الصفحة الرئيسة

2011/04/10

كتاب "على هامش ثورة شباب مصر" (4): إن فاتتكم الصين إتمرَّغوا بترابها!


    لقد اقترحنا على شباب ثورة مصر، في ما مضى من حديث، أن الفرصة الوحيدة المتاحة أمامهم في سعيهم لبناء دولة قوية هي في أن يحذو حذو الصين واستلهام تجربتها الناجحة جداً، تلك التي بدأت في عام 1978 وانتهت إلى أن الصين باتت تُصنِّع الآن من الإبرة وصولاً إلى أكثر الصناعات الإلكترونية تعقيداً وبات نحو نصف استهلاك البشرية هو من صناعة صينية.


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً

  
                                         كتاب
       على هامش ثورة شباب مصر
                                                       تأليف: حسين احمد صبرا



                     الفصل الأول
            وماذا عن تحديد النسل يا شباب ثورة مصر؟ (3من4)
           إن فاتتكم الصين
           إتمرَّغوا بترابها!
     
    
   حسين احمد صبرا
    
     لقد اقترحنا على شباب ثورة مصـر، في ما مضـى من حديث، أن الفرصة الوحيدة المتاحة أمامهم في سعيهم لبناء دولة قوية هي في أن يحذوا حذوَ الصين واستلهام تجربتها الناجحة جداً، تلك التي بدأت في عام 1978 وانتهت إلى أن الصين باتت تُصنِّع الآن من الإبرة وصولاً إلى أكثر الصناعات الإلكترونية تعقيداً وبات نحو نصف استهلاك البشرية هو من صناعة صينية.
     على أن في رأس قائمة الشروط التي على مصـر تنفيذها، في طريقها لأن تصبح دولة قوية كما الصين، هو تحديد النسل، وبدون تحقيق هذا الشرط الأول والرئيس يصبح الحال كما يقول المثل المصري: دوَّرنا بسَلْقَط دوَّرنا بمَلْقَط ما لقينهاش..
     عام 2006 بلغ معدل الزيادة السكانية السنوية في الصين 0،6%، بينما بلغ معدل الزيادة السكانية السنوية في مصـر في العام نفسه 2،437% أي أكثر بأربعة أضعاف! وقد  حدث هذا التراجع الحاد في نسبة الزيادة السكانية في الصين بعد السياسة السكانية الصارمة التي اتبعتها الدولة منذ عام 1978 وذلك بسن قانون يمنع الأسرة الصينية من إنجاب أكثر من طفل واحد.. وهذا ما أهَّل الصين لأن تكون اليوم على ما هي عليه من قوة اقتصادية، بحيث باتت تحتل المركز الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الأميركية.
     قد لا تبدو الأرقام التي أوردناها مفهومة إلا إذا ضـربناها بعشـرة، لعل حجم الكارثة يبدو أكثر وضوحاً: إنَّ عدد سكان الصين حسب إحصاء عام 2009 قد بلغ 1،338 مليار نسمة، أما عدد سكان مصـر حسب إحصاء عام 2006 فقد بلغ 76،5 مليون نسمة.. الصينيون يتزايدون بنسبة 0،6% كل عام، أي أنهم يتزايدون 6% كل عشـرة أعوام.. بينما يتزايد المصـريون بنسبة 2،437% كل عام، أي أنهم يتزايدون بنسبة 24،37% كل عشـرة أعوام (يعني حوالى 25%)!! فهل لاحظتم الفارق بين 6% كل عشر سنوات في الصين و25% كل عشر سنوات في مصر!
     مبدئياً، وفي حال استمرت نسبة الزيادة السكانية في مصر على 2،437% سنوياً، فإن ال76،5 مليون مصري عام 2006 يُفترض أن يكون عددهم قد ازداد 1،864 مليون مواطن مصـري عام 2007.. بينما كل 76،5 مليون  صيني ازداد عددهم 459 ألف مواطن صيني فقط في الفترة نفسها، أي حوالى نصف مليون!
     عظيم..
     ولنفترض الآن أن الزيادة السكانية السنوية في مصر لم تعد تتعدى ال0،6% كما هو الحال في الصين.. فهل ستصبح مصر دولة قوية؟
     الجواب: كلا يا أبلة!
     لقد سبق وقلنا أن تحديد النسل في مصـر بشكل جدي هو أول خطوة يجب اتخاذها، أي نعم.. وبدون تحقيق هذا الشرط لا فائدة من تطبيق بقية الشـروط، أي نعم.. ولكن تحديد النسل هنا هو كمن يريد أن يتعلم الرسم، إذ عليه بادىء ذي بدء أن يتعلم كيف يمسك بالفرشاة.. بعدها سنرى في نهاية المطاف ما إذا كان أتقن رسم اللوحة أم أنه شخبط شخابيط!

              الحقيقة هي عنتر!

     لم تبدأ الصين من الصفر حينما قررت إحداث انعطافتها الإقتصادية المذهلة بخطى مدروسة عام 1978، وإنما خطت خطوتها الجديدة مستندةً إلى تجربتها الإقتصادية والإجتماعية التي سبق وأن شهدتها البلاد قبل ذلك بنحو ثلاثين عاماً وبالتحديد منذ عام 1949..
     أما مصر فإن عليها أن تبدأ من الصفر، إن لم نقل من تحت الصفر! لقد أمضـى جمال عبد الناصر ثمانية عشر عاماً وهو يحارب طوب الأرض لكي يبني اقتصاداً مصرياً قوياً ويحقق العدالة الإجتماعية.. فجاء أنور السادات عام 1975 وهدم في عامٍ واحد كل ما بناه عبد الناصر وبجرَّة قلم!
    إن ما حدث في مصر منذ أواسط السبعينيات كان أشبه برجلٍ راح ينفق  ببذخٍ ما ادخره طوال 20 عاماً (عوضَ استثماره)، فعاش يومين حلوين إلى أن أفلس وبات على الحديدة!
     إن سياسة الإنفتاح الإقتصادي (وبتسمية أخرى اقتصاد السوق) قد نسفت الإقتصاد المصـري من أساسه وقلبت الموازين الإجتماعية رأساً على عقب، حتى بات ما يسمى في علم الإجتماع بـ"الهرم الإجتماعي" جالساً على رأسه.. لقد قُضي على ما يسمى بالطبقة المتوسطة وهي التي تشكل صمام الأمان لأي مجتمع، وهي التي تَفرض عادةً قيمها ومفاهيمها وأخلاقياتها وتقاليدها على المجتمع بأسره، وحلَّ على رأس الهرم طبقة جديدة وعريضة وجدت نفسها فجأةً ترتفع من القاع إلى أعلى السلَّم الإجتماعي، وهي بمعظمها من طبقة الحرفيين و"الأرزقية" وصغار التجار و"الهلِّيبة"، وهي طبقة أمية أو شبه متعلمة باتت هي التي تملك القوة الشـرائية ففرضت بالتالي ذوقها وقيمها ومفاهيمها وأخلاقياتها على المجتمع المصـري برمته منذ عام 1975 وإلى الآن.. ويكفينا العودة إلى فيلم "إنتبهوا أيها السادة" (إخراج محمد عبد العزيز)، وفيه أطلق السينارست أحمد عبد الوهاب الصـرخة في عز المعمعة (عام 1980) ليحذّر من مغبة الخلل المستجد في التوازن بين طبقات المجتمع االمصري جراء الإنفتاح الإقتصادي المدمِّر.. إن الدكتور جلال (حسين فهمي)، أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة، يعجز عن دفع خلوّ شقة لإستئجارها كيما يتسنى له الزواج بخطيبته عايدة (ناهد شريف).. في حين أن عنتر (محمود ياسين)، جامع القمامة، استطاع أن يبني عمارة! (مع احترامنا النابع من القلب ومن الضمير لجميع العاملين في جمع القمامة، فلا نحن نقصد إهانتهم ولا صُنّاع الفيلم المذكور، وإنما القصد الدلالة على ما وصلت إليه الأمور).. وفي النهاية يتزوج عنتر بعايدة لتصبح زوجه الثانية، لأنه هو الذي يملك الثروة، ومن يملك الثروة في مجتمع افتقد القيم والتوازن الإجتماعي هو الذي يفوز.. أما الدكتور جلال فيحاضر في تلامذته في الجامعة مردداً القول وهو مصدوم: إن الحقيقة هي عنتر.. وينتهي الفيلم بأن يلتقي الدكتور جلال في الطريق العام بولدٍ يجمع القمامة، ليخلُص إلى نتيجة مفادها أن المستقبل في هذا البلد لم يعد لمن يتعلم ويحصل على شهادات عليا وإنما هو لمثل هذا الولد الذي يجمع القمامة!
     وعلى المنوال نفسه جاء طرح السينارست بهجت قمر في فيلم "الموظفون في الأرض" عام 1985 (إخراج أحمد يحيى)، وقد جاء العنوان استيحاءً من مؤلَّف طه حسين "المعذَّبون في الأرض"، أي أن بهجت قمر أراد القول بأن طبقة الموظفين (عماد الطبقة الوسطى) باتت هي الطبقة المعذَّبة في المجتمع المصري من بعد ما كان للوظيفة الحكومية من "شَنّة ورَنّة" لِما كانت توفِّره من عيشة كريمة وضمان أكيد للمستقبل، حتى ضَرب المصـريون بها المثل: "إن فاتك الميري (أي الوظيفة الحكومية) إِتمرَّغْ بترابه".. أي إنْ عَجِزَ المصـري عن الإلتحاق بالوظيفة الحكومية فحتى التمرُّغ بترابها سيُلحق به الفائدة، وهو ضربٌ من المبالغة للإدلال على ما كانت تشكله الوظيفة الحكومية من أهمية من حيث الراتب وضمان المستقبل المعيشـي بالإضافة إلى المكانة الإجتماعية.. إلى أن حلَّ الإنفتاح الإقتصادي فضُربت هذه الطبقة، إلى درجة أن مدير عام إحدى شركات القطاع العام عبد الشكور (فريد شوقي، وهو بالمناسبة منتج الفيلم أيضاً) يعجز عن تأمين الجهاز لإبنتيه المخطوبتين (ليلى علوي وسمية الألفي)، وفي الوقت نفسه يمتنع لنزاهته عن نهب المال العام رغم تعرُّضه للإغراءات.. ثم يجد نفسه يتسوَّل في الخفاء مع إحدى المتسولات (شويكار) لتأمين المال الازم، وليكتشف أن مهنة الشحاذة هي التي باتت تؤمِّن لممتهنها ثروة طائلة تُمكّنه من شراء شقة فهمة وتأثيثها بأثاث فاخر (كما كان الحال مع شويكار).. مع الإشارة إلى أن الفكرة نفسها عاد وطرحها السينارست وحيد حامد عام 1986 في فيلم "حد السيف" (إخراج عاطف سالم وإنتاج نجوى فؤاد)، إذ يعجز وكيل الوزارة طلعت (محمود مرسي) عن الإيفاء بحاجيات أبنائه (سمية الألفي، سناء يونس ويونس شلبي)، فيستغل هوايته في العزف على آلة القانون وينضم سراً إلى الفرقة الموسيقية المصاحبة للراقصة سوسو بلابل (نجوى فؤاد)، ما يؤدي إلى تحسين وضعه المعيشي..
    يعني، وباختصار، فإن الطبقة المتوسطة التي يخرُج منها العدد الأكبر من المتعلمين والمثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين والمرشدين والمصلحين والقادة في الرأي وفي المناصب، لكأنك ضربتَها على نافوخها فأُصيبت بالعقم وبالشلل.. وبالتالي فإن الأمور تحولت إلى حالٍ هزلية ومبكية، حيث أن طبقة المتعلمين، وهي الطبقة التي يُعوَّل عليها في بناء دولة على أسس حضارية، بات أصحاب المهن الحِرَفية و"الوضيعة" يكسبون أضعافاً مضاعفة مما تكسبه هذه الطبقة، وهو دليل على إفلاسٍ إقتصادي واجتماعي، وبدون معالجته وإرجاع الأمور إلى نصابها وإعادة الهرم الإجتماعي للجلوس على قاعدته، فإن أي سعي لبناء دولة قوية هو أشبه بالحصول على لبن العصفور!

               خرج ولم يعد!

      لا شك في أننا لو سألنا أي مواطن مصـري بسيط عن تخمينه لعدد سكان أكبر مدينة في الصين، سيأتينا الجواب: ربع مليار صيني!
     قد يكون محقاً في تخمينه في حال ظنَّ أن التكدس السكاني في الصين هو على شاكلة التكدس السكاني في مصر.. فالصين ليست فقط أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بل إن سكانها يشكلون خُمس سكان الكرة الأرضية، ورقم 1،3 مليار نسمة متجمعين كده والصلاة على النبي في دولة واحدة هو رقمٌ "يَخُضّ"!
     إلا أن الحقيقة هي مغايرة تماماً! إن أكبر مدينة في الصين هي شنغهاي، فكم تعتقدون أنها تحتوي من السكان؟ إننا لو قسمنا هذه المدينة إلى صغرى (المدينة الأصلية) وكبرى(باحتساب ضواحيها والريف المحيط بها) سنجد أن عدد سكان شنغهاي الصغرى يبلغ 9،5 مليون نسمة فقط، وشنغهاي الكبرى 18,5 مليون لا غير!!
     أما في مصر المحروسة فإن القاهرة، التي هي أكبر مدينة مصـرية من حيث المساحة وعدد السكان، تضم ما يعادل أكثر من ربع سكان مصـر (خمسة وخميسة)!! إذ يبلغ عدد سكان القاهرة الصغرى 8 ملايين نسمة، أما عدد سكان القاهرة الكبرى فيبلغ 20،8 مليون نسمة، أي ما نسبته 27،18% من عدد سكان مصر! أي أن المصـريين هم على حد قول عادل إمام: سايبين الشقة كلها وقاعدين في أوضة واحدة!!
     إن أكبر مدن الصين، وما أدراك ما الصين تضم 18،5 مليون نسمة.. فيما أكبر مدن مصـر تضم عدداً أكبر ويعادل أكثر من ربع السكان! إن منطقة عشوائية واحدة نمت خلال السنوات العشر الأخيرة في حي من أحياء القاهرة (حي فيصل القريب من منطقة الأهرامات) باتت تضم الآن نحو مليون نفر.. فهل من المعقول أن يضم حياً من أحياء القاهرة عدداً من السكان يعادل عدد سكان مدينتي السويس وبورسعيد مجتمعِين! أفلا يكفي أن 98% من المصريين يعيشون أصلاً على مساحة 4% فقط من مساحة مصر!
     إنَّ دولةً يتكدّس سكانها على هذا النحو لا يمكن لها أن تتحول إلى دولة قوية قبل إيجاد حل جذري لهذه الكارثة، على الأقل على طريقة فيلم "خرج ولم يعد" للسينارست عاصم توفيق والمخرج محمد خان.. فقد صُنع هذا الفيلم عام 1985 ليحبِّب المشاهد المصري بالريف وليقنعه بالعودة إليه عوضَ أن يعيش وسط زحام القاهرة المستجد آنذاك والذي تسبب به أصلاً نزوح سكان الريف إلى المدينة بكثافة منذ النصف الثاني من السبعينيات بحثاً عن العمل السهل تاركين أرضهم التي من الممكن أن يعتاشوا من خيراتها لو أتقنوا الإعتناء بها مثلما فعل عطية (يحيى الفخراني) حينما اقتنع بالفعل لدى كمال بك (فريد شوقي) والزواج بإبنته (ليلى علوي)، بعدما فتنَه جمالُ الطبيعة الأخّاذ ووجد ضالته في هدوئها وسكونها بعيداً عن الضوضاء والزحام، وانسجم سريعاً بأسلوب الحياة الريفية.. وهذا يتطلَّب من مصـر (الدولة القوية) أن تجهَد في تثبيت سكان الريف في أراضيهم وإغراء المتكدِّسين منهم في أحياء القاهرة العشوائية للعودة إلى منبتهم الأصلي، وذلك عن طريق الدعم الشامل للقطاع الزراعي وتأمين البنية التحتية في الريف، وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والمرافق الحكومية، والأهم توجيه القدر الكافي من الرأسمال الوطني والأجنبي للإستثمار في الريف المصري في الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة.. ما يجعل هذا الريف مزدهراً وتتوافر فيه فرص العمل على أنواعها كافةً، وبشكل لا يضطر معه الصعايدة والفلاحون للتوجه نحو القاهرة إلا لزيارة الأقارب!

         أُطلبوا العلم ولو في الصين!

      بعد فرض تحديد النسل عنوةً وبالشلُّوت، فإن الخطوة الثانية التي اعتمدتها الصين في طريقها لأن تصبح دولةً قوية كانت محو الأمية وفرض التعليم الإلزامي، ومؤخراً التعليم الأساسي المجاني.
     عام 1950 كان 80% من سكان الصين أميين.. الآن لا يشكل الأميون سوى 7% من عدد السكان وجُلُّهم من كبار السن.
     لقد قررت الصين عام 1986 توفير التعليم الأساسي الإلزامي لتسع سنوات دراسية، أي من الصف الإبتدائي الأول وحتى الصف المتوسط الرابع (الإعدادية) أي من سن السادسة وحتى سن الخامسة عشرة.. وعملت منذ ذلك التاريخ على بناء المدارس الإبتدائية لتفي بالغرض المطلوب، بالإضافة إلى بناء المدارس الثانوية ومؤسسات التعليم العالي (معاهد وجامعات).. وخلال 20 عاماً (1986- 2006)نجحت الصين في بناء 396 ألف مدرسة ابتدائية.. و94 ألف مدرسة ثانوية.. و2236 مؤسسة تعليم عالٍ.
     دعونا نقرأ هذه األارقام بشكل مختلف، لنجد أن الصين استطاعت بناء مدارس وجامعات خلال 20 عاماً، أي  خلال 3700 يوم، وفق المعدل التالي:
§   19،8 ألف مدرسة ابتدائية في العام الواحد.. أي 1650 مدرسة ابتدائية في الشهر الواحد.. أي أكثر من 54 مدرسة ابتدائية في اليوم الواحد.. أي أكثر من مدرستين ابتدائيتين كل ساعة!
§   4700 مدرسة ثانوية في العام الواحد.. أي 391 مدرسة ثانوية في الشهر الواحد.. أي أكثر من 12مدرسة ثانوية في اليوم الواحد.. أي أكثر من مدرسة ثانوية واحدة كل ساعة!
§   حوالى 112 مؤسسة تعليم عالٍ في العام الواحد.. أي أكثر من 9 مؤسسات تعليم عالٍ في الشهر الواحد.. أي مؤسسة تعليم عالٍ كل ثلاثة أيام تقريباً..
     وكما ترون فإن الصين، وخلال 20 عاماً، كانت تبني أكثر من مدرستين إبتدائيتين كل ساعة.. وأكثر من مدرسة ثانوية كل ساعتين.. وجامعة واحدة كل ثلاثة أيام!!
     إلى أن توَّجت الصين مؤخراً إنجازها الرهيب و"المرعب" هذا بأن جعلت التعليم الأساسي الإلزامي (أي المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة) تعليماُ مجانياً، وذلك اعتباراً من عام 2007، بما في ذلك الكتب المدرسية ورسوم التسجيل، وقد جعلت من التعليم "أولوية استراتيجية وطنية".
     أما في مصر، يا أبنائي الأعزاء شكراً، فإن عدد الأميين الآن يبلغ نحو 17 مليون أميّ، أي ما نسبته 22،2% من عدد السكان!! ناهيك عن أن المتعلمين من المصـريين هم أصلاً شبه أميين، ويستنزفون مداخيل ذويهم في الدروس الخصوصية، كدليل على اهتراء النظام التعليمي في مصـر.. وما علينا سوى أن نلاحظ أن عدد المتخرجين في الجامعات في عصر عبد الناصر قد بلغ في الستينيات 6 ملايين متخرّج جامعي في وقت كان تعداد السكان آنذاك يبلغ 30 مليون نسمة.. أما الآن وتعداد السكان نحو 80 مليون فإن عدد المتخرجين في الجامعات يبلغ 5،5 مليون متخرّج جامعي فقط!
     فكيف لمصر لأن تصبح دولة قوية وفيها هذا الكم الهائل من الأميين، ونظامٌ تعليمي خردة، ومتخرجون في الجامعات يتناقص عددهم يوماً بعد يومٍ والله وحده الأعلم بمستواهم العلمي! فمن سيتولى القيام بالأبحاث العلمية إذا أرادت مصـر أن تكون دولةً قوية، وما هو مستواهم العلمي! وهل يظنَّن أحد منكم أن أي دولة في العالم ممكن أن تكون قوية دون أن يكون فيها كمّ هائل من الباحثين؟! إن أقوى دولة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية، فيها 1،3 مليون باحث، وإذا ما قسمناهم على عدد السكان البالغ 307 ملايين أميركي نجد أن في أميركا باحثاً واحداً من بين كل 236 مواطناً أميركياً! أما في الصين، التي نريدكم أن تحذوا حذوَها أو على الأقل أن تتمرَّغوا بترابها، فتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة، إذ يوجد فيها الآن 926 ألف باحث، أي أن في الصين باحثاً واحداً من بين كل 1445 مواطناً صينياً! ولكي نوفر هذا الكم الهائل من الباحثين علينا توفير ميزانية أكثر "هولاً" للأبحاث.. والصين هذه قد وصل إنفاقها عام 2006 على أبحاث العلم والتنمية 136 مليار دولار، وهي ثاني أكبر ميزانية في العالم بعد الولايات المتحدة.
     نختم هذا الحديث في الصفحة التالية لنقول لشباب ثورة مصـر: 
                        في الصين لا يدهنون الهوا دوكو! (إضغط هنا)
    
     (نُشر هذا الموضوع في مجلة الشـــراع اللبنانية بتاريخ 28 آذار/ مارس 2011، العدد 1486).
                   
*********************************************************************
                                 فهرس كتاب
                    "على هامش ثورة شباب مصر"
*********************************************************************
                                 فهرس كتاب
                   "حوار مع صديقي الإسلامجي"
*********************************************************************                                                           
                            إقرأ قصيدة "مشايخ.. ومشايخ"                
     
                                       (شعر: حسين احمد صبرا)

*********************************************************************
                               فهرس الكتب              
*********************************************************************
                            إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية على موقعها الإلكتروني التالي:
                                           www.alshiraa.com                 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق