الصفحة الرئيسة

2013/01/13

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي- الإخوان المسلمون في مصر على خطى حزب الله في لبنان!

وحدَها تربيةُ الإخوان المسلمين هي التي دفعت بميليشياتهم يوم الأربعاء في 5/ 12/ 2012 إلى الإعتداء على النساء المتظاهرات ضرباً وشتماً وتكميمَ أفواهٍ نهاراً، وسحلاً في الشوارع ليلاً، وإصدارِ الأوامر إلى بعضهم البعض بأنْ "خذوهم سبايا"، وكأنَّا بمصر قد عادت على أيدي الإخوان إلى عصور الجاهلية الأولى! فعن أي دولة قانون يتحدَّث مرسي وقد قامت الميليشيات التابعة لجماعته باعتقال أكثر من 140 من الرجال والشباب والفتية تمَّ حشرُهم أمام بوابة قصره الرئاسي وتعذيبهم والتحقيق معهم وإجبارهم على الإعتراف بأنهم بلطجية تابعين للنظام السابق وقبضوا أموالاً


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا




بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي
الإخوان المسلمون في مصر
على خطى حزب الله في لبنان!

 



حسين احمد صبرا
وحدَها تربيةُ الإخوان المسلمين هي التي دفعت بميليشياتهم يوم الأربعاء في 5/ 12/ 2012 إلى الإعتداء على النساء المتظاهرات ضرباً وشتماً وتكميمَ أفواهٍ نهاراً، وسحلاً في الشوارع ليلاً، وإصدارِ الأوامر إلى بعضهم البعض بأنْ "خذوهم سبايا"، وكأنَّا بمصر قد عادت على أيدي الإخوان إلى عصور الجاهلية الأولى! فعن أي دولة قانون يتحدَّث مرسي وقد قامت الميليشيات التابعة لجماعته باعتقال أكثر من 140 من الرجال والشباب والفتية تمَّ حشرُهم أمام بوابة قصره الرئاسي وتعذيبهم والتحقيق معهم وإجبارهم على الإعتراف بأنهم بلطجية تابعين للنظام السابق وقبضوا أموالاً من جهاتٍ داخلية وخارجية، ثم يقوم مرسي بعدها بيومين بإضفاء الطابع الرسمي والشرعي والقانوني على ما ارتكبه هؤلاء متبنياً في الخطاب الذي ألقاه يوم الجمعة في 7/ 12/ 2012 كلَّ تلك الأكاذيب! وعندما يُخلي المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة مصطفى خاطر (الذي أشرف على تحقيقات النيابة في أحداث قصر الإتحادية) سبيلَ 136 متَّهَماً في تلك الأحداث لعدم ثبوت الأدلة ، يتم نقله إلى نيابات محافظة بني سويف في 12/ 12/ 2012، وهو أشبه بالنفي إلى الصعيد!
ووحدَها تربيةُ الإخوان المسلمين هي التي دفعت بعناصر ميليشياتهم إلى أن يكون السؤال الأول الذي راحوا يوجِّهونه إلى كل معتقلٍ في الإتحادية: أنت مسلم أم مسيحي؟.. ما  دفعَ بهم إلى أن يجعلوا الضربَ مضاعفاً إذا ما كان المعتقل مسيحياً كما فعلوا مع الصيدلي رامي صبري ومهندس الإتصالات المسكين مينا فيليب الذي أصبحت مشاهد تعذيبه بالصوت والصورة الشاهد الأكبر على مدى وحشية الإخوانجية..
ووحدَها تربيةُ الإخوان هي التي دفعت طبيباً إخوانياً تواجَدَ في قسم النيابة في الجبل الأحمر إلى أن يمتنع عن علاج السفير السابق يحيى نجم (الذي غيَّر التعذيبُ ملامحَ وجهه بالكامل) مبرِّراً هذا الطبيبُ جُرْمَهُ بأنَّ المرشد (محمد بديع) يحظر علينا معالجتك لأنك جاسوس وتتخابر مع جهاتٍ أجنبية، ودفعَ بطبيبةٍ إخوانية إلى أن تمتنع أيضاً عن علاجه وإلى أن تركله برجلها في الذهاب والإياب وتشتمه بأقذع الشتائم وهو المرمي أرضاً مكبَّلَ اليدين والرجلين .. ووحدَها تربيةُ الإخوان المسلمين هي التي جعلتهم يتعدون بالضرب والسباب البذيء على الناشطة السياسية علا شهبة، ثم يمنعونها من ركوب سيارة الإسعاف لتلقي العلاج من الجروح والكدمات.. ووحدَها هذه التربية التي تجعلهم يتعاطون مع كلِّ معارضٍ لهم على أنه كافر، إلى درجة أنَّ المعارض المعتقل براء حجازي حينما راح يتمتم بالشهادتين قالوا له مستهزئين: "إنت دي الوقت بقيت مسلم؟!"..
ولَكَم باتت التبريرات "التربوية" التي أعطاها قياديو الإخوان لكل هذا الإجرام مجالاً للتندُّر: فالرئيس مرسي برَّر الدم الذي سال بأنه مقابل الإعتداء على موكبه، والنائب الإخواني عمرو زكي برَّر الدم الذي سال بأنه مقابل كتابة شعاراتٍ ضد مرسي على جدران قصر الإتحادية ، والمتحدث الإعلامي بإسم الإخوان محمود غزلان برَّر الدم الذي سال بأنه حفاظٌ على الشرعية!
وها نحن –كما ترون- نتابع حديثنا عن تربية الإخوان المسلمين، وهي العبارة التي بات حزب الإخوان الحاكم في مصر يروِّج لها مؤخراً للإشارة إلى أنَّ المسؤولين الإخوانيين، الذين يتبوَّأون الآن مختلف المناصب في الدولة، قد تلقُّوا في تنظيم الإخوان المسلمين تربيةً صالحة، وقصدُهم أنها متفوِّقة على التربية التي يتلقَّاها عموم الشعب المصري من غير الإخوان، على غرار عبارة "أشرف الناس" التي يُطلقها حزب الله في لبنان على أتباعه، وهي عبارات تستهوي عادةً الميليشيات العنصرية التي تحكم بمنطق الدويلات..
يوم الأربعاء في 5 كانون الأول/ ديسمبر 2012 شاهد المصريون والعالم أجمع ولمسوا لمسَ اليد نموذجاً حياً من "تربية" الإخوان المسلمين هؤلاء من خلال ما يُعرف بأحداث الإتحادية، أي حرب الشوارع التي دارت رحاها في محيط قصر الرئيس الإخواني محمد مرسي في منطقة مصر الجديدة بعد الأزمة التي فجَّرها الإعلان الدستوري الصادر في 21/ 11/ 2012 وفيه أعطى مرسي لنفسه صلاحياتٍ شبه إلهية، ما دفع بالمصريين إلى تشبيهه بالفرعون والحاكم بأمر الله وأثار ضده التظاهرات والإعتصامات، كان أشهرها التظاهرة حول قصر الإتحادية يوم الثلاثاء في 4/ 12/ 2012 وأُطلق عليها إسم مليونية الإنذار الأخير، حيث تمَّ في نهايتها نصب ثماني خيم بالقرب من أسوار القصر للإعتصام فيها..
الرئيس الإخواني محمد مرسي، وهو واحدٌ ممَّن تَرَبُّوا تربيةَ الإخوان المسلمين، خرج من الباب الخلفي للقصر الرئاسي في الإتحادية مارّاً من أمام عشرات الآلاف من الشعب المصري غيرَ آبهٍ لهم، وهم الذين جاؤوا ليتظاهروا أمام قصره من بعد ما منحه لنفسه في الإعلان الدستوري من صلاحياتٍ إلهية، ماسحاً بأستيكة ما سبق له أن وعد المصريين به على الملأ قبل انتخابه رئيساً حينما قال: "إذا جاء المعارضون يتظاهرون أمام قصري سأستقيل".. إلا أنه في تلك اللحظة بالذات، ولم يكن قد مضى على تبوُّئه منصب رئيس الجمهورية سوى خمسة أشهر، إذ به يتعامل مع شعبه (من غير الإخوان) بمنطق ما فوق الإله، لماذا؟! ذلك أنَّ منطق الله العليّ القدير هو في قوله تعالى: "وإذا سألكَ عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعِ إذا دعاني".. أما الرئيس الإخواني محمد مرسي، الذي هو نتاج تربية الإخوان المسلمين كما أشرنا، فإنه لم يكتف بتجاهل شعبه المتظاهر ضد صلاحياتٍ لم ينتخبه على أساسها، تلك التي تجعله يفلت من المساءلة والمحاسبة ليطغى في الأرض دون حسيبٍ أو رقيب، وإنما جاء الرد عبر قيام مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان، والذي يُعتبر الحاكم الفعلي في مصر حالياً، بإرسال ميليشيا الإخوان المسلمين في اليوم التالي ليقوموا نهاراً بالإعتداء على المعتصمين بقوة الذراع والسلاح وإزالة خيمهم، وليخوضوا ليلاً حرب شوارع ضد غالبية الشعب المصري المعارض بالحجارة والخرطوش والرصاص الحي، وقد أمعنوا كلَّ من وقع في أيديهم قتلاً وسحلاً وضرباً وتعذيباً واعتقالاً وتحقيقاً ونزعاً للإعترافات الملفَّقة بالقوة وشتماً بأقذع الشتائم وأكثرها بذاءةً، مقدِّمين على الملأ نموذجاً حياً عن "التربية" التي يتلقَّاها كلُّ مَنْ ينتسب إلى تنظيم الإخوان المسلمين..
لقد هجمت ميليشيا الإخوان على خيم المعتصمين السلميين حول القصر الرئاسي (عددها ثماني خيم) نهار الأربعاء في 5/ 12/ 2012 وهم يهرولون هرولةً عسكرية ويهتفون "الله أكبر، حي على الجهاد"، ويردِّدون شعار "قوة، عزيمة، إيمان"، وهو الشعار الذي درجت القوات المسلحة المصرية على استخدامه لشحذ الهمم ورفع المعنويات (وتحديداً القوات الخاصة وقوات الصاعقة وفرق المظلات) قبيل الذهاب لتنفيذ عملياتٍ فدائية ضد العدو الإسرائيلي أثناء حرب الإستنزاف وخلال حرب أكتوبر..
إذاً، تربية الإخوان المسلمين تقوم على أنَّ كلَّ من يعارضها فهو عدو، وأيُّ عدو، إنه عدو الله.. أي أنه كافر! ذلك أنَّ الجماعة قد جعلت نفسَها بمنزلة الله: مَنْ يعاديها فهو يعادي الله ومَنْ يحابيها فهو يحابي الله، وتلك هي التربية التي كان قد بدأها مؤسس الإخوان حسن البنا حينما كان يقول لأتباعه: "مَنْ أطاعني فقد أطاع الرسول، ومَنْ أطاع الرسولَ فقد أطاع الله، ومَنْ عصاني فقد عصى الرسول، ومَنْ عصى الرسولَ فقد عصى الله"!
إنَّ الَمشاهد الحيَّة بالصوت والصورة والمعروضة على المحطات الفضائية والمنشورة على الإنترنت، بالإضافة إلى الشهادات التي أدلى بها العديد ممن تعرضوا للإعتداء على يد ميليشيا الإخوان، لهي أكبر دليل على نوعية التربية التي يتلقَّاها الإخوان قياداتٍ وأطراً وعناصرَ دفعتهم وبسرعة البرق إلى أن يُوقِعوا مصرَ تحت رحمة شريعة الغاب بعد أشهر قليلة فقط على وصولهم إلى السلطة.. ولا يُخفي الإخوان وجود ميليشيات مسلَّحة لديهم، فهي واضحة جداً في هتاف الإخوان للمرشد: "إدِّينا إشارة نِجِيبْهُم لك في شْكارة" (شكارة تعني الكيس أو الشوال)، وواضحة جداً في خطاب النائب الإخواني محمد البلتاجي في الأزهر أثناء تشييع اثنين من قتلى الإخوان سقطا في أحداث الإتحادية، حينما قال إنَّ جماعة الإخوان المسلمين مستعدة لتقديم الشهداء حال الخروج عن الشرعية وأنَّ ساعة الصفر بالنسبة لنا ستكون عند اقتحام المعارضة ماسبيرو وقصر الإتحادية! كما هي واضحة جداً في تبنِّي الرئيس مرسي في خطابه في 7/ 12/ 2012 ما ارتكبته من جرائم في محيط قصره وعلى بوَّابته! وكم هو أمرٌ مضحك نَفْيُ القيادي الإخواني حسين عبد القادر أن يكون الإخوان قد حملوا السلاح أثناء اشتباكات الإتحادية حينما قال: "الإخوان لا يحملون إلا السِواك"!! ما دفع بالناشط السياسي الوطني جورج إسحاق (رئيس حزب الدستور تحت التأسيس) إلى أن يرد عليه مستهزئاً: "يا سلام، إيه النعومة والجمال ده !!"..

الكاذب الأكبر

كلُّ الدلائل تشير إلى أنَّ المجازر التي ارتكبتها ميليشيا الإخوان لم تكن بمعزل عن تخطيط وأوامر وتدبير من القيادة العليا.. وانظروا إلى ما فعله كبيرُهم، المرشد العام محمد بديع، وهو بالمناسبة دكتور، ومهنته طبيب بيطري (كل قيادات ميليشيا الإخوان والسلفيين دكاترة!!).. لقد عقد مؤتمراً صحافياً في مقر الجماعة الرئيس في المقطَّم، ادَّعى فيه كذباً وزوراً وبهتاناً ودون أن يَرُفَّ له جَفْنٌ، بأنَّ جميع المظلومين الذين قتلوا أثناء اشتباكات الإتحادية هم شهداء من الإخوان المسلمين، وعلَّق على الحائط ثماني صور للضحايا بدت من خلفه وهو يتحدَّث، من بينها صورة للصحافي الناصري والمعادي للإخوان الحسيني أبو ضيف، الذي كان ما يزال حينها يرقد في العناية المركَّزة في مستشفى القصر العيني وقبل وفاته بأسبوع! وصورة أخرى للضحية كرم جرجيوس وهو مسيحي، وثالثة للضحية محمد السنوسي، وغيرها من الصور.. وراحت قيادات الإخوان تشيع في كافة الوسائل الإعلامية بأنَّ جميع الضحايا هم من الإخوان وبانهم قُتلوا برصاص المعارضة وبلطجية فلول النظام السابق ويقسمون على ذلك بأغلظ الأيمان، حتى أنَّ النائب الإخواني عمرو زكي قال لإحدى المحطات الفضائية وهو يُقسم بأغلظ الأيمان بأنَّ جميع القتلى هم من الإخوان: "وروحوا شوفوا المآتم"!! في حين أنَّ النيابة العامة أفادت مساء الخميس في 6/ 12/ 2012، أي بعد يومٍ على اشتباكات الإتحادية، بأنَّ جثةً واحدة فقط من بين سبع جثث موجودة في مشرحة زينهم تعود لشخصٍ من الإخوان المسلمين.. وليس أدل على ذلك من أنَّ الإخوان لاحقاً لم يشيِّعوا في الأزهر سوى جثتين إثنتين فحسب، وهذا أكبر دليل على ادعاءاتهم الكاذبة بأنَّ جميع ضحايا الإشتباكات هم من الإخوان، وقد كان غرضَهم من هذا الكذبِ الظهورُ بمظهر الضحية، وفي المقابل تبرئة أنفسهم من تلك الجرائم الشنيعة من خلال إظهار أنَّ المعارضة وفلول النظام السابق هم مَنْ تعمَّدوا الإعتداء على الإخوان وقتلهم وسحلهم في الشوارع!
إنَّ سامح السنوسي، شقيق الشاب المظلوم محمد السنوسي (عامل بناء)، ظهر على شاشة العديد من المحطات الفضائية المصرية كاشفاً كيف أنَّ الإخوان المسلمين "يقتلوا القتيل وعايزين يمشوا في جنازته"، وكيف أنهم حاولوا إقناعه (وهو يتسلَّم جثة شقيقه في مشرحة زينهم) بأن يوافق على أن يقوم الإخوان بتشييع جثة شقيقه مع باقي الجثث، مدَّعين بأنَّ شقيقه هو من الإخوان، فردَّ عليهم قائلاً:"إحنا لا من المعارضة ولا تبع الإخوان، إحنا ناس في حالنا وسيبونا في حالنا، وبنطلب العَوَض من صاحب العوض".. كما روى النائب خالد شعبان (من الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي) أنَّ الإخوان طلبوا من والد أحد مَنْ قُتلوا برصاصةٍ في رأسه، وهو يتسلَّم جثة إبنه في مشرحة زينهم ، أن يكتب في تقرير الإستلام أنَّ إبنه كان من مؤيدي الرئيس مرسي، عارضين عليه مبالغ مالية، إلا أنه رفض وقال لهم: "دَمُّه برقبتكم"..

الحسيني أبو ضيف

على أنَّ فضيحة الإخوان الكبرى أكثر ما تجلَّت مع الصحافي الناصري المظلوم الحسيني أبو ضيف بعدما أصرَّ الإخوان من كبيرهم (المرشد) إلى صغيرهم على أنَّ أبو ضيف هو من الإخوان ومن مؤيدي مرسي، فيما الحقيقة أنَّ هذا الصحافي المظلوم، العامل في صحيفة "الفجر" المصرية، قد قُتل عمداً أثناء فض خيم الإعتصام نهار الأربعاء في 5/ 12/ 2012 بإطلاق الرصاص على رأسه من قبل ميليشيا الإخوان ومن على بعد مترين إثنين (وفق ما أفاد الطبيب الشرعي)، والسبب أنه معادٍ للإخوان بسبب مقالاته في "الوطن" وأبرزها مقالٌ كشف فيه أن صهر الرئيس محمد مرسي (بعل شقيقته) كان متَّهَماً بعملية رشوة وأنَّ مرسي بعدما أصبح رئيساً سحب ملف القضية من القضاء! كما كتب على حسابه في "تويتر" قبل يومٍ واحد من قتله أنَّ الإخوان يحضِّرون لمذبحة في الإتحادية، هذا بالإضافة إلى أنَّ الحسيني كان يلتقط صوراً أثناء أحداث الإتحادية (حين فض الخيم بالقوة) تدين الإخوان وتُظهر تعدِّيهم بالسلاح والضرب والتعذيب على المعتصمين في الخيم.. وخير دليلٍ على أنَّ قتل أبو ضيف قد تمَّ عمداً الدعوى التي تقدَّمت بها إلى النيابة العامة ثلاثُ صحفيات كنَّ متواجدات قرب قصر الإتحادية، أفدنَ فيها بأنهنَّ شاهدنَ صحافيين من الإخوان المسلمين يتحدثون مع مجموعة من ميليشيا الإخوان المهاجمين ويشيرون بأيديهم إلى الصحافي الحسيني أبو ضيف، وعلى الفور توجَّهت هذه المجموعة نحو أبو ضيف وأطلقت النار على رأسه من مسافةٍ قريبة..
أما شقيق الحسيني أبو ضيف، سالم أبو ضيف، فقد عقد مؤتمراً صحافياً كشف فيه أنَّ وفداً من الإخوان المسلمين زاره في منزله محاولاً بالترغيب والترهيب إقناعه بالإدعاء بأن شقيقه الحسيني كان ينتسب إلى جماعة الإخوان!! وقد رفض الشقيق كما كل أفراد العائلة هذا العرض وأكد سالم في كل أحاديثه إلى وسائل الإعلام المختلفة أنَّ شقيقه كان ناصرياً بحتاً..
ورغم كل ذلك فإنَّ الإخوان عمدوا إلى استخدام شتى الحيل لإظهار أنَّ أبو ضيف هو مؤيد للإخوان، حتى أنَّ وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود زار غرفة الحسيني أبو ضيف في العناية المركَّزة في مستشفى القصر العيني في 9/ 12/ 2012 منتهزاً فرصة غياب أهله وزملائه الذين كانوا يعقدون مؤتمراً صحافياً ينفون أن يكون إبنهم وزميلهم من الإخوان بل ويتَّهمون الإخوان بقتله عمداً.. فإذ بوزير الإعلام الإخواني يصرِّح بعد خروجه من غرفة الحسيني بأنَّ الأخير كان مؤيداً للرئيس محمد مرسي!! (توفي الحسيني أبو ضيف في 12/ 12/ 2012)..

إذا كان رَبُّ البيت بالطبل ضاربٌ

ليس شاملاً ما قاله الطبيب النفسي الأشهر من أن يعرَّف الدكتور أحمد عكاشة من أنَّ السجين يتحوَّل إلى سجَّانٍ عندما يصل إلى السلطة كنوعٍ من الإنتقام بفعل ما تعرَّض له من تعذيب، في إشارةٍ منه إلى الخطر الذي يمثِّله وصولُ الإخوان المسلمين إلى السلطة بعد عقودٍ طويلة تعرَّضوا خلالها للإعتقال والتعذيب.. لماذا؟
فهذا التحليل، وإن كان صحيحاً في جانبٍ منه، إلا أننا لا نستطيع تعميمه ليصبح قاعدة عامة تشمل جميع مَنْ يمارسون العنف والتطرف والإجرام، لأنه ليس هو السبب الأساس.. وكما يعلم الجميع فإنَّ الإخوان المسلمين انتهجوا سبل العنف والقتل والإجرام والتكفير قبل أن يتعرَّضوا لأي سجنٍ أو اعتقال.. ثم هاكُم حزب الله في لبنان والذي هو ربيب النظامين العلوي في سوريا والفارسي في إيران والإبن المدلَّل لهما، إنتهى إلى النقطة التي كان قد بدأ منها، وهي ممارسة الإجرام تطرفاً وعنفاً وتخويناً وقتلاً واتجاراً بالمخدرات، مع أنَّ أتباع الفرس هؤلاء لم يتعرَّضوا لا للسجن ولا للإعتقال ولا للإضطهاد، باستثناء أعدادٍ قليلة جداً منهم سُجنوا على يد قوات الإحتلال الإسرائيلي.. 
إذاً هي طبيعة الإجرام بالوراثة تُشَكِّل الأساس العام لتلك الشخصيات إلى جانب أسبابٍ ثانوية تردفها.. إنه الإجرام من أجل الإجرام، وبشكلٍ أكثر وضوحاً: إنه منطق الريف يصارع منطق المدينة (وهو حديثٌ سنفرد له مساحة مستقلة)، وتوقَّعوا أن تصل الأمور إلى هذا الحال حتماً في جميع الدول التي يتسلَّم زمامها ذوو العقول الريفية.. ولاحظوا أوجه الشبه، ضمن صراع منطق الريف ضد منطق المدينة، بين الحصار الذي تعرَّض له المجلس النيابي في لبنان قبل بضع سنوات على يد ميليشيا حزب الله وبين الحصار الذي تتعرَّض له حالياً المحكمة الدستورية في مصر الآن على يد ميليشيا الإخوان المسلمين، وكيف يُراد لمنطق شريعة الغاب أن يتغلَّب على منطق دولة القانون..
ويكفي أن تنظروا إلى ضحالة العقول عند الرؤوس الكبيرة في الإخوان المسلمين، المنبع الرئيس في "التربية" التي هي موضوع حديثنا هذا: أنظروا إلى مدى الإفتئات على الله والتطرُّف والسطحية عند زعيم تنظيم الإخوان الدولي الشيخ يوسف القرضاوي حينما راح يكفِّر جميع ضحايا تسونامي في أندونيسيا في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2004 والذي ذهب ضحيته أكثر من ربع مليون قتيل، حينما اعتبر القرضاوي أنَّ هذا الزلزال هو عقوبة إلهية بسبب احتفالات أعياد الميلاد وما يتخلله من تحدٍّ للخالق وترويجٍ للزنا والشذوذ! وانظروا إلى روح الفتنة والتعصُّب والتهور عند المرشد العام الأسبق للإخوان المسلمين مصطفى مشهور حينما صرَّح عام 1997 بأنَّ الشريعة الإسلامية تمنع وجود مسيحيين في الجيش لأنه "لمَّا تيجي دولة مسيحية تعتدي على الدولة الإسلامية وفيه في الجيش عناصر مسيحية، ممكن يمالئوا ويسهِّلوا للعدو أن يهزمنا"! وانظروا إلى مدى الطيش والإستهانة والنكران، الناجم عن التأله، عند المرشد العام السابق محمد مهدي عاكف عندما صرَّح عام 2005 قائلاً: "طز في مصر وأبو مصر واللي في مصر"! وانظروا إلى مدى روح النفاق والإنتهازية عند الإخوان ومدى ارتباطهم الجذري بالنظام السابق عندما صرَّح المرشد الحالي محمد بديع من على شاشة "دريم" في نيسان/ ابريل من عام 2010 (أي قبل ثورة يناير بتسعة أشهر) قائلاً: "إنَّ مبارك هو أبٌ لكل المصريين"!.. إيه، فتِّش عن التربية.. ونِعْمَ التربية!

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 14 كانون الثاني/ يناير 2013، العدد رقم 1578).


الحديث السابق:
الحديث التالي:


فهرس كتاب:
(تأليف: حسين احمد صبرا)
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق