الخميني أمامه سوى تلفيق أيِّ تهمة للدكتور مهدي
الخاقاني تُدخله إلى السجن.. والمفارقة الهزلية أنَّ التهمة التي أمر الخميني
بالإعتماد عليها لإدانة الدكتور مهدي الخاقاني هو أنَّ الأخير كان يتحدَّث باللغة
العربية في مرافعاته القانونية أمام المحاكم القضائية في زمن الشاه محمد رضا
بهلوي! وبناءً على ذلك صدر حكمٌ بسجن العربي الشيعي الأحوازي الدكتور مهدي
الخاقاني، مموِّل الثورة الإيرانية وواحد ممن ساهموا بإيصال الخميني إلى السلطة،
وقد بقي مسجوناً لمدة عشر سنوات، خرج بعدها وقد نخرت الأمراض عظامه وتمَّ منعه من
مغادرة إيران وفُرض عليه السكن في طهران وعدم مغادرتها إلى أي مكانٍ آخر في إيران
مع مراجعة مركز الأمن كلَّ أسبوع وأَخْذِ تصريحٍ مسبَق كلما أراد التنقُّل داخل
طهران نفسها.. وحينما توفي الدكتور مهدي الخاقاني في 13 كانون الثاني/ يناير 2007
مُنع تشييع جثمانه في طهران ورُفض طلبُ عائلتِه بدفنه في النجف في العراق، فتمَّ
دفنه في المحمَّرة في الأحواز.
وبما أنَّ آية الله العظمى الإمام
الراحل محمد مهدي شمس الدين قد تدخَّل لدى الخميني لثنيه عن تنفيذ حكم الإعدام بحق
الدكتور مهدي الخاقاني، فإننا ننتهزها فرصةً لنطالب إبنَ الإمام الكبير الراحل شمس
الدين الوزيرَ اللبناني السابق الشيخ إبراهيم شمس الدين بالكشف عن تفاصيل هذه
الحادثة وبالتصريح بما لديه من معلومات في هذا الشأن.
أما في الحديث المقبل فسنتحرَّى عن
موقف ما يسمَّون في إيران الآن بالإصلاحيين في ما يتعلَّق بحقوق عرب الأحواز وما
إذا كانوا يؤيدونها فعلاً أم أنَّ الفرس كلَّهم مجوس عنصريون وعلى شاكلة بعضهم
البعض!
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 16 كانون الثاني/ يناير 2012، العدد رقم 1526).
الحديث التالي:
- بازركان اعتبر الحكم الذاتي لعرب الأحواز انفصالاً يهدد وحدة إيران.. وبني صدر اعتبره "تفكيكاً للأمة"!
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق