الصفحة الرئيسة

2017/07/25

التقرير الرابع لبوريس نيمتسوف: "ماذا جلبت 10 سنوات من حكم بوتين؟"/ الفصل السابع: إنهيار المعاشات.



التقرير الرابع لبوريس نيمتسوف: "ماذا جلبت 10 سنوات من حكم بوتين؟"/ الفصل السابع: إنهيار المعاشات.





إنزل إلى أسفل لمتابعة القراءة





الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير الرابع (النص الكامل):
ماذا جلبت 10 سنوات
من حكم بوتين؟
(موسكو – 2010)

تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي عامي 1997 – 1998)
فلاديمير ميلوف
(نائب وزير الطاقة في روسيا عام 2002)

نقله من الروسية إلى الإنكليزية: ديفيد إيسّيل (2010)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)



Путин. Итоги. 10 лет

The Complete Nemtsov White Paper, Volume IV

PUTIN: What 10 Years of Putin Have Brought
An independent expert report by
Vladimir Milov and Boris Nemtsov

(Translated from the Russian to the English by Dave Essel (2010
(Translated from the English to the Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016



الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف، زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.

(ملاحظة: قبل توزيع هذا التقرير قام الكرملين بمصادرة عشرات الآلاف من النسخ منه، مع الإشارة إلى أنَّ نيمتسوف طبع منه مليون نسخة).

الفصل السابع:
إنهيار المعاشات


بوريس نيمتسوف
فلاديمير ميلوف
إنَّ الفوضى  عن إصلاح معاشات التقاعد كانت واحداً من أكبر إخفاقات بوتين.
إنَّ واحداً من أكبر إخفاقات بوتين كان الفوضى التي أوجدها جراء إصلاح معاشات التقاعد. لقد وعد بوتين عندما جاء إلى السلطة بأنه سيؤمِّن للبلاد نظام معاشات تقاعد حديث، من شأنه أن يوفِّر للمسنِّين دخلاً لائقاً، وفي الوقت نفسه لا يشكِّل عبئاً ضخماً على الميزانية.  
كان يمكن تحقيق هذا لو أنَّ البلد مضى في نظام تمويل معاشاتٍ تقاعدية يتم بموجبه دفع معاشات التقاعد من المساهمات المتراكمة والدخل المتأتي من استثمارها، وليس من مساهمات الموازنة العامة والعاملين حالياً. 
لقد كان إصلاح المعاشات كارثةً، وعلى الرغم من المفاجأة في أسعار النفط فقد بقيت المعاشات دون المستوى الرسمي للمعيشة طوال حكم بوتين.
إنَّ نظام توزيع معاشات التقاعد يتشقَّق عند الفتوق. وبالعودة إلى تقريرنا الأول عن بوتين فإننا توقَّعنا فيه أنَّ عجز صندوق التقاعد في روسيا سيصل إلى حد تريليون روبل (31,250 مليار دولار) بحلول عام 2015.
ولكنَّ تكهُّننا القاتم لم يكن قاتماً بما فيه الكفاية: فلقد بلغ العجز 1,166 تريليون روبل (36,437 مليار دولار) في عام 2010، أي ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي! إنَّ تمويل المعاشات التقاعدية بات شكلاً من أشكال الإستنزاف الرئيسة للميزانية الفدرالية الروسية اليوم.
وبما أنَّ الميزانية كانت خالية من الدسم بشكلٍ كارثي بما لا يسمح بدفع المعاشات التقاعدية من قبل النظام القديم، فقد قرَّر بوتين في عام 2009 التالي: 
أ- تجميد إضافي في رفع مرتبات موظفي الحكومة.
ب- رفع الضريبة الإجتماعية الموحَّدة (UST)، كما تقتضي إشتراكات الضمان الإجتماعي في روسيا، وذلك إلى 32 – 34% بدءاً من عام 2011 بالتزامن مع إلغاء السُلَّم التصاعدي السابق للمساهمات.     
من الواضح أنَّ هذا يضرُّ بشكلٍ خطير جيوبَ جميع دافعي الضرائب الروس، وذلك على حساب اقتصاد البلاد. وفي هذا الوقت من الأزمة أَمَرَ بوتين بأن يتقاضى موظفو الحكومة معاشاتٍ أقل (تجميد الرواتب في وقتٍ يستمر التضخم على قدمٍ وساق هو أمرٌ يعادل خفض الأجور). 
لقد تمَّ توجيه ضربة موجعة أخرى إلى المشاريع التجارية، فالشركات الصغيرة والمتوسطة، غير المشاركة في الموارد الطبيعية، تشعر بمعظم الألم جنباً إلى جنب مع المعنيين في مجال الإبتكار (هناك "بناءٌ لاقتصادٍ قائمٍ على الإبتكار" من أجلك!). وعلى عكس المشاريع التجارية القائمة على المواد الخام، فإنَّ الرواتب في المشاريع غير المشاركة في المواد الخام تشكِّل عنصراً هاماً من التكاليف وقيامها بدفع الزيادة في الضريبة الإجتماعية الموحَّدة (UST) سيكون امراً باهظاً للغاية.
إنَّ رفع الضريبة الإجتماعية الموحَّدة (UST) سيجعل الوظائف في روسيا الأكثر إرهاقاً في العالم من حيث الرواتب. فهل منكم مَنْ يَذكُر التفاخر الروسي في عام 2000 بأنَّ  لدى البلاد "ضريبةَ دَخْلٍ هي الأدنى في أوروبا"؟ حسناً، فهل نسينا ذلك الآن!
لقد طُرحت إمكانية رفع سن التقاعد وذلك من أجل التعامل مع العجز في صندوق معاشات التقاعد في ربيع 2010. بالطبع، كانت فكرة زيادة متوسط العمر المتوقَّع أمراً من الأفضل تجاهُلُهُ.
إنَّ العجز في صندوق التقاعد ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه روسيا في هذا المجال. فنظام التوزيع الحالي (والذي بموجبه تُستخدَم مساهمات أولئك الذين هم في الوظيفة في دفع المعاشات التقاعدية للذين هم في التقاعد) يعني بكل بساطة أنه من المستحيل لمعاشات التقاعد أن تكون على مستوىً لائق. ولكن يمكن تحقيق ذلك فقط عندما تكون نسبة الموظفين الذين ما يزالون يمارسون مهامهم على نسبة المتقاعدين 3 : 1 (ثلاثة على واحد). بيد أنَّ النسبة في روسيا اليوم هي 1,7 : 1، ومن المتوقَّع أن تنخفض إلى 1 : 1 ما بين عامي 2020 و2030 بما أنَّ السكان سيشيخون لا محالة. 
إنَّ الوضعَ يمكن إنقاذه من خلال انتقالٍ سريعٍ وفاعل إلى برنامج ادخار، وهذه المخططات موجودة في جميع الدول المتقدِّمة في الغرب وأثبتت أنها فاعلة جداً. فهناك يتم إنشاء صناديق التقاعد ويتم استثمارها، مشكِّلةً كُتَلاً مالية ضخمة. ففي سويسرا، على سبيل المثال، راكَمَ الصندوق مبالغَ وصلت إلى 122% من الناتج المحلي الإجمالي. وفي هولندا وصلت إلى 130% من الناتج المحلي الإجمالي، بل وحتى في المملكة المتحدة وصلت إلى أكثر من 70%.
أما عن حجم تراكم واستثمار صناديق المعاشات في روسيا فيبلغ 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
إنَّ إنشاء نظام ادخارٍ هنا أسفر عن فشلٍ ذريع وغَرَقٍ في بحرٍ من الكلام الفارغ والتخريبي. لقد كان ميخائيل زورابوف واحداً من الشخصيات الرئيسة المسؤولة عن هذا الفشل، وهو مع ذلك مفتونٌ بنفسه، وقد أصبح حالياً سفير روسيا في أوكرانيا.
في عام 2009 لجات السلطات إلى الإحتيال الصريح في محاولةٍ لملء الصندوق: فلقد تمَّ الإعلان عن برنامج دعم الدولة لمدَّخرات المعاشات بحيث أنَّ الأشخاص الذين ساهموا في صندوق التقاعد بألف روبل (31 دولاراً) من رواتبهم ستقوم الدولة في مقابله بإضافة ألف روبلٍ آخر إليه (أي 12 ألف روبل في السنة كحدٍّ أقصى). لقد بدا هذا أمراً جيداً جداً بالنسبة إلى غير العارفين.
ومع ذلك، لو أنَّ آلاف الروبلات التي ساهم بها الموظَّفُ أُوْدِعَتْ في حسابٍ مصرفي فإنَّ المال المجني من ذلك ممكن أن يكون ضعف المبلغ المجني من خلال مخطَّط "تمويل الحكومة المشترَك"!(*) إنَّ أولئك الذين انضموا إلى المخطَّط فقدوا ببساطة مئات الآلف من الروبلات وكلَّ شيءٍ حَلُمُوا به لكي نجعل الناس يدفعون ألفَ روبلٍ في الشهر لصندوق التقاعد وذلك لتُساعد بها إلى حدٍّ ما.
________________________________________
(*) المصدر: الوصف المفصَّل للغش في هذا المخطَّط مكتوبٌ في مثالٍ بعنوان "مَنْ يشارك في تمويل مَنْ؟"، والتي ظَهَرَت في صحيفة "فيدوموستي" يوم 11/ 6/ 2009.
________________________________________
إنَّ كلَّ ما ذكرناه أعلاه يأتي إلى جانب الفساد في الصندوق نفسه. ففي أواخر عام 2008 اتُّهم رئيسُ صندوق التقاعد السباق جينادي باتانوف بإساءة استخدام السلطة ما أدى إلى فقدان الصندوق أكثر من 43 مليون روبل (1,343 مليون دولار). وفي العام التالي جرت سلسلة من الإعتقالات في الإدارات الإقليمية لصندوق التقاعد بتُهَم الفساد.
وهكذا، وبدلاً من معاشاتٍ لائقة، بتنا نَشْهَد: إصلاحاً لفشل التقاعد، ونظامَ تقاعُدٍ يعاني نقصاً في التمويل، ومعاشاتٍ هزيلة، وصندوقَ تقاعدٍ فاسدٍ بكل معنى الكلمة.
تلك هي النتائج الحقيقية لما انتهى إليه عَقْدٌ من البوتينية [2000 – 2010] في ما يتعلَّق بمعاشاتنا التقاعدية.

الفصل التالي:
الفصل السابق:



















 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق