إليكم أبرز ما نجده من ميزاتٍ تنفرد بها اللهجة المصرية
دون غيرها من اللهجات العربية: 1-لا يلتقي فيها ساكنان. 2-لا يبدأ الكلام بحرفٍ
ساكن.. هاتان الميزتان (الأمر الذي سنفصِّل فيه) هما اللتان تجعلان من اللهجة
المصرية لغةً عربية فصحى ولكن بكلامٍ عامي، سواء أكان هذا الكلام عامياً من ناحية
ما طرأ عليه من تغيـير في تركيبة الأحرف أو في اللفظ، أو من ناحية عدم الإلـتزام
بالنحو والصرف..
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
دراسة في اللغة
والموسيقى
لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة (1
من 4)
اللهجة
المصرية
هي
الأقرب إلى الفصحى العربية
حسين احمد صبرا
كثيراً ما تساءلنا عن كُنْهِ هذا "اللغز" الذي
يجعل من اللهجة العامية المصرية لهجةً موسيقية وسلسة ومحبوبة، تجري على ألسنة
العرب غـير المصريين بطلاقة قلَّ نظيرها، تتيح لهم التعبـير بأوضح وأجلى الصور
وأكثرها فصاحةً وبلاغة، ما يجعلها لهجةَ السهل الممتنع.
بدايةً، يخطىء مَنْ يظن أنَّ انتشار نتاج النهضة الفنية
المصرية من أفلام ومسرحيات وأغانٍ ومسلسلات إذاعية، وأخيراً مسلسلات تلفزيونية،
وذلك على امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج لما يقرب من قرن، هو الذي جعل
العامية المصرية محبوبة وقريبة ومستساغة، إلى ما هنالك.. والصحيح أنَّ هذه النهضة
الفنية إنما اقتصرت مساهمتها على انتشار العامية المصرية في الشارع العربي، كما
كان لها نصيب في المساهمة في جعلها مفهومة ومألوفة.. لكنْ كونُها لهجة منتشرة فهذا
شيء، أما كونُها لهجة محبَّبة وموسيقية وسهلة ونألفُها بسرعة فهذا شيءٌ آخر مختلفٌ
تماماً، وهو ما نريد أن نبحث فيه ونلقي الضوء عليه لنكتشف سرَّه.
إليكم أبرز ما نجده من ميزاتٍ تنفرد بها اللهجة المصرية
دون غيرها من اللهجات العربية:
1-لا يلتقي فيها ساكنان.
2-لا يبدأ الكلام بحرفٍ ساكن.
هاتان الميزتان (الأمر الذي سنفصِّل فيه) هما اللتان
تجعلان من اللهجة المصرية لغةً عربية فصحى ولكن بكلامٍ عامي، سواء أكان هذا الكلام
عامياً من ناحية ما طرأ عليه من تغيـير في تركيبة الأحرف أو في اللفظ، أو من ناحية
عدم الإلـتزام بالنحو والصرف.. وهذا كلامٌ يختلف عما قاله –على سبيل المثال- شاعرُنا
الراحل نزار قباني في أواسط الثمانينيات حينما قال إنَّ العامية المصرية هي
"فصحى العرب المعاصرة"، حيث من الواضح أنه يقصد بذلك أنَّ العامية
المصرية أصبحت اليوم بمثابة اللغة العربية الفصحى وذلك لمقدرة جميع العرب على
فهمها، إضافةً طبعاً إلى ما لها من حضورٍ طاغٍ ووزنٍ ثقافي، وما لها من قدرة على
التأثير في الشارع العربي إنْ من الناحية الثقافية (شعر، أفلام، مسلسلات إذاعية
وتلفزيونية، مسرحيات، أغانٍ) أو حتى من الناحية السياسية (لا سيما في خطابات عبد
الناصر، أو حـتى في بعض الإنتاج الأدبي أو الفـني منذ نحو نصف قرن).. بينما لا نجد
عربياً قادراً على فهم العامية الجزائرية في أصعب الحالات، أو على التفاعل ثقافياً
(ناهيك عن التفاعل السياسي) مع العامية اللبنانية في أهون الحالات!
كما يختلف كلامنا عما قاله المستشرق ولفنسون في معرض
حديثه المقتضَب عن العامية المصرية في كتابه "تاريخ اللغات السامية" من
أنَّ "اللغة العامية المصرية حافظت على اللسان العربي الفصيح أكـثر من
أخواتها في بلاد العراق والشام والمغرب حيث كَثُرَتْ العناصر الأعجمية"، إذ
قصد بذلك الإشارة إلى أنَّ الغالبية الساحقة من مفردات وأفعال العامية المصرية ذات
أصل عربي فصيح.
فما نريد قوله هو شيءٌ آخر يتعلَّق بالبنيان الوزني الذي
يجعل للعامية المصرية هذا السحر والتأثير اللذين تمتاز بهما العربية الفصحى، وهو
اللبُّ الأساس في بحثنا هذا.
والميزتان اللتان أشرنا إليهما تُوْصِلانا في النهاية
إلى أنَّ اللهجة المصرية (وبالسليقة الموروثة من زمن التحدُّث باللغة الفصحى) هي
لهجة تفعيلة شعرية.. هذه التفعيلة الشعرية هي نفسها تفعيلة لغتنا الفصحى، تلك التي
تعطي لغةَ الضاد الوزنَ الموسيقيَّ الذي يميِّزها عن باقي لغات العالم..
وبإمكاننا، كما سنرى لاحقاً، تكوينُ جُمَلٍ من كل ما قد يتحدَّث به عامة المصريين
في حياتهم اليومية قائمةٍ على أوزان بحور الشعر العربي الستة عشر أو على شطورٍ
منها أو حتى على تفعيلاتٍ متفرقة، وهو الأمر الذي لا يتوافر للهجات العامية
العربية الأخرى.. كما سنرى أنَّ معظم نتاج الشعر الغنائي العامي في الأغاني المصرية
قائمٌ على أوزان البحور الشعرية العربية المختلفة.
عدم إلتقاء الساكنَين
إنَّ عدمَ إلتقاء الساكنَين يشكِّل واحدةً من السمات
العديدة التي تمتاز بها لغة الضاد عن كل اللغات في العالم، وهي سمةٌ تَرِثُها منها
اللهجة المصرية دوناً عن باقي أخواتها من اللهجات العامية العربية.. فالمصري يقول
مثلاً: "مصنعْ كِبـير"، فلا يدع الساكنَين يلتقيان في حرفَي العين
والكاف.. بينما اللبناني يقول: "مصنعْ كْبـير"، فيلتقي الساكنان في هذين
الحرفين، مما يجعل الكلام يخرج متثاقلاً، ما يُنفر السامع والمتكلِّم معاً ويطيح
بالوزن الموسيقي الذي يميِّز التفعيلة العربية.
أيضاً لا يلتقي الساكنان في الكلمة الواحدة نفسها، فيقول
المصري: "مُشْكِلة"، أو في صيغة الأمر : "بَهْدِلُوه".. بينما
اللبناني يقول: "مِشْكْلِة" و"بَهْدْلُوه"، إلى آخره...
فيلتقي الساكنان في حرفَي الشين والكاف في الكلمة الأولى، وفي حرفَي الهاء والدال
في الكلمة الثانية.. ولكم أنْ تلمَسوا مدى صعوبة النطق ومجاجته! (في اللغة
الروسية، على سبيل المثال، قد تلتقي ثلاثة أحرف ساكنة في كلمة واحدة! منها مثلاً
كلمة "دَيْسْتْفِيا" وتعـني "الحركة"، فنجد أنَّ الأحرف
الثلاثة المتتالية: الياء والسين والتاء هي أحرف ساكنة!! وعدد كبير من مفردات
اللغتين الفرنسية والإنجليزية يبدأ بحرفَين ساكنَين، لا بل أنَّ كلمة "strong" مثلاً في الإنجليزية تبدأ بحرفَين ساكنَين وتنتهي بحرفَين ساكنَين ولا
يتحرَّك فيها سوى حرف واحد هو حرف "r" حيث
أنَّ حرف "o" هو حرف عِلَّة ولا يُلفَظ هنا..
فيا لها من لغات!)..
ويبقى أنْ نشير إلى عدة أمور:
أولاً، أنَّ الساكنَين يلتقيان في اللهجة المصرية (كما
في اللغة العربية الفصحى) في حالةٍ واحدة لا غير، وذلك عندما ينتهي الحديث بكلمةٍ
حرفُها ما قبلَ الأخيرِ ساكنٌ، كأنْ نقول: "بُرْجْ" أو "سِهِرْتْ"،
ونَسْكُت.. في حين يعود فلا يلتقي الساكنان حينما نضيف إلى هذه الكلمة أو تلك
كلمةً أخرى، كأنْ نقول: "بُرْجِ القاهرة" أو "سِهِرْتِ طول
الليل".. والأمر نفسه نجده في اللغة العربية عند الحديث أو القراءة، وكمثال
واضح على ذلك ما تنتهـي به بعضُ آيات القرآن الكريم من كلماتٍ مؤلفة من ثلاثة
أحرف، الحرف الثاني فيها ساكنٌ (وعددها على كلِّ حالٍ قليل، سيَّما في السُوَر
القصيرة)، وعند تلاوة الآيات لا بدَّ من تسكين الحرف الأخير من الكلمة التي تنتهي
بها الآية في حال الوقف، ومنها مثلاً سورة القَدْر: *إنَّا أَنْزَلناهُ في ليلةِ
القَدْرْ *وما أَدراكَ ما ليلةُ القَدْرْ *ليلةُ القَدْرِ خيرٌ من ألفِ شَهْرْ
(إلى آخر السورة)، فإنَّ الكلمة الأخـيرة من كلِّ آيةٍ يتمُّ فيها تسكين الحرف
الأخـير فيها لزوم التَوَقُّفِ عن التلاوة لمدة زمنية معيَّنة، فنقرأ هكذا:
"القَدْرْ" و"شَهْرْ"، إلى آخره...
ثانياً، أنَّ أحرفَ الأَلِف والواو والياء (كما الأَلِف
في "زعلان" والواو في "جفون" والياء في "رحيم") هي
عبارة عن أحرفِ مَدٍّ.. فالأَلِفُ تَمُدُّ فتحةَ اللامِ في "زعلان"،
والواو تَمُدُّ ضَمَّةَ الفاء في "جفون"، والياء تَمُدُّ كَسْرةَ الحاء
في "رحيم"، أي أنها أحرفٌ صامتة، وهي حتماً ساكنة، لذا لا يجب أنْ يختلط
علينا الأمر في إلتقاء الساكنَين في تلك الكلمات التي تتضمَّن أحرفَ مَدٍّ عندما
يلفظها المصري في ختام جملته التي يقف عندها، كأنْ يقول: "سِحْرِ
الجُفُوْنْ" أو "إِنْتَ زَعْلَاْنْ" أو "رَبِّنا رِحِيْمْ"،
ويَسْكُت.. فشأنُهُ في ذلك شأنُ التكلُّم بالفصحى أو قراءتها عندما تكون مثل تلك
الكلمات في آخر الجملة حيث نقف عندها.. وخير دليل على ذلك أنَّ الجزء الأكبر من
آيات القرآن الكريم تنتـهي بكلماتٍ فيها أحرفُ المَدِّ المشار إليها (الأَلِف
والواو والياء)، ومنها مثلاً: "فَبِاَيِّ آلآءِ رَبِّكُما
تُكَذِّباْنْ"، "إِنَّ في ذلك لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُوْنْ"،
"الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِيْنْ".. وعلى العموم فإنَّ ذلك جائزٌ
في الشِعر أيضاً ويُسمَّى في عِلم العَرُوض بالوَقْف، حيث يجوز تسكين الحرف
المتحرِّك السابع من تفعيلة العَرُوض (أي آخر تفعيلة من الشطر الأوَّل من البيت
الشِعري) وتفعيلة الضَرْب (أي آخر تفعيلة من الشطر الثاني، أي القافية)، فتتحوَّل
"مَفْعُوْلَاْتُ" –مثلاً- إلى "مَفْعُوْلَاْتْ" (كأنْ نقول
"مَنْشُوْرَاْتْ").. كما يُسمَّى بالتَسْبِيْغ إذا ما زدنا حرفاً ساكناً
على السَّبَب الخفيف الموجود في آخر تفعيلةِ العَرُوض أو الضَرْب، فتتحوَّل
"فاعِلاتُنْ" –مثلاً- إلى فاعِلاتَاْنْ (كأنْ نقول: مُسْتَطِيْلَاْنْ).
ثالثاً، وعطفاً على ما سبق قبل قليل، فإنَّ المصريين
يقومون باختزال أحرف المَدّ (الأَلِف والواو والياء) إذا ما تمَّ إضافة كلمة أخرى
إلى الكلمة الوارد فيها أحدُ هذه الأحرف، وذلك حفاظاً على الوزن الموسيقي التفعيلي
العربي، وبالسليقة.. وإليكم مثلاً كلمة "خِصَاْمْ"، فإنَّها حينما تُضاف
إليها كلمةٌ أخرى يَتِمُّ اخـتزالُ حرفَ الأَلِف منها، فتُلْفَظ "خِصَمّْ"
(مع تخفيف الشَدَّة على الميم) على وزن "خِضَمّ" أو "مِشَدّ"،
فيقول المصريون: "خِصَمّْ حبيبي" (ولا يقولون "خِصَاْمْ حبيبي")،
وبالتالي فهم يقولون: "إِنْتَ زَعْلَنّْ ليه" و"سِحْرِ الجُفُنّْ
دَوِّبْني" و"رَبِّنا رِحِمّْ يا جَدَعْ"... وقس على ذلك كل الكلمات
التي تحتوي على أحرف المَدّ، تلك الـتي تضاف إليها كلماتٌ أخرى.. أفلا تلاحظون
مثلاً أنَّ إسم الموسيقار بَلِيْغْ حمدي يُلفظ باللهجة المصرية "بَلِغّْ
حمدي" منعاً لإلتقاء الساكنَين، ما يُحافظ على موسيقى الكلام وأصول الوزن؟!
كما يلفظ المصريون بالسليقة الأحرف المتشابهة المتتالية
إذا ما كان لفظُها ثقيلاً على اللسان، مثل فعل الأمر "أُقْعُدْ"، حيث
يُلفظ أحياناً "أُاْعُدْ"، ولكنَّ الأَلِف الثانية غالباً ما تُدْمَج
بالعين، فيقول المصري: "أُعُّدْ".
الكلام لا يبدأ بحرفٍ ساكن
لن تجدَ كلمةً واحدة في اللهجة المصرية تبدأ بحرفٍ ساكن
لا سيَّما إذا ما بُدِىءَ بها الكلام، على عكس باقي اللهجات العامية العربية..
فيقول المصري: كِبير –كِتير –بِعيد –حُصان –تُراب –مِسافر –مِجاهد –مِكشَّر... إلى
آخره. وفي الأفعال يقول: مِشِيْتْ –شِرِبْتْ –طِلِعْتْ –نِزِلْتْ... إلى آخره.
بينما تُقال هذه المفردات والأفعال باللهجة اللبنانية
-على سبيل المثال- مع تَسْكِين الحرف الأوَّل منها: كْبـير –بْعيد –حْصان –تْراب –مْسافر
–مْجاهد –مْشِيْتْ –شْرِبْتْ –طْلُعْتْ –نْزِلْتْ...
أما في اللهجات المغاربية فيتم تسكين الحرف الأوَّل من
أغلب المفردات، سواء بُدِءَ الكلامُ بها أم جاءت في سياقه، وخاصةً الأفعال منها لا
سيَّما الفعل الماضي بصيغة الغائب، مع ما يصاحب ذلك من تشديد الحرف الأخير من
الكلمة مع تسكينه، كما سنرى من خلال الأمثلة التالية، فيُقال على وزن
"فَعَلَ": فْعَلّْ –سْرَقّْ –عْمَلّْ –صْرَخّْ –كْفَرّْ –كْتَبّْ –نْهَبْ...
وكمثال على باقي المفردات نورد الأمثلة التالية: طْبيعي –صْديقي –قْريبي –سْريع –عْظيم
–حْمَرّْ (أحمر) –صْفَرّْ (أصفر) -خْضَرّْ
(أخضر)... إلى آخره.
وهذا ما يجعل من اللهجات المغاربية بعيدة عن موسيقى
اللغة العربية الفصحى ولها موسيقاها الخاصة الـتي تتَّصف بالدفع والتشديد
المتقطِّعَين، ربما تأثُّراً بأسلوب النطق عند المستعمر الفرنسي.
إدْوَرْ شِفَرْنَدْزَهْ..
على وزن فَعْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ
إنطلاقاً من قاعدَتَي عدم إلتقاء الساكنَين وعدم بدء
الكلام بحرفٍ ساكن في اللهجة المصرية، فإنَّ المصريين يُطَوِّعون المفردات
والأسماء الأجنبية على طول الخط لتنسجم مع هاتين القاعدتين اللتين تتمـيَّز بهما
اللغة العربية الفصحى، فلا يَدَعون تَلَفُّظَهم بها يَخِلُّ بالأوزان العربية التي
اعتادوا على التحدُّث بالعامية وفقاً لقواعدها الموسيقية.. وكمثال على ذلك كلمةُ
"كَاْتُّوْ" الـتي يلتقي فيها الساكنان في الأَلِف والتاء، فيلفظها
المصريون على هذا النحو: "جَتُوْ"، على وزن "فَعُوْ"، كأنْ
نقول بالفصحى: صِبا –رُبَى –هُدَى.. بينما يلفظها اللبنانيون بوزنها الأجنـبي
المكسور فيقولون: "كاْتُّو"، ويتَّضح من خلال كتابتها العَرُوضِيَّة
(كَاْتْ- تُوْ) إلتقاءُ الساكنَين فيها.
وكلمة "فاْلْصُوْ" يلفظها المصريون
"فَلْصُوْ" على وزن "فَعْلُنْ"، مثل: يَبْدُوْ –يَعْلُوْ –يَصْبُوْ..
و"دُوْنْجْوَاْنْ" يلفظونها "دُنْجُوَاْنْ" على وزن
"فَاْعِلَاْنْ"، مثل: شاهِدَاْنْ –مَنْزِلَاْنْ –مُشْرِقَاْتْ...
ولعلَّ خـيرَ مثال على ذلك هو أسماء العَلَم
الأجنبية الـتي تتَّصف بالجلافة والفجاجة وصعوبة النطق بها، ومنها مثلاً:
إِدْوَاْرْدْ شِيْفَاْرْدْنَاْدْزَهْ (وزير خارجية الإتحاد السوفياتي سابقاً)، حيث
تلتقي في الجزء الأوَّل ثلاثةُ أحرفٍ ساكنة هي: الأَلِف والراء والدال، وفي الجزء
الثاني تلتقي ثلاثةُ أحرفٍ ساكنة هي أيضاً: الأَلِف والراء والدال، ثمَّ يلتقي
حرفان ساكنان هما الأَلِف والدال!! فيلفظها المصريون وفق موسيقى الفصحى، فتغدو سلسةً
وذاتَ رنَّةٍ موسيقية عربية، فيقولون: إِدْوَرْ شِفَرْنَدْزَهْ، فتغدو على وزن:
فَعْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ.
وعلى النسق نفسه إسمُ "بِيْلْ كْلِيْنْتُوْنْ"
(الرئيس الأميركي الأسبق)، حيث تلتقي ثلاثةُ أحرفٍ ساكنة هي الياء واللام والكاف،
ثم حرفان ساكنان هما الياء والنون، بعدها حرفان ساكنان هما الواو والنون.. فيقوم
المصريون بلفظه على هذا النحو: "بِلْ كِلِنْتُنْ"، فيغدو على وزن
"فَاْعِلَاْتُنْ".. وإسم "رِيْتْشَاْرْدْ نِيْكْسُوْنْ"
(الرئيس الأميركي الأسبق)، حيث يلتقي حرفان ساكنان هما الياء والتاء، ثم ثلاثةُ
أحرفٍ ساكنة هي الأَلِف والراء والدال، ثم حرفا الياء والكاف، وأخـيراً حرفا الواو
والنون، فيلفظه المصريون: "رِتْشَرْدِ نِكْسُنْ"، على وزن
"مُسْتَفْعِلَاْتُنْ".
ولاحظوا مثلاً كيف يلفظ المصريون إسمَ الفنان جورج
سيدهم، حيث أنَّ الإسمَ الأوَّل أجنـبيٌّ، أما الثاني فهو محرَّفٌ لفظاً، فأصلُهُ
"سَيِّدْهُم"، فيلفظونه: "جُرْجِ سِدْهُمْ"، وأحياناً
"جُرْجِ سَيِّدْهُمْ".. وإسمُ "كْلِيُوْبَاْتْرَاْ" يبدأ
بحرفٍ ساكن، كما يلتقي فيه الساكنان في الأَلِف والتاء، فيلفظه المصريون على هذا
النحو مع تحريك الحرفِ الأوَّل منه: "كِلُبَتْرَاْ"، فيغدو على وزن
"فَعِلَاْتُنْ".
وحتى المفردات الأجنبية، الـتي لا يلتقي فيها ساكنان في
وسطها، يقومُ المصريون باختزالِ أحرفِ المَدِّ فيها ليُضْفُوا عليها رَنَّةً
موسيقيةً مميَّزة، ومنها مثلاً مفردات من قبيل: صابون –صالون –بوتيك... فيلفظها
المصريون على هذا النحو: صَبُوْنْ –صَلُوْنْ –بُتِيْكْ... وهكذا.
إقرأ تتمة هذه الدراسة وفق الترتيب التالي:
(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية
في 18 حزيران/ يونيو 2007، العدد رقم 1293).
***************************************************************
***************************************************************
***************************************************************
***************************************************************
*****************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على
موقعها الإلكتروني التالي:
إليكم أبرز ما نجده من ميزاتٍ تنفرد بها اللهجة المصرية
دون غيرها من اللهجات العربية: 1-لا يلتقي فيها ساكنان. 2-لا يبدأ الكلام بحرفٍ
ساكن.. هاتان الميزتان (الأمر الذي سنفصِّل فيه) هما اللتان تجعلان من اللهجة
المصرية لغةً عربية فصحى ولكن بكلامٍ عامي، سواء أكان هذا الكلام عامياً من ناحية
ما طرأ عليه من تغيـير في تركيبة الأحرف أو في اللفظ، أو من ناحية عدم الإلـتزام
بالنحو والصرف..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق