الصفحة الرئيسة

2011/08/27

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بين منطق الله ومنطق إبليس.. الإسلامجية زاهدون في الحياة الدنيا يا زَلَمِي!


إِنَّ الإسلام كرسالة بلَّغَها جميعُ أنبياء الله ورسله إلى البشر إنما يتلخَّص في جملةٍ واحدة لا غـير، ألا وهي: الزهد في الحياة الدنيا.. على أَنَّ الشائع عن الزهد هو أَنْ يَرْغَبَ الإنسانُ عن كل ما في الحياة من مباهجَ ومُتَعٍ وملذّاتٍ وشهوات، أي أَنْ يتقشَّف و"يَتَدَرْوَش" ويعتكف ويعـتزل... ولِلْعِلْم، فإنَّ هذا المنطق لم يَرِدْ ذِكْرُهُ في القرآن الكريم بتاتاً البَتَّة.. فالله لم يطلب من الإنسان الإمتناع عن بناء قَصْرٍ طالما هو مُقْتَدِرٌ على ذلك مادياً، والإستعاضةَ عنه بكوخٍ من القش والقصب أو ألواح الزنك..




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




                                           كتاب:
        حوار مــع صديقـــي الإسلامجـــي
                                                     تأليف: حسين احمد صبرا

            
                         بين منطق الله.. ومنطق إبليس
             الإسلامجية زاهدون
          في الحياة الدنيا يا زَلَمِي!


     حسين احمد صبرا
أَوَّل هامّ، أَنَّ الإسلام كرسالة بلَّغَها جميعُ أنبياء الله ورسله إلى البشر إنما يتلخَّص في جملةٍ واحدة لا غير، ألا وهي: الزهد في الحياة الدنيا..
يعني بصريح العبارة: لقد دعا اللهُ الإنسانَ إلى أن يعيش في الحياة الدنيا وهو زَهِيْدُ العـين، وبالعبارة الدارجة أَنْ تكون عينُه شبعانة.. ونهاه عن أَنْ تكونَ عينُه فارغة.. وبعبارةٍ أَدَقّ: دعاه إلى أَنْ يَطْمَح، ونهاه عن أَنْ يَطْمَع..
على أَنَّ الشائع عن الزهد (كما هو حالُ المعنى في اللغة وفي المفهوم العام وبالتالي في التطبيق) هو أَنْ يَرْغَبَ الإنسانُ عن كل ما في الحياة من مباهجَ ومُتَعٍ وملذّات وشهوات، أي أَنْ يتقشَّف و"يَتَدَرْوَش" ويعتكف ويعـتزل.. فإذا ما كان لديه القدرة على اقتناء سيارة حديثة فإنه يستبدلها بحمارٍ أو عَرَبَة كارُّو أو "مُوتُو رِجْل".. وعِوَضَ أنْ يأكل ما لذَّ وطاب من أطعمة شهيَّة وغنية بالغذاء الكامل، وفيتامين سي البرتقال (حسب نصيحة سعد الصُغَيَّر)، تَجِدُهُ يَعِيْفُها مستعيضاً عنها بِبَصَلةٍ وكسرةِ الخبز المتعفِّن.. بمعـنى أن يتعمَّد الإنسانُ حرمانَ نفسه من ملذّات الدنيا وأطايِبِها زُهْداً عن الحياة الدنيا وتَقَرُّباً من الله تعالى..
ولِلْعِلْم، فإنَّ هذا المنطق لم يَرِدْ ذِكْرُهُ في القرآن الكريم بتاتاً البَتَّة.. فالله لم يطلب من الإنسان الإمتناع عن بناء قَصْرٍ طالما هو مُقْتَدِرٌ على ذلك مادياً، والإستعاضةَ عنه بكوخٍ من القش والقصب أو ألواح الزنك.. وإنما دعاه إلى أن يجعل من هذه الدنيا جنةَ الله على الأرض ساعياً ما بوسعه ليحقِّقَ كل ما يمكن أن يجلُبَ السعادةَ له وللآخرين.. والشرطُ، كما ذَكَرْنا، أن تكون عينُه شبعانةً فَيَطْمَح، لا أن تكون عينُه فارغةً فَيَطْمَع..
إِنَّ إنساناً طَمُوحَ عينُهُ شبعانةٌ هو ذلك الإنسانُ المطلوب منه التسليم بمشيئة الله والسعي للحب والخـير والجمال والرُّقِيّ والعمران والإزدهار، والإتِّسام بالصدق والأمانة والنزاهة وعفَّة النفس والإخلاص والوفاء والتضحية والإيثار والتواضع والصبر، وأن يبتغي العدلَ سبيلاً، وأن يُحِبَّ للآخرين ما يُحِبُّ لنفسه.. فيُشِيْعُ من حوله الحبَّ والدِفْءَ والعطاءَ ويَسْلَمُ الناس مِنْ شَرِّهِ وأَذاه..
وهذا ليس كلامُ إنشاء، إذ أننا لن ندرك فحوى هذا الكلام إلا إذا ما قارنّاه بما هو موجودٌ في الجهة المقابلة حيث الطمعُ في الحياة الدنيا والعـينُ الفارغة والنَفْسُ الدنيئة والنهم و"الفَجْعَنة" والبلاوي المِتَلْتِلة!
إننا في الجهة المقابلة نَجِدُ التالي: الغـيرة والحسد والحقد.. والإدِّعاء و"الفَشْخَرة" والنَفْخة الكذّابة.. والغرور والخَيْلاء و"الأَنْزَحة" والتأَلُّه.. والكيدية والشماتة.. والإفـتراء والكذب والسرقة والغش والتزوير والإحتيال والخداع.. وانعدام الوفاء ونكران االجميل.. والإنتهازية والنفاق والطعن في الظهر، وفي الوِشّ مراية وفي القفا حِدّاية.. وصولاً إلى العنصرية والطائفية والمذهبية والفئوية وإشعال الفـتن والحروب وسفك الدماء وإحلال الخراب والدمار في كلِّ ديار، وقهر الناس وظلمها والتنكيل بها وكَمِّ أفواهها ودَوْسِ كرامتها والتلاعب بمصيرها ومصادرة مستقبلها..
والطامعُ مَنْهُومٌ، فهو لا يشبع من المال ولا من السلطان ولا من أي شيءٍ يخطر على البال، ذلك أنَّ العـينَ الفارغة لا يملأُها إلا الـتراب.. فهو نَهْمانٌ فَجْعان ومريضٌ بجوعٍ مُزْمِن!
يَخْتالُ مُتَكَـبِّراً و"مُتأَنْزِحاً" إذا ما تَسَنَّمَ مَنْصِباً أو حـتى إذا ما حصل على لَقَب "باش بطيخ".. وها هو هنا يُدِيْنُ نفسَه بنفسه حينما يُظْهِر بلا وعيٍ منه ولا تَعَمُّد بأنه بدون هذا المال أو المَنْصِب أو اللَقَب لا يساوي ملِّيماً أَحْمَرَ.. إنه هنا يبحث عن مكانته عند الناس لا عن مكانته عند الله.. فهو مريضٌ بِعِقَدِ الفقر والدونية!
يموتُ بِغَيْظِهِ كلَّما رأى (أو تراءى له) أَنَّ فلاناً أَفضلُ منه.. فهو طامعٌ غـيرُ قانِع.. والسؤال الذي يَجْـتَرُّهُ آناءَ الليل والنهار كلما حَلَّتْ نعمةٌ مِنْ نِعَمِ الله على الآخرين هو التالي: لماذا فلانٌ وليس أنا.. وتراه يمضي كلَّ حياته جاهداً في السِرِّ وفي العلن علَّه يَحُول دون حلول أَيٍّ مِنْ نِعَمِ الله على الآخرين، فصاحبُنا الشَرِهُ الفَجْعان يريد الدنيا له لِوَحْدِه..
ثُمَّ تأتي لِتقولَ بأَنَّ الإسلامجية زاهدون في الحياة الدنيا يا زَلَـمِي! (باللبناني يا زَلَمِي، بالمصري يا راجل، بالسوداني يا زُوْل).
دعونا نبدأ بالزِيْطة والزَمْبَلِيْطة التي يقدِّم الإسلامجيةُ أنفسَهم من خلالها إلى الناس: فَهُمُ الزاهدون الوَرِعون المُتَّقون، الذين يريدون بيعَ الحياة الدنيا بقرشِ صاغ بُغْية الفوزِ بالآخرة..
في البداية لا بُدَّ من الإشارة أولاً إلى أَنَّ ما يدَّعونه من زُهْدٍ إنما لم يَفْرِضْهُ الله على المسلمين ولا على القوم الأوَّلـين، وهو ما سبق أَنْ أشرنا إليه أعلاه.. ورغم ذلك فإنَّه لا يَنْدُرَ أَنْ تجد بـين المسلمين (جماعاتٍ أو أفراداً) مَنْ مارسَ الزهدَ وما يزال بالمعنى الحَرفي للكلمة منذ الأيام الأولى للإسلام إلى عصرنا هذا، ومنهم مَنْ أسَّسَ فِرَقاً وأرسى طُرُقاً لممارسة ما بات يُعْرَف بالصوفية، وهي مدارس تكاد تكون مذهباً من مذاهب المسلمين التي ما أنزلَ الله بها جمعاء مِنْ سُلطان! ومع ذلك فإنَّ الزاهدين المتصوِّفين هؤلاء وعبر التاريخ ارتأوا أنْ يعبدوا الله على هذا المنوال، وقد كان العديد منهم من خـيرة البشر المسالمين، ولم يَسْبِق لأيٍّ منهم أن أثار فتنةً بـين المسلمين أو سعى للإنقضاض على السلطة والإمساك برقاب الناس للتنفيس عن عِقَدِهِ الناجمة عن الطمع و"الفَجْعَنة"، اللهم إلاّ مَنْ كان منهم يدَّعي الزهدَ بالزور والبُهتان فيما هو طَمَّاعٌ فَجْعان!
أما في ما يتعلَّق بالإسلامجية فأَمْرُهُم مختلفٌ تمامَ الإختلاف، لا بل هو على النقيض تماماً وعلى طول الخط.. وإليكم الطمع بالحياة الدنيا على أصوله:
أولاً، أنَّ الإسلامجية الذين يدَّعون الزهدَ في الحياة الدنيا لا يريدون الوصول إلى السلطة فحسب، بل ويريدون الإمساك بتلابيبها من قمة الرأس حـتى أخمص القدمين تحايلاً وعنوةً وبالعافية.. إنهم يريدون السلطة كلَّ السلطة دون التنازل عن شعرةٍ واحدة منها، ومنطقهم: أنا ومن بعدي الطوفان، وعليَّ وعلى أعدائي يا رب.. فهل هذا زهدٌ وطَمَاعِيَة بالحياة الآخرة أم فَجْعَنَة وطَمَاِعَية بالحياة الدنيا؟!
ثانياً، العلاقة الجدلية بـين الإسلامجية والمال، والذي يتدفَّق عليهم بالهَبَل، حتى أنَّكَ تراهم يتنعَّمون به تنعُّمَ المعقَّدين بعُقَدِ الحرمان المزمن وعلى طريقة: شاف شي ما شاف شي، وكأنَّ الواحد منهم يا ضَنَايَ لم يكن ليحلم بأن يرى قرشاً واحداً في حياته! ناهيك عن أنَّهم بهذا المال يَشْرُونَ به الذمم ويُغْرُونَ به الجَوْعى من ذوي النفس الدنيئة للإكثار من أعداد الأتباع والمُسْتَزْلِمِين.. فمنذ مـتى كان الزهدُ سبيلاً للـثراء وشراء الذمم؟!
ثالثاً، لا يطيق الإسلامجية سماعَ رأيٍ يخالف رأيهم على اعتبار أنَّ كلَّ نَفَرٍ منهم بكلِّ شيءٍ عليم، إحتكَروا الأعلمية والفَهَامِيَّة والعبقرية.. ولكن ماذا "يُعَبْقِرُ" هؤلاء؟ لا أحد على سطح الكرة الأرضية بطولها وعرضها يدري! لعلَّها عبقرية سِرِّية.. ها ها ها.. فالأمر مضحك، اللهمَّ لا شماتة!
رابعاً، أنَّ هؤلاء العباقرة- مُدَّعِيْ الزهد- لا تغيب عن ألسنتهم لغة التهديد والوعيد والإفـتراء والتشنيع والترهيب والترعيب والتخوين والتكفـير ضدَّ كل من يخالفهم الرأي ويفضح طَمَاعَهم بالحياة الدنيا.. فما هذا؟! زاهدٌ وفي الوقت نفسه رَعَّابة؟! فهل أمرُ هؤلاء زهدٌ وطُهْر أم فَجْرٌ وعُهْر؟!
خامساً، إمتهانُ القتل وسفك الدماء ببراعة وحِرَفية فنية منقطعة النظـير وكأنَّ الواحد منهم جزار في سلخانة، يُقَطِّع ويُعَظِّم ويُوَضِّب ويُغَلِّف، ويَفْرُم قِطَعاً على الماكينة الناعمة وأخرى على الماكينة الخشنة، ويَعْرُبُ الدهنَ (تجنُّباً للكُلِّسترول ربما)..
سادساً، الهَوَس المَرَضي لدى هؤلاء في ما يتعلَّق باقتناء السلاح واستعماله لسفك دماء أكـبر عدد ممكن من خَلْقِ الله.. وأسباب هذا الهوس عديدة، أهمها على الإطلاق الإحساس المفرط والمؤرق بالضعف، وهو إحساس كامن في نفوس جميع من يتمتَّع بشخصية ذات نزعة متهوِّرة وإجرامية ومتطرِّفة، فيتم التعويض عن ذلك الضعف باقتناء السلاح واستعماله ليُثبت الواحد منهم لنفسه وللآخرين أنه هو الأقوى وهو الأعظم وهو المُلَحْلَح (طاووس العشيرة).. ناهيك عن أنَّ اقتناء السلاح واستعماله هو السبيل الوحيد المتاح أمامهم للإنقضاض على السلطة لتكون لهم وحدهم السيطرةُ المطلقة على كل أمور البشرية، وهو الأمر الناجم عن العقدة نفسها ألا وهي الإحساس بالضعف والذي يفجِّره بأشكالٍ شاذةٍ الخللُ في التركيبة النفسية والعقلية.
سابعاً، ما من جماعة أو تنظيم أو حزب إسلامجي إلا وهو صنيعة أجهزة استخباراتية محلية أو إقليمية أو دَولية، أو كلها مجتمعةً.. فهل أنَّ أجهزة الإستخبارات على كافة أنواعها في العالم قد أجمعت على نشر الزهد على سطح الكرة الأرضية علَّها تكفِّر عما ترتكبه من جرائم وموبقات بحق الإنسانية؟
ثامناً، أنَّ كل زمرة إسلامجية ما هي إلا عبارة عن جهاز أمني يتجسس على خلق الله، يجمع المعلومات ويكتب التقارير ويُحصي الأنفاس.. فما الذي لمَّ الزهدَ على التجسس؟!
تاسعاً، زراعة المخدِّرات والإتِّجار بها بحجة بيعها في مجتمعات "المشركين" و"الكفار" لجعلهم يدمنونها فتتفكَّك مجتمعاتهم وتتحلَّل ومِنْ ثُمَّ تنهار، فتكون الغلبة للزاهدين عن الحياة الدنيا! فيما الحقيقة تكمن في أنَّ المخدِّرات تدرُّ على الإسلامجية ثروات طائلة هي بمثابة تمويل ذاتي يضمن لهم الـثراء الدائم وبالتالي الحفاظ على ما اقتنصوه من سلطان وجاه، هذا من ناحية.. أما من الناحية الأخرى فإنَّ المتضرِّر الأكـبر من زراعة تلك المخدِّرات والإتِّجار بها إنما هو مجتمعاتُ المسلمين التي نشأ فيها الإسلامجية وينشطون  في ساحاتها، حيث بات انتشار إدمانها أكـثر بكثـير من انتشاره في مجتمعات "المشركين الكَفَرة".. وهو أمرٌ يستبشر الإسلامجية فيه خـيراً لأنه يسهِّل عليهم السيطرة على مجتمعات المسلمين وبالتالي ضم العدد الأكـبر من أفرادها إلى جحافل "الزاهدين".. أما لماذا لا يُصَنِّع الإسلامجية الخمرة ويتاجرون بها فالجواب بسيط وهو أنَّ التجارة بالخمرة ما "تجيبش هَمَّها"..
عاشراً، استخدام الجنس على أنواعه كوسيلة لإغراء عنصر الشباب في مجتمعات المسلمين حيث ينشط الإسلامجية، وذلك لـترغيبهم بالإنضمام إليهم للسير معاً في رحلة "الزهد" إياه!
حادي عشر، وبما أننا نتحدَّث عن زهد الإسلامجية في الحياة الدنيا، لا بد لنا من الإشارة إلى أنه يوجد بـين صفوفهم أنفسهم إبنُ سِتٍّ وإبنُ جارية.. فئةٌ تحصد المكاسب والمغانم وتكدِّس الـثروات، وفئةٌ لم تنجح سوى في حصد الفتات.. والصراع بـين إبن الست وإبن الجارية مستفحلٌ وجارٍ على "وِدْنه" كيما يكون كل واحد منهم هو إبن الست.. والشاطر بشطارته!
ثاني عشر، أنَّ كلَّ نَفَرٍ من الإسلامجية هؤلاء إنما يفرض نفسه على عباد الله كواسطة لا مناصَ عنها بينهم وبين بارئهم.. وإلا فَلْيَتَبَوَّأْ مَنْ يرفض منهم مقعدَه في النار!
 وفي الختام، وبعد كل هذا وذاك وذلك وذيَّانِك وذيَّالِك وأُولالِك، وبعد كل هذه الرحلة المشوِّقة في التعرُّف على الزهد والزهَّاد، نسأل:
هل عَرَفْتَ الفارق بين منطق الله ومنطق إبليس.. يا زَلَمِي؟!
ما دايم إلا وجه الله.. حَيّ!



                               
                                فهرس كتاب:      
                   "حوار مع صديقي الإسلامجي"
************************************************************************
                    إقرأ قصيدة "مشايخ ومشايخ"
                                   (شعر: حسين احمد صبرا)
************************************************************************
                              فهرس كتاب:
                   "على هامش ثورة شباب مصر"
************************************************************************
                       إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:
                             www.alshiraa.com                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق