الصفحة الرئيسة

2012/09/21

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي (5) - السياحة العلاجية.. آه وحياة خالتي!


 
في خريف عام 2011 صرَّح الناطق الرسمي لحزب النور السلفي نادر بكار أثناء المعركة الإنتخابية لعضوية مجلس الشعب المصري، بأنَّ لدى حزبه برنامجاً إنتخابياً يهدف إلى رفع دخل السياحة في مصر من 50 مليار دولار سنوياً إلى 220 مليار دولار.. إنَّ  أول ما نلاحظه في هذا الكلام هو جهل الإسلامجية المطبق بالأرقام وحديثهم بلغة "الفشخرة"، ذلك أنَّ دخل السياحة المصرية هو بالكاد يبلغ ربع الرقم الذي ادَّعاه المدعو نادر بكار (12 ملياراً وليس 50 ملياراً).. ثمَّ أنه يَعِدُ المصريين بأنَّ السلفيين وفي حال وصولهم إلى السلطة وحُكْمِهم لمصر فسيرفعون دخلَ السياحة فيها إلى 220 مليار دولار سنوياً! طَبْ يا راجل ما تخلِّيك حويط شوية وخلِّيهم عشرين ولّا حتى ثلاثين


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




                                                كتاب
             حوار مع صديقي الإسلامجي
                                 تأليف: حسين احمد صبرا





                       كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي (5)
                      السياحة العلاجية..
                         آه وحياة خالتي!
نادر بكار.. والسياحة العلاجية!



حسين احمد صبرا
في خريف عام 2011 صرَّح الناطق الرسمي لحزب النور السلفي نادر بكار أثناء المعركة الإنتخابية لعضوية مجلس الشعب المصري، بأنَّ لدى حزبه برنامجاً إنتخابياً يهدف إلى رفع دخل السياحة في مصر من 50 مليار دولار سنوياً إلى 220 مليار دولار..
إنَّ  أول ما نلاحظه في هذا الكلام هو جهل الإسلامجية المطبق بالأرقام وحديثهم بلغة "الفشخرة"، ذلك أنَّ دخل السياحة المصرية هو بالكاد يبلغ ربع الرقم الذي ادَّعاه المدعو نادر بكار (12 ملياراً وليس 50 ملياراً).. ثمَّ أنه يَعِدُ المصريين بأنَّ السلفيين وفي حال وصولهم إلى السلطة وحُكْمِهم لمصر فسيرفعون دخلَ السياحة فيها إلى 220 مليار دولار سنوياً! طَبْ يا راجل ما تخلِّيك حويط شوية وخلِّيهم عشرين ولّا حتى ثلاثين، لأحسن تِـتْزُورَق من الحسد! كده ميتين وعشرين دفعة واحدة؟! (قل أعوذ بربِّ الفلق)! طَبْ منين؟! إنَّ أكبر دولة سياحية في العالم من حيث عدد السياح هي فرنسا، التي يزورها سنوياً ما يقرب من 80 مليون سائح ولا يتعدى دخلها القومي من السياحة تلك أكثر من 50 مليار دولار سنوياً في الوقت الراهن.. وأكبر دولة سياحية في العالم من حيث الدخل السياحي هي الولايات المتحدة الأميركية التي يبلغ دخلها حالياً ما يقرب من 100 مليار دولار سنوياً، رغم أنَّ عدد السياح الذين يزورون الولايات المتحدة لا يتجاوز حالياً 60 مليون سائح في العام الواحد.. 
ثمَّ إنَّك نادراً ما تجد سائحاً زار فرنسا دون أن يشاهد عرض "الليدو".. فهل سمعت عن "الليدو" يا حاج نادر؟! إنَّ بنات الليدو يرقُصْنَ بدون مايوهات ساخنة.. إنهنَّ لسن بحاجة إلى مايوهات.. ما فيش مايوهات من أصله.. يعني لابسين من غير هدوم.. همَّ صحيوا من النوم لقوا نفسيهم مَلْط كده عدم اللامؤاخذة.. خَدْت بال سيادتك يا باشا؟! أُمَّال دول بيجيبوا خمسين مليار منين؟! أولَّع كاز بنفسي بَسّ أَفهم إنتَ حتجيب ميتين وعشرين مليار إزاي؟! إنَّ أكبر دولة نفطية في العالم هي المملكة العربية السعودية، وعائداتها النفطية بالكاد تجاوزت عتبة الـ200 مليار دولار بقليل عام 2011 بعد توقُّف تدفُّق النفط الليبي.. وأخونا يتحدَّث عن سياحة مصرية بـ220 مليار دولار! إنت حتبيع قزايز نفط للسياح ولّا إيه؟! يا ابني عايزين نفهم إن كان كلامك ده صحيح نيجي نبيع معاك كام قزازة ونكسب لنا قرشين حلوين بدل ما احنا قاعدين كده على لحم بطننا ما وراناش شُغلة ولا مَشْغَلة غير إننا ننتف شعر لحية اللي زي أمثالك!    
                          بالأرقام ندحض خرافات وأوهام اللئام!

ولكن مهلاً، تعالوا نسمع هؤلاء الإسلامجية للآخِر، ما هو برضه جايز إنُّهم يِقْدَروا يجيبوا الديب من ديله، ولكن كيف؟!
يتابع نادر بكار مشروعه السياحي طارحاً عنواناً عريضاً له ألا وهو "السياحة البديلة" وترتكز على العناصر الثلاثة التالية: السياحة العلاجية والسياحة الدينية والسياحة البيئية.. وهو يَعِدُ المصريين بأنَّ مشروعه سيرفع من عدد السياح إلى 20 مليونَ سائحٍ سنوياً (بلغ عدد السياح الذين زاروا مصر عام 2010 حوالى 12 مليون سائح)..
بدايةً لا بد من أن نوضِّح معنى "السياحة البديلة" التي ينادي بها الإسلامجية الآن، فهي بديلة عن ماذا؟ إنهم يريدونها أن تكون بديلةً عن السياحة الترفيهية، ذلك أنَّ الترفيه يعني السباحة بالمايوهات، والتنزه في الشوارع بالشورتات والفانلّات، والسهر والرقص وشرب الخمرة في الحانات... أي أنَّ غرضها هو الترفيه عن النفس، وهذا هو أصلاً الغرض الأساسي للسياحة على صعيد العالم أجمع على وجه الكرة الأرضية قاطبةً..  
إنَّ عام 2012 سيشهد تحقيق رقم تاريخي على مستوى السياحة في العالم أجمع منذ أن خلق الله البشرية ألا وهو مليار سائح، بعدما شهد عام 2011 رقم 980 مليون سائح.. إنَّ 80% على أقل تقدير من هؤلاء السياح وعلى مستوى العالم أجمع إنما يسيحون لغرض الترفيه، أما السياحة العلاجية أو الدينية أو البيئية أو غيرها من السياحات فإنها تأتي على هامش هذا الترفيه، وفي الحالات الأخرى وهي قليلة جداً جداً يأتي الترفيه أيضاً على هامشها، بمعنى أنَّ الترفيه حاضر في معظم الحالات على جدول السياحات الأخرى.. وهكذا، وعلى غرار ما هو حاصلٌ في العالم أجمع، فإنَّ الغالبية العظمى من السياح العرب والأجانب الذين يقصدون مصر إنما يأتون للترفيه وليس للتعبُّد أو للعلاج أو للإستمتاع بمنظر حقول البرسيم! وكمثالٍ على أنَّ السياحات الأخرى تأتي على هامش السياحة الترفيهية فإنَّ أي سائح عربي أو أجنبي يقصد مصر لغرض السياحة الترفيهية فإنه إذا ما زار مسجد الحسين في القاهرة أو كنيسة سانت كاترين في سيناء أو مقام سيدي بشر في الإسكندرية على سبيل المثال فإنَّ زيارته لأي مسجد أو أي كنيسة أو أي مقام إنما تُعتبر سياحةً دينية (أي تختص بالأماكن الدينية).. وإذا ما زار الحديقة الدولية في مدينة نصر أو بحيرة ناصر في أسوان أو بحيرة قارون في الفيوم مثلاً فإنَّ زيارته تلك تُعتبر سياحةً بيئية (أي تختص بالأماكن الطبيعية).. وإذا ما زار أهرامات الجيزة وأبو الهول ومعبد الكرنك ومعبد أبو سنبل ومعبد الفِيَلة فإنَّ زيارته تلك تُعتبر سياحةً ثقافية (أي تختص بالأماكن التاريخية والأثرية والحضارية)..
إذاً، السياحة في مصر تقوم على السياحة الترفيهية وتجذب سنوياً 12 مليون سائح معظمهم من الدول الغربية، ومن السياحة الترفيهية هذه يعتاش واحدٌ من كل ستة مواطنين مصريين، أي حوالى 14 مليون مصري.. الإسلامجية الآن يقولون: مش عايزين سياحة ترفيهية لأنها ضد الدين وضد الأخلاق وضد الكرامة المصرية وهي السبب في المايوهات الساخنة على الشواطىء المصرية ومن جرائها تُثار فتنةُ الشباب المصري يا حبة عيني.. موافق يا هريدي؟ أيوه موافق يا عوضين.. 
وطالما أنَّ الإسلامجية وضعوا بديلاً، إذاً دعونا نناقش هذا البديل.. وسنبدأ بالسياحة العلاجية، وهي السياحة الأهم على الإطلاق في السياحات البديلة.. ولكن بدايةً علينا أن نشرح معناها وباختصار: فالسياحة العلاجية هي أن تقصد بلداً ما لغرض العلاج الطبي أو العلاج الطبيعي.. العلاج الطبي يعني أن تُجرى لك في المستشفى فحوصات طبية أو عملية جراحية (قلب، زراعة كبد، زراعة كلى، زراعة قرنية، إستئصال سرطان وغير ذلك).. أما العلاج الطبيعي فهو العلاج الذي يتم إما في الينابيع الطبيعية للمياه الساخنة أو المياه الكبريتية أو الطمر برمال الصحراء، وذلك مداواةً لأمراض المفاصل (الروماتزم) والعقم وبعض الأمراض الجلدية والتنفسية وغيرها...
وإذا كان أخونا نادر بكار يتحدَّث عن 220 مليار دولار سنوياً فمن حقنا أن نستفسر عن مقدار العائد السنوي الذي تجنيه السياحة العلاجية أصلاً في العالم أجمع؟ الجواب أنَّ السياحة العلاجية لا تشكل سوى من 5 إلى 10%  من حجم السياحة العالمية، وقد شهد عام 2011 أعلى مستوى للعائد من السياحة العلاجية في تاريخها حيث بلغ مجموع ما جنته دول العالم قاطبةً ما يقرب من 100 مليار دولار.. فمن أين سيأتي نادر بكار بـ 220 مليار دولار؟! إنَّ الأردن حالياً يحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية في مجال السياحة العلاجية وذلك حسب تقدير البنك الدولي نفسه، ويحتل المرتبة الخامسة عالمياً حسب تقدير الخبراء الأردنيين.. فكم يجني الأردن من السياحة العلاجية سنوياً يا ترى؟! في عام 2010 حققت السياحة العلاجية في الأردن أعلى دخلٍ لها وقد بلغ بالتمام والكمال مليار دولار وكسور (بلغت الكسور 200 ألف دولار).. يا أخي بلاش منها الكسور وخلّينا في المليار الواحد، يعني حتيجي إيه الكسور قدّام 220 مليار دولار يُمَنِّي إسلامجية مصر النفسَ بها! وللعلم فإنَّ عدد السياح "العلاجيين"، الذين جنى منهم الأردن مليار دولار كما ذكرنا، إنما بلغ حوالى ربع مليون سائح فقط (250 ألفاً)، فمن أين سيأتي إسلامجية مصر بـ 20 مليون سائح؟!.. إيه! مالك إِتْبَرْجِمْتِ كده يا حاج نادر؟ أُمَّال لو تعرف أنَّ المليار دولار وكسورها قد شملت النقل الجوي والإقامة ومن ثمَّ السياحة التي تلت العلاج، حتعمل إيه؟!
يا أخي ما بلاش منها الأردن، مش عايزين الأردن، يا دي الأردن وسنين الأردن، هوَّ حدِّ فينا جاب سيرة الأردن! خلينا نروح بعيد هناك، إلى حيث السياحة العلاجية على أصولها والقائمة على قدمٍ وساق وتحظى بشهرة عالمية أقرب إلى الأساطير، مثل الهند وتايلند وسنغافورة...
إليك الهند كمثال، الدولة التي تسعى لأن تكون عاصمة السياحة العلاجية في العالم، وهي واحدة من أفضل الدول التي يمكن للمرء أن يقصدها للسياحة العلاجية، وهي بالمناسبة أرخص دول العالم تكلفةً في ما يتعلَّق بالعلاج الطبي أو الطبيعي.. فعملية القلب المفتوح، على سبيل المثال، والتي تبلغ تكلفتها في الولايات المتحدة الأميركية 120 ألف دولار فإنها لا تكلِّف في الهند سوى 10 آلاف دولار (تكلفتها في تايلند 11 ألف دولار، وفي سنغافورة 18،5 ألف دولار وفي الأردن 15 ألف دولار).. إنَّ كل أمل الهند معقود حالياً على التوقعات بأن يرتفع دخلها من السياحة العلاجية عام 2012 إلى 2 مليار دولار (ملياران)!!! وسنغافورة، التي صنَّفت منظمةُ الصحة العالمية النظامَ الصحي فيها منذ العام 2000 في المرتبة الأولى آسيوياً والمرتبة السادسة عالمياً (أي بمرتبة أعلى من مرتبة الولايات المتحدة وكندا)، معقودٌ أملها حالياً على أن تنجح في إجتذاب مليون مريضٍ أجنبي عام 2012!!! وتايلند، التي نجحت عام 2010 في إجتذاب مليوني مريضٍ أجنبي، لم تجنِ من هذه السياحة العلاجية في ذلك العام سوى 2،3 مليار دولار، وهو رقمٌ قياسي في تاريخ السياحة العلاجية التايلندية!!!
على أنَّ أهم ما تجب الإشارة إليه في هذا المجال هو أنَّ معظم عائدات السياحة العلاجية إنما تذهب إلى جيوب الأطباء وأصحاب المستشفيات.. أي أنك تريد أن تضحي بعمل 14 مليون مواطن مصري يستفيدون حالياً من السياحة الترفيهية مقابل أن تجد عملاً لعدة مئات من أصحاب المستشفيات و عدة آلاف من الأطباء، الذين سرعان ما ستتكدَّس في جيوبهم على مر السنين ثروات خرافية من السياحة العلاجية تماماً كما ثروات أحمد عز من السياحة الحديدية؟!
الأهم من ذلك كله هو وضع النظام الصحي في مصر، والذي لا يَسُرُّ عدواً ولا حبيباً.. إنَّ عدد المستشفيات في مصر حالياً (الخاصة والحكومية) لا يزيد عن 225 مستشفى، ومؤخراً (في 16/ 2/ 2012) صرَّح الدكتور عادل عدوي، مساعد وزير الصحة المصري، بأنَّ مصر لا يوجد فيها سوى 3 مستشفيات خاصة حاصلة على شهادات اعتماد الجودة العالمية! ولا يسعنا سوى المقارنة بين ما أعلن عنه مساعد وزير الصحة المصري وبين حال المستشفيات في الهند على سبيل المثال حيث من بين كل عشرة مستشفيات هناك سبعة حاصلة على شهادة حسن الإدارة والنظافة المثالية.. وحتى الأردن تتفوَّق على مصر في هذا المجال حيث أنَّ من بين 63 مستشفى خاص هناك ثمانية مستشفيات حاصلة على شهادة الجودة العالمية.. ولِمَ الذهاب بعيداً؟ تعالوا نقرأ ما صرَّحت به عام 2009 الدكتورة سامية جلال (مستشار صحة البيئة لمنظمات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية) منتقدةً أوضاع المستشفيات في مصر، حيث قالت بالحرف الواحد: "أقل وصف يمكن أن نصف به المستشفيات – كما يقول الصعايدة – أنها مِطَيِّنة بطين، بخلاف الإفراط في استعمال المضادات الحيوية، مما يزيد في مناعة البكتيريا، وفتحات التكييف والشفاطات فيها لا يتم تنظيفها منذ تركيبها، وروحوا شوفوا شكل النظافة في المستشفيات إيه!!".
                                    دبور زَنّ على خراب عِشُّه!
   هل سمعتَ عن تايلند يا شيخ نادر (مش إنتَ شيخ برضه؟).. إنَّ إسم الشهرة الذي يُطلَق على تايلند هو "بلد المليون عاهرة".. إنَّ ميزة الدعارة في هذا البلد أنَّ العاهرات التايلنديات هنَّ من مختلف الأعمار بدءاً من سن السابعة وصولاً إلى سن الحاجَّة طماطم (رحمها الله وأطال الله بعمرها).. ومع ذلك فإنَّ عدد السياح الذين يقصدون تايلند يبقى أقل بقليل من عدد السياح الذين يقصدون مصر، وأحياناً يعادله وفي أحيان أخرى يتجاوزه بفارقٍ بسيط.. فمعدَّل عدد السياح الذين قصدوا تايلند في السنوات الأخيرة بلغ 11،5 مليون سائح سنوياً.. عام 2010 على سبيل المثال زارها 16 مليون سائح وكان هذا العدد رقماً تاريخياً، بينما لم يزرها عام 2011 سوى 9،17 مليون فقط بسبب الفياضانات التي حدثت في الشهرين الأخيرين من ذلك العام.. أما مصر فبلغ معدَّل عدد السياح في السنوات العدة الأخيرة 12 مليون سائح سنوياً..  ثمَّ أنَّ مجموع ما تجنيه تايلند من السياحة لا يتجاوز 16 مليار دولار سنوياً، أي أكثر بقليل مما تجنيه مصر (12 مليار دولار سنوياً)..
والسؤال الهام جداً الذي علينا طرحه هنا هو: لماذا تحقِّق مصر في عدد السياح وفي الدخل السياحي نسبةً قريبةً جداً مما يحققه بلدٌ مثل تايلند، مع العلم أن تايلند هذه تتفوَّق على مصر بميزاتٍ عديدة، الواحدة منها كفيلة بأن تقضي على مصر بالضربة القاضية:
الميزة الأولى أنَّ تايلند، وكما ذكرنا، هي بلد المليون عاهرة بشكلٍ رسمي وقانوني وعلى رأس السطح.. بينما الوضع في مصر ليس على هذا النحو، وشعبُها بات مؤخراً غارقاً في التديُّن الشكلي إلى حد الهوس (من الضروري جداً أن تقرأوا مقالاً على الإنترنت بعنوان: "المصريون متديِّنون جداً.. فاسدون جداً" لكاتبٍ ياباني زار مصر عام 1974 وكان على صداقة مع الأديب المصري يوسف إدريس، وقد قامت بتعريب هذا المقال منذ سنواتٍ عديدة اللبنانية المختصة بعلم الإجتماع الدكتورة منى فياض).
الميزة الثانية، أنَّ تايلند توصف بأنها "بلد الإبتسامة"، فأينما ذهبتَ تجد التايلنديين يستقبلونك بإبتسامةٍ مجاناً ولوجه الله، ذلك أنَّ ميزة الشعب التايلندي هي في أنه يتمتع بلطفٍ وتهذيبٍ شديدين وفي أنه لا يتسوَّل البقشيش.. بينما مصر توصف بأنها "بلد البقشيش"، أينما ذهبَ السائح سيجد من يقول له: أهلاً يا باشا، منوَّر يا باشا، أي بمعنى: هات بقى بقشيش يا ابن الـ... أما المصري إذا ما أراد بقشيشاً من مصري آخر فإنه يخاطبه بالقول: ما تفتَّح مخَّك يا مواطن! إنَّ موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لم يكن بمقدوره عام 1990 أن يعرض الأغنية التي لحنها لنجاة الصغيرة "أسألك الرحيلا" (أشعار نزار قباني) على شاشة التلفزيون المصري، ذلك أنَّ أحد المسؤولين في التلفزيون طلب منه البقشيش مقابل عرض الأغنية قائلاً له: فَتَّح مخَّك يا مواطن.. وراح عبد الوهاب بعدها يروي هذه الحادثة أمام أصدقائه قائلاً بغضب واستهجان: أنا محمد عبد الوهاب بعد 70 سنة فن يتقال لي فَتَّح مخَّك يا مواطن؟!
الميزة الثالثة، المناظر الطبيعية التي تملأ جميع أنحاء تايلند، وهي مناظر تُسحر الألباب لجمالها الخلّاب وهي أشبه بالخيال (بالإمكان تصفُّحها عبر شاشة الإنترنت).
الميزة الرابعة، أنَّ سياحة التسوُّق قائمة على قدمٍ وساق في تايلند إلى درجة أن 30% من عوائد السياحة هناك مصدرُها السياحة التسوُّقية، أي نحو 5 مليارات من الدولارات سنوياً.
الميزة الخامسة، المركز البارز الذي تحتلُّه تايلند عالمياً في مجال السياحة العلاجية كما أسلفنا.
ورغم ذلك كله فإنَّ هناك تقارباً في أعداد السياح وفي الدخل السياحي بين كلٍّ من تايلند ومصر.. فما هي الميزة التي تتمتَّع بها مصر ليقصدها هذا العدد الكبير نسبياً من السياح (معظمهم غربيون) ولينفقوا فيها هذا القدر من الإنفاق؟ (12 مليون سائح تجني منهم مصر 12 مليار دولار، أي أنَّ معدَّل ما ينفقه السائح الواحد في مصر هو ألف دولار، بينما 80 مليون سائح لا تجني منهم فرنسا سوى 50 مليار دولار، أي أنَّ معدَّل ما ينفقه السائح الواحد في فرنسا هو 625 دولاراً فقط).
السبب الرئيس هو أنَّ مصر، وكما يصفها العالم أجمع، هي بلد الأهرامات وبلد الحضارة الفرعونية.. والشعوب الغربية لديها حِسٌّ ثقافيٌّ عالي المستوى وتقدِّر جداً هذه الحضارة التي هي أول حضارة في تاريخ البشرية.. ثم هناك عاملٌ مساعدٌ آخر بالغ القوة وبات له التأثير الأكبر في عملية الجذب السياحي في السنوات الأخيرة ألا وهو الشواطىء المصرية التي يبلغ طولها حوالى 3000 كلم، من بينها 1150 كلم على البحر المتوسط و1850 كلم على البحر الأحمر (1200 كلم على الساحل الغربي للبحر الأحمر و650 كلم جنوب سيناء ما بين خليجي العقبة والسويس)، هذا دون أن نحسب شواطىء قناة السويس البالغ طولها 161 كلم على الضفة الشرقية و161 كلم على الضفة الغربية.. لقد تمَّ استغلال الشواطىء المصرية في العشرين سنة الماضية استغلالاً نشطاً وواسعاً فأقيم عليها العديد من المنتجعات السياحية حتى بات الساحل الشمالي (من العريش إلى مرسى مطروح مروراً ببورسعيد والإسكندرية) يضم أكثر من 90 قرية سياحية، أشهرها وأهمها قرى مارينا ومراقيا ومرابيا وغيرها.. وعلى الساحل الغربي للبحر الأحمر نجد منتجعات الغردقة والجونة وسفاجا ومرسى عَلَم والعين السخنة وغيرها.. وعلى ساحل جنوب سيناء نجد منتجعات شرم الشيخ ودهب وطابا ونويبع.. وعلى ساحل قناة السويس نجد شاطىء كروان في بورسعيد ومدينة فايد السياحية في السويس قرب ما يسمى بالبحيرات المُرَّة... إلى آخره.
إذاً، السائح الغربي أولاً هو مثقَّفٌ وذوَّاقةٌ للحضارات القديمة.. وثانياً هو يبحث عن الدفء شتاءً هرباً من الصقيع في بلاده فيجد ذلك متوافراً في مصر وخاصةً في الجنوب في محافظتي أسوان والأقصر واللتان بالمناسبة تضمَّان العدد الأكبر من الآثار الفرعونية.. وثالثاً هو يبحث عن الشمس الساطعة والرمال الساخنة صيفاً وهو محرومٌ منهما في بلده فيما تتوافران في مصر وعلى امتداد ثلاثة آلاف كيلومتر دفعةً واحدة..
أنت الآن تأتي وتقول: الحضارة الفرعونية حضارة عفنة.. وسنغطي التماثيل بالشمع.. والمايوهات الساخنة على الشواطىء ممنوعة.. والخمرة ممنوعة.. والشورتات والفانلات في الشارع ممنوعة.. وأن يتأبَّط السائح ذراع زوجه أو ابنته أو صديقته في الشارع ممنوع.. والإختلاط بين الرجال والنساء في المسابح ممنوع.. نيجي نعمل مسابح خاصة بالدُكُورة ومسابح تانية خاصة بالأناتا.. ما فيش عندنا راجل يسبح مع مراته ولّا مع بناته (شوفوا المسخرة) ولّا مع عشيقته (يا دي العيبة).. فكل ذلك يخدش حياء الشعب المصري المسلم المؤمن الطاهر ويهين كرامته ويفتن شبابَه الناسك المتعبِّد وشاباته المحتشمات القانتات الخاشعات..
يعني السائح الأجنبي حيهبِّب يعمل إيه؟! حيتنيِّل على عينه وييجي مصر ليه من أصله؟! قال شمع قال؟! أولم تسمعوا عن "السياحة الحمراء" في الصين؟ هذه السياحة الحمراء التي تعني تنظيم رحلات سياحية لزيارة تماثيل زعماء الحزب الشيوعي الصيني ومراكزه التاريخية وكل ما يُعتبر أماكنَ "ثورية" لها علاقة بتاريخ الصين الشيوعي.. هذه السياحة يعمل فيها أكثر من 10 ملايين صيني، وقد بلغ عدد الزوار الصينيين والأجانب لهذه الأماكن عام 2006 أكثر من 130 مليون زائر، وبلغ دخل الصين عام 2010 من هذه السياحة الحمراء 13،5 مليار دولار!!! أي أكثر من دخل مصر من السياحة على جميع أنواعها!!! وييجي شمهورش يقول لك: عايزين نغطي التماثيل في مصر بالشمع لأنها تشبه أصنام الجاهلية! قال يعني "السياحة الحمراء" في الصين بتجيب 13،5 مليار دولار، وسياحة "الشمع الأحمر" في مصر حتجيب 220 مليار دولار! إنَّ صور الإسلامجية بَقِتْ مالية البلد ولا هُبَل ذاتْ نَفْسَها.. أُمَّال خايفين من ناس ماتت قبل 5 آلاف سنة ليه؟!   
وقال إيه، الخمرة حرام! يا راجل، ما تركِّز معايا شوية بقى! الأجانب دول ليهم في الخمرة ومالهومش في الحشيشة! لقد أمضى الإخوان المسلمون أكثر من ثمانين عاماً وهم يحرِّمون الخمرة ولم نسمع منهم ربع كلمة عن تحريم الحشيشة! وفي الإنتخابات الأخيرة كان كل حديث الأخوان والسلفيين عن الخمرة وصمتٌ تام عن الحشيشة! شوفوا الناس دي وعمايلها! يعني إيه؟! ممنوع السائح يشرب خمرة ومسموح له يشرب حشيشة؟! يعني يحط الجوزة على بُقُّه ويشرب منها بُقّين عصير حشيشة؟! مش هُمَّ برضه اخترعوا عصير حشيشة خالي من الكحول.. هُمَّ بيقولوا خالي من الكحول ولّا خالتي من الكحول؟! هيَّ الدنيا بقى لونها بمبي ليه يا بهروز؟!
وكمان يقول لك: دول بيعملولنا إثارة جنسية! قال يعني الراجل ييجي من أمريكا عايز يفتن الحريم في مصر.. قال إيه، ما لاقاش في أمريكا حريم تعجبه وتملّي عينه، قام جه لمصر يدوَّر عالحريم! والستات برضه يا عيني يطفشوا من أمريكا يدوَّروا على رجّالة مصريين.. يا مصيبتي لا تكون أمريكا ما فيهاش رجّالة، يقوموا حريمها رايحين طوَّالي على الصومال!  
والنكتة بقى لمَّا يقول لك: سياحة دينية! فطالما أنت تكفِّر المسيحيين عموماً والأقباط خصوصاً، فكيف ستسمح لهم بزيارة الأماكن الدينية المسيحية في مصر وعلى أي أساس ستشجِّعهم على ذلك؟! وما هو حال الكنائس في مصر أصلاً وأنت تمنع ترميمها؟! ثمَّ إنَّ مجيءَ "كفّارٍ" أجانب إلينا لزيارة معابد "الكفر" ليس له من تسمية تُطلَق عليه سوى "سياحة الكفر" أو"سياحة الكفّار".. إزاي يا راجل يا مؤمن ياللي بتصوم وبتصلّي وبتخاف ربّنا وحجّيت بيت الله الحرام (إنت حجّيت ولّا لسه) تشجِّع على سياحة "الكفر" وتريد إنعاش اقتصاد بلدك الطاهر المؤمن من أموال "الكَفَرة الصليبيين"؟!
بعد هذا وذاك وذيّانك، هل عرفتم لماذا تجهد أميركا منذ أكثر من خمسين عاماً لكي توصل الإسلامجية السنّة والشيعة إلى السلطة في الوطن العربي؟! 
بالإذن لحظة.. هُوَّ فين؟! إنتَ يا نادر يا بكار، بقى يا راجل نَشِّفْتِ ريقي وحَرَقْتِ دمّي وضيَّعْتِ لي وقتي عالفاضي وطيَّرت الحجرين من نافوخي.. قوم أُقَفْ وإنتَ بتكلّمني، قوم أُقَفْ بُصِّ لي وفهِّمني.. إنتَ لسَّاك مُصَمْصِم على الميتـين وعشرين مليار برشام بتوعك دول؟!... الله! ده ما بيرُدِّش! أنا خايف لا يكون جرى له حاجة!


                               
حديثنا التالي: 
الحديث السابق:
-المايوهات الساخنة على الشواطىء المصـرية تثير شهوات الإسلامجية!





(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 8 أيار/ مايو 2012، العدد 1542).


 ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)
***************************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:







هناك تعليقان (2):

  1. أنتم أصلا أناس قذرين وغير محترمين بالمره كيف تسمحوا لأنفسكم وضع هذه الصور مع هذا الشخص المحترم الخلوق قبحكم الله من أشخاص ولا بارك الله بكم وفيكم

    ردحذف
  2. إتق الله ياصاحب المدونة هذه الصور ماهي إلا دليل على ذبك أنت وبراءة من تكرهه وهو إنسان محترم جدا وعلى خلق ودين.

    ردحذف